بدأت الجامعات التي تعتمد نظام الأرصدة استعداداتها للفصل المقبل (الربيع)، وانطلق بعضها في فتح موعد التسجيل. وفيما يسجّل الطلاب صفوفهم إلكترونياً، اشتكى بعضهم من بعض المشكلات التي يواجهونها في التسجيل
أحمد محسن
إنه منتصف الليل. الآن، يمكننا أن نتابع سهرة الطلاب «الممتعة» على أبواب تسجيل الصفوف في الجامعات التي تعتمد نظام الأرصدة. السهرة هذه المرة ليست في الجميزة، ولا في وسط العاصمة، أو في أي مكان آخر. لا يمكن أن تكون إلا في المنزل، أو في أحد مقاهي الإنترنت. ببساطة، يجب على الطلاب أن يتسمّروا أمام الشاشات، لتسجيل صفوفهم، واختيار المواد «أونلاين». التسجيل يبدأ في منتصف الليل، وفي هذا التوقيت «يهاجم» الطلاب الشبكة. في المبدأ، يبدو الأمر سهلاً، ومن شأنه إنجاز المعاملات الإدارية الروتينية بطريقة متطورة. لكن هذا الأمر لا يتم كما ينبغي، بشهادة عدد كبير من الطلاب. فالعدد المطلوب محدد في الصفوف، قد لا يتخطّى خمسة وعشرين طالباً أحياناً، وأربعين في أحسن الأحوال.
نانسي، طالبة في الجامعة اللبنانية الدولية (LIU)، تأخرت شهراً كاملاً بسبب الإنترنت. لم توفّق في تسجيل الصف المطلوب «أونلاين»، بسبب الضغط الهائل على الشبكة في اللحظات الأولى التي يبدأ فيها التسجيل. ثمة من أخذ مكانها. أكثر من ذلك، حاولت أن تجرب صفاً آخر في توقيت مختلف، رغم ابتعاد موعده عن الصفوف الأخرى التي سجلتها، إلا أنه صف أساسي (Major)، وتخطّيه أمر ضروري للانتقال إلى صفوف أخرى. لم توفّق حتى في ذلك، وضاع العام الدراسي. وفي الجامعة اللبنانية الدولية أيضاً، واجه حسن مشكلة أخرى، في أثناء تسجيله. لم يجد صفه على موقع التسجيل من الأساس. لفت الطالب إلى أن الجامعة حاولت تفهم موقفه، وأنها اعترفت بإمكان حصول أخطاء في النظام الإلكتروني، لكن، في المقابل، اعتذر إداريّوها منه، طالبين منه الانتظار إلى الفصل الآتي. هكذا، انتظر عاماً كاملاً ليتخرّج.
ربما، يحصل الأمر نفسه في جامعات أكثر عراقة. هذا ما أكده فارس، طالب علوم الحاسوب في الجامعة الأميركية في بيروت. أمضى فارس ليلته وهو يحاول الاتصال بالموقع الإلكتروني للجامعة، لعلّه يقتنص مقعداً في صف يناسب دوام عمله، لكن «الكونّكشن» لم يسعفه. الطالب القوي لحظة التسجيل هو صاحب «الكونّكشن» السريع. برأيه هذه هي المعادلة إذاً. ومنذ ذلك الوقت، بات فارس يلجأ إلى مقاهي إنترنت تتوافر فيها سرعة اتصال عالية، كي يسهل عليه «اصطياد» المقعد قبل الآخرين. لمى الطالبة في الجامعة نفسها، عاجزة عن القيام بالأمر ذاته. لا تستطيع الخروج في هذا الوقت المتأخر من المنزل، وفي هذه الظروف، تبقى عالقة تحت رحمة الشبكة. لا تملك خيارات كثيرة، ففي ظل «عولمة» التسجيل الجامعي، الإنترنت هو الطريق الوحيد إلى تسجيل نظام الأرصدة، لأنه، وفقاً لما أكّده أحد الإداريين في واحدة من تلك الجامعات، لا يمكن تسجيل هذا العدد الكبير من الطلاب بيروقراطياً، فذلك يتطلّب وقتاً طويلاً، إضافة إلى احتمالات حدوث زحمة في صفوف معينة، تفسد الجو الأكاديمي المطلوب. أخيراً، انتقلت العولمة إلى جامعة بيروت العربية. لم تكن الجامعة تتبع هذا النظام سابقاً. لكن، بعد اعتمادها نظام الأرصدة، لم تجد الجامعة مفرّاً من اللجوء إلى الإنترنت. محمد، الطالب في تلك الجامعة، رأى أن وجود ضغط على الشبكة في الدقائق الأولى التي تلي بدء عملية التسجيل هو أمر بديهي، مستغرباً الحديث عن تفاقم تلك الظاهرة في جامعات أخرى. محمد سعيد بهذه الطريقة، التي توفّر عليه عناء الوقوف «بالدور»، كما أن تصفّح المواد أسهل إلكترونياً. يجد نفسه أمام حاسوبه النقّال مرتاحاً، بلا مزاحمات أمام لوحات التسجيل، كما كانت الأمور تجري سابقاً. علّق جاد على رأي محمد ممازحاً: «يبدو أنه في السنة الأولى، ولم يواجه أيّ مشكلة حتى الآن». ولجاد وسائله في تخطّي هذه المشكلات. في رأيه هناك حلول

أكّد طلاب في الجامعة الأميركية أنهم يدفعون لطلاب آخرين كي يحجزوا لهم مقاعدهم

دائماً. ورغم الضغط الذي يواجهه طالب الجامعة اللبنانية الأميركية، الذي يبدأ مع لحظة التسجيل، لا يبدو قلقاً. فالطلاب في المراحل الأعلى (senior) مسموح لهم التسجيل قبل طلاب المرحلتين الأولى والثانية، وهو يعرف أصدقاء هناك، يحجزون له صفوفه. الآلية غير معقّدة، وأحياناً، يسجّل بعض الطلاب 15 رصيداً (Credit) فقط، فيما يسمح لهم النظام بتسجيل أكثر من ذلك. جاد يستفيد من ذلك، ويأخذ مادته من الصديق، في المكتبة: «يحدث الأمر في لحظة، تخرج من الصف هي وأدخل أنا»، كما يشرح، معلّلاً ذلك بفترة السماح (5 أيام) التي تسمح الجامعة خلالها بتبديل الصفوف.
وعندما لا ينجح الأمر، فهناك بعض الحلول. جاد متفائل دائماً. يمكن اللجوء إلى عميد الكلية، التي يريد الطالب التسجيل في أحد صفوفها، وتقديم طلب (Add by force)، كما يحصل في معظم الجامعات. بيد أن الأمر ليس مضموناً دائماً، فقد يرفض العميد وقد يقبل، وجاد نجا مرتين، وقبل العميد طلبه، على ورقة موقّعة تسمح بدخوله إلى الصف من خارج النظام الأساسي (التسجيل إلكترونياً). زينة على عكسه، لم توفّق لثلاث مرات، بل إنها، في إحدى المرات، شكت من عميد الكلية «البريطاني الجنسية»، الذي أجبر الطلاب على انتظار انتهاء مكالمته التلفونية لعشرين دقيقة، فيما بقوا بالطابور ينتظرون أن يلقي نظرة على طلباتهم. مشكلة زينب لطيفة، ثمة طلاب آخرون في الجامعة الأميركية في بيروت، أكدوا أنهم يدفعون لطلاب آخرين، كي يحجزوا لهم صفوفهم!


المشكلة في الـ«Server»

يعتقد أغلب الطلاب في الجامعات التي تعتمد نظام التسجيل عبر شبكة الإنترنت، أن معظم المشكلات التي يواجهونها تكمن في سرعة الاتصال بالشبكة (Conection). لكن الأمر ليس كذلك إطلاقاً، كما لفت أحد التقنيين لـ«الأخبار»، إذ إن المشكلة في موقع الجامعة أو جهاز البث الخاص به (Server)، الذي يتّسع لنسبة معينة من الزائرين، مشيراً إلى أن الفرق بين قبول الجهاز للزائرين لا يتخطّى أجزاء من الثانية.