كثيرة مجالات استهلاك الزعتر. وإن كان الجزء الأساسي منه يذهب للاستهلاك يابساً، حيث يمثل مكوناً أساسياً من المؤونة في قرى الضنية وعكار. إلا أن هذا النوع اليابس المطحون لا يحتوي على قيمة غذائية كبيرة كما الأخضر. مع ذلك، يشكل إلى جانب زيت الزيتون أهم المأكولات بقيمته الغذائية وبأمانه الصحي، ويُعَدّ من المأكولات اللذيذة بعد خلطه مع السمسم والسماق، ومع أنواع أخرى من المكسرات. وهو خلافاً لمعظم الأطعمة، خصوصاً الألبان والأجبان واللحوم، مُعفى من مدة الصلاحية، ولا يستوجب حفظه سوى تجنيبه الرطوبة. علماً بأن «تحويجه»، أي إضافة السمسم والسماق والمكسرات (بحسب الرغبة) لا يكون إلا بمقادير محددة قابلة للاستهلاك في مدة قصيرة. وغني عن البيان أنه المادة الأساسية في الأفران لصنع المناقيش، «الترويقة» المفضلة بالنسبة إلى الكثيرين. غير أن درجة الجودة والأمان تختلف بين الأفران، سواء بالنسبة إلى المواد المضافة إليه من سماق وغيره، أو بالنسبة إلى نوع الزيت المستخدم. أما الزعتر الأخضر، وخصوصاً بعدما قلّ وجوده في الطبيعة، فبات استهلاكه مقتصراً على الطبقات المتوسطة والميسورة إلى حد بعيد. كذلك فإنه يُعَدّ من ضمن تشكيلة الحشائش إلى جانب النعناع والروكا وغيرهما من المقبلات البديهية على طاولات المطاعم. ويقدم الصعتر الأخضر طازجاً، كما يمكن تقديمه مكبوساً بالملح والخل.
ومثلما يمكن جمعه من الطبيعة أو زرعه بقصد التجارة، يمكن زرع بعض شتلات الزعتر في وعاء أمام المنزل أو على الشرفة. أبو خليل نعوس من مزارعي بلدة إدره، الذي لم يخل بستانه من «مشتلة للزعتر»، علماً بأن الشتلة، بحسب الرجل، تعيش قرابة ست سنوات قبل استبدالها بأخرى، تكون قد نبتت تحتها بسبب تساقط البذور القديمة. لذلك، يرى أبو خليل أن قليلاً من الزعتر الأخضر لا غنى عنه مع ترويقة اللبنة والزيتون، أو مع صحن البطاطا، بل مع أي طعام آخر. ويرى أيضاً أن صحن الفتوش لا يمكن أن يكتمل من دون أن يضاف إليه «كم عرق» منه.
وعلاوة على ما يشيعه في الهواء من روائح زكية، باعتباره من النباتات العطرية، فإن الأهم من ذلك، وفق أبو خليل، هو «شراب الصعتر الذي يجري سحبه على الكركي». أما بالنسبة إلى استعمالاته، فيقول الرجل الذي ورث حرفة استخراجه أباً عن جد، إنه «دواء شافٍ للأمراض المعوية كلها، فملعقة واحدة منه تزيل الوجع، إيد بإيد». وهذا ما أكدته اختصاصية التغذية زينة العلي من بلدة حلبا التي أضافت أن لـ«ماء الزعتر المركّز» فوائد كثيرة؛ فهو مطهّر فعال للجهاز الهضمي ويزيل الانتفاخ والغازات، ويساعد أيضاً في علاج التهابات المجاري التنفسية، وهو مسكّن فعال في حالات التهاب اللثة وأوجاع البلعوم.