كغيرها من الأقضية، لم يكوّن القطاع الاستشفائي في قضاء كسروان «مناعة» لمواجهة الأزمات التي تعصف به. 7 مستشفيات يضمّها القطاع تشترك اليوم في المعاناة: النقص في كل شيء، من أدوية إلى مستلزمات طبية إلى مستحقات بالليرات عالقة في المصارف، وأخرى لم تتقاضاها وباتت اليوم بلا قيمة. وكما في مناطق أخرى، يستحوذ القطاع الخاص على مجمل المستشفيات، حيث توجد 6 مستشفيات هي الـ KMC (مركز كسروان الطبي) وسيدة لبنان (جونية) والقديس جاورجيوس والحاج والسان لويس في المعاملتين وباستور، ويضاف إلى هذه «العائلة» مستشفى فتوح ــــ كسروان في منطقة البوار.مع ذلك، لا تبدو أوضاع هذه العائلة على ما يرام، فالعام الماضي شهد إقفالاً قسرياً لمستشفيين، هما مستشفى سيدة لبنان الذي أقفل أبوابه في 15 نيسان 2020 تحت تأثير الأزمة الاقتصادية وتداعيات ارتفاع سعر صرف الدولار، قبل أن يعود بـ«مساعدة مالية» من بعض السياسيين. وقبل أن تنتهي أزمة سيدة لبنان، حلت أزمة مستشفى باستور الذي أقفل هو الآخر لعدة أشهرٍ، قبل أن يعاد تشغيله بسبب الحاجة إليه في ظل أزمة كورونا، بعشرة أسرّة في كانون الثاني الماضي، قبل أن تُرفع قدرته الاستيعابية في الفترة الأخيرة.
العام الماضي شهد إقفالاً قسرياً لمستشفيين تحت تأثير الأزمة الاقتصادية


في كسروان، تسير كل المستشفيات في درب واحدة، فليست أزمة المستشفيين السابقين عابرة أو استثنائية، بل تنسحب على كل المستشفيات. فحتى مركز كسروان الطبي، يعتبر أكبر المستشفيات وأكثرها تطوراً، يعاني اليوم من وطأة الأزمة. وفي هذا السياق، نبّه المدير التنفيذي في المركز أنطوني باسيم إلى أن «مخزون المواد والمستلزمات الطبية لم يعد كافياً»، محذّراً من أنه «رغم تقديم كل الخدمات الطبية حتى الساعة، إلا أنه إذا بقي الوضع على ما هو عليه، فلن نتمكن من الاستمرار في تقديمها طويلاً». اليوم، يعمد المركز، الذي يضمّ 80 سريراً ويدخل إليه شهرياً حوالى 250 شخصاً للاستشفاء، إلى اعتماد سياسة الأولوية، وفق الحالات الطارئة للمرضى في الفحوصات والعلاجات، بسبب النقص في بعض المواد المستخدمة في المختبرات، «فمن يمكنه تأجيل فحوصاته يُطلب منه ذلك». ويؤكد باسيم أن «المركز يعمد إلى استهلاك المواد الطبية بطريقة متّزنة ومنظّمة لكي تكفي لأطول وقت ممكن، وخصوصاً أن كمية المواد والمستلزمات الطبية التي يتسلّمها من الشركات المستوردة أقل بكثير من الكميات التي يطلبها». مع ذلك، يخاف باسيم، كما غيره، من الوصول إلى المرحلة الأسوأ: رفع الدعم، عندها «مش بس نحنا رح نتعثر، رح يتعثر المريض كمان».
لا تختلف حال مستشفى الحاج ــــ عشقوت، الذي يقع في أعالي قضاء كسروان، عن البقية، فحتى في عزّ انتشار جائحة كورونا، بقيت أقسام من هذا المستشفى غير مستخدمة ومقفلة أمام المواطنين بسبب غياب التمويل، وهو يعاني اليوم نقصاً في المستلزمات الطبية وأدوات التعقيم. أما مستشفى البوار الحكومي الذي أعادته أزمة كورونا إلى دائرة الضوء، فإنه «مش ماشي الحال»، على ما يقول بعض العاملين، إذ إنه غير مجهّز بأقسامٍ طبية تبدو الحاجة ماسّة إليها في ظل الأزمة المالية، وخصوصاً أن معظم المرضى باتوا يتّجهون نحو الحكومي» بسبب الأكلاف.
«ليس بخير»، هي الخلاصة التي يمكن الخروج بها في وصف حال القطاع الاستشفائي في كسروان والذي بات على حافة الانهيار. فهل من يسمع وينقذ أكثر من 200 ألف نسمة من المعاناة؟