لسنوات طويلة، افتقد 1500 سائق شاحنة في مرفأ بيروت إلى أدنى الحقوق، بدءاً من ساعات العمل الطويلة، مروراً بتهديدات يومية بالصرف، وليس انتهاءً بضعف الالتزام بمعايير السلامة المهنية. غير أن الرواتب «الجيدة» قبل الأزمة (بين 1000 دولار و1200 دولار) كانت «تصبّرهم»، قبل أن تصبح اليوم بين 300 و600 دولار، ورغم ذلك، يقول أحد السائقين: «لا يريدوننا أن نعترض»، وإلا «فليبحثوا عن صاحب عمل أفضل»، وفق ما قال رئيس نقابة مالكي الشاحنات في مرفأ بيروت عيد ضو لـ«الأخبار».ويقول سائقون إنه هناك أكثر من 150 مشغّلاً للشاحنات بين شركات ومكاتب النقل والعمل الفردي، لكن هناك «حيتاناً تحكم المرفأ وتتحكّم بالعمال والأجهزة الأمنية». ورغم أن حقوق العمال هي المهدورة، أنشأ أصحاب الشاحنات نقابة للتشاور واتخاذ قرارات جماعية، فيما لا يزال الطلب الذي تقدّم به السائقون لإنشاء نقابة «ضائعاً في وزارة العمل عام 2016»، بحسب السائق محمد القرص.
جرّب السائقون أكثر من طريقة لانتزاع حقوقهم من الإضراب عن العمل والاعتصامات وزيارة المعنيين من دون نتيجة. في المؤتمر الصحافي الذي عقده الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان واللجنة التأسيسية لنقابة السائقين في مرفأ بيروت، الإثنين الماضي، فنّد رئيس الاتحاد كاسترو عبدالله معاناة السائقين المتمثّلة بـ«العمل بين 14 و16 ساعة يومياً من دون بدلات إضافية، وحرمان من بدلات النقل وتقديمات المدارس والإجازات السنوية والتأمين الصحي، وعدم تسجيل بعضهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي»، مشيراً إلى «أننا تقدّمنا بشكوى إلى الضمان للتفتيش في مخالفات شركات النقل في مرفأ بيروت وبقية المرافئ من دون نتيجة». كما يفتقد سائقو الشاحنات لشروط السلامة المهنية، لا سيما بعد ارتفاع كلفة صيانة الشاحنات والآليات، ما يجعلهم عرضة يومية للحوادث والانزلاقات. وأشار إلى أن ما يزيد من هشاشة سائقي الشاحنات هو عدم الاستقرار الوظيفي والصرف التعسفي، وانتهاج سياسة «كمّ الأفواه»، إذ يمتنع السائق عن اللجوء إلى النقابة لتقديم شكوى ضد صاحب العمل لأنه «يجد كارتيلاً في وجهه يضع فيتو على توظيفه في شركة نقل أخرى»، كما يقول عبدالله.
كذلك يشكو السائقون من منافسة العمالة السورية، «فمقابل كل سائق لبناني هناك 5 سائقين سوريين»، بحسب ضو، رغم أنه لا يحق للأجنبي قانوناً مزاولة مهنة قيادة الشاحنات في المرفأ. ويلفت القرص إلى أن السائقين السوريين «يحصلون على تصاريح من الأمن العام لدخول المرفأ كعتالين وعمال تنظيفات». فيما يشير ضو إلى أنه «لا خيار أمامنا غير السائق السوري لأن اللبناني لا يصبر مثل السوري على ظروف العمل، ولا سيما لجهة الانتظار ساعات لتخليص المعاملات». أما ظروف العمل الصعبة، فيؤكد ضو أنها «مبالغات، خصوصاً في ما يتعلق بدوام العمل الطويل، فبعد تدهور الأوضاع الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت والحرب في الجنوب تراجع العمل بدرجة كبيرة».