غريب أمر السوريين! مازالوا يصرّون على التوقّف ولو بشكل عابر عند مؤسسة متهاوية مثل «نقابة الفنايين» ليس بفعل القوانين القديمة التي تحكم طبيعة عملها، إنما بذريعة النقيب زهير رمضان أو «رئيس الكركون» كما يحلو لبعض المهتمين بالدراما السورية والعاملين فيها تسميته، نسبة لدوره في المسلسل سيّء الذكر «باب الحارة» (بسّام الملا)... خاصة أنه يجسّد روح هذه الشخصية في طريقة شغله النقابي! منذ سنوات والرجل يدير مؤسسته بأسلوب رجل أمن، أبهى أحلامه أن يحقق أكبر قدر من الاعتقالات ربما! بعد كلّ ما فعله في المكان المخصص للدفاع عن الفنان السوري، من قمع، وفصل، وإقصاء لنجوم البلد... سبقها تحويل مبنى النقابة لما يشبه الثكنة العسكرية! تواكب كلّ ذلك صيغ استعلائية من «التشبيح الفني» التي ينتهجها رمضان منذ تسلّمه مهام النقيب قبل أكثر من ست سنوات. مرّة يقدم على فصل تيم حسن وباسل خيّاط وجورج وسّوف، وأخرى يدلي صراحة بأنه زرع حنطة، فحصد نجاحاً في الانتخابات الأخيرة، رغم أن الأمر كان مجرّد استغلال لفجوات القانون الانتخابي، وسيطرة واضحة على مجالس فروع المحافظات والقائمين عليها، وبعدها يتهّم كاريس بشّار بأنها لم تحصّل الشهادة الثانوية إلا بعد عمر الأربعين لمجرّد أنّها قالت بأنه لو صار فادي صبيح نقيباً، ستنتسب للنقابة التي لم تفكّر يوماً في الاقتراب منها. أما آخر تحريراته، فلن تكون أبعد من استلهام صريح من أحد أدواره! هذه المرّة يستوحي من شخصية «سليل الإقطاع- مختار البيسة» («ضيعة ضايعة» لممدوح حمادة والليث حجو) الذي أفاق على حلم أن تصبح «إم الطنافس الفوقا» عبارة عن هوليوود نظيفة بذريعة تعميم إرشادي يمنع على الفنانين التحدّث على الهاتف النقّال أثناء المشهد، والابتعاد عن التدخين إلا وفق «الظروف الضاغطة» كما جاء في التعميم الأحجية. ولم ينس السلامة المرورية، وضرورة وضع الحزام قبل قيادة السيارة في المشهد! القرار منح فرصة سخرية السوشال ميديا المتواصلة منذ صدوره قبل أيّام حتى الآن، وفي حال تجاوزنا الأسلوب الركيك الذي كتب فيه، على اعتبار بأن نقابة فناني سوريا هذه الأيّام لم تعد تملك شخصاً واحداً قادراً على صوغ بضع جُمَل بمنطق سليم لغوياً وجذّاباً للقارئ، فإنه من الممكن الاحتكام لوجهة نظر الممثلين السوريين في هذا التعميم، الذي يشبه مزحة سمجة يرويها شخص مربك لا يتذكر تفاصيل طرفته أصلاً.أولاً اتصلنا بالنجم ميلاد يوسف لنسجّل رأيه، فضحك طويلاً قبل أن يختصر حديثه بجملة مؤلفة من كلمتين: «غير مهم» كأنه يقول بأن القرار لا يساوي ثمن الحبر الذي كتب فيه، وهو فعلاً كذلك! أما لو حاولنا تعقّب رأي فنان أسهم في تأسيس هذه النقابة، كما أسس مع زملائه «مهرجان دمشق المسرحي» وكان من أوائل الممثلين الذين عملوا في الدراما التلفزيونية السورية وهو أسامة الروماني، فإنه يقول لنا: «لا أوّد الدخول في هذه السجالات. طالما لم أرغب يوماً أن أصيب النقابة بأي شيء لأنني أعتبرها بمثابة بيت وعائلة ووطن صغير. لا يجوز مساسها بشيء. كل يوم هناك إمكانية تصدير قرار جديد. طيب، هل علينا أن نقف عند كلّ فرصة لنرى أصحاب هذه القرارات إن أصابوا أو أخطأوا؟! ها غير معقول».
من ناحيته، يفضّل النجم فادي صبيح عدم التعليق لعدى الجدوى من ذلك. يطلب النجم محمد قنوع البحث عن صورة للنقيب زهير رمضان في أحد مشاهده، وهو يدخّن الأركيلة لتكمل صورة التناقض المدهش ثم يضيف: «عندما يصدر أي قرار من أي جهة ويجابه بالسخرية من الجمهور، فهذا بمثابة دليل قطعي بأن القرار يحتوي على شيء يستأهل هذا التهكّم. بغض النظر عن القرار الصادر عن مجلس النقابة المركزي، أعتقد أن ما جاء فيه في ما يخص قيادة السيارة والتحدث على الهاتف أو وضع حزام الأمان، يندرج تحت اختصاصات الإدارة العامة للمرور، وقسم الارشادات والتوعية تحديداً، وأما في ما يخص موضوع التدخين، فهو من شأن وزارة الصحة. ثم عن الضرورات الدرامية التي تبيح هذه المواضيع، يخطر في بالي سؤال: ترى من سيحدد هذه الضرورة الدرامية هنا؟ لذا يجدر القول من يريد إصدار قرار كهذا أن يكون صارماً بقراره، لا يرمي كلاماً جزافياً وفضفاضاً. علماً أن بعض البلدان تقدّم دراما هامة جداً وتمنع التدخين خلالها» يشرح مدير شركة abc للإنتاج الفني ويضيف: «الأجدر بهذا المجلس أن يستنبط طرقاً لتحسين ورفع مستوى الدراما، والبحث عن سبل تسويق الاعمال المحلية عربياً أو عالمياً من خلال العلاقات التي يجب على المجلس الموقر أن يتمتع بها، ثم عليه أن يبحث عن طرق كثيرة لتحسين وضع النقابيين ورواتب المتقاعدين قبل أن يصدر مثل هذه القرارات التي تتحول سريعاً لمادة ساخرة على الفايسبوك»