أخيراً... افتُتحت «المحكمة النموذجية» أمس في قصر العدل، وقد أُنشئت بتمويل أميركي. دخلت التقنية الحديثة إلى قاعات دائرة تنفيذ بيروت، في خطوة تسبق مشروع وزارة العدل إنشاء «المدينة القضائية» على مساحة 33 ألف كيلو متر مربع
محمد نزال
«لبّس المكنسة بتصير ستّ النساء»... هكذا عبّر المدير العام لوزارة العدل القاضي عمر الناطور عن دهشته من «الجمال» الذي أصبحت عليه دائرة تنفيذ بيروت ـــــ المحكمة النموذجية، أثناء جولة في قاعاتها أمس، إلى جانب وزير العدل إبراهيم نجّار والسفيرة الأميركية ميشال سيسون، لمناسبة افتتاح المحكمة، وهذا الموعد قد حُدّد قبل 3 أشهر.
لم يكن في الإمكان رؤية قطعة من أثاث المحكمة وعدّتها، أمس، خالية من ملصق عبارة «USAID»، الملصقة على كل قطعة من خزائن الأرشيف الضخمة وصولاً إلى سلة المهملات.
يأتي افتتاح دائرة تنفيذ بيروت في إطار برنامج «تقوية استقلال القضاء ووصول المواطن إلى العدالة»، المموّل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بأكثر من 8 ملايين دولار، الذي بُدئ العمل به أيام الوزير السابق شارل رزق، بحسب ما أعلنت وزارة العدل أمس.
من جهة أخرى، يأتي افتتاح الدائرة القضائية، أمس، في ظل ما أثير خلال الأيام الماضية، في شأن ما قيل عن «تجسس» السفارة الأميركية على الاتصالات في لبنان، بعد طلبها من قوى الأمن الداخلي تحديد أماكن «هوائيات» شركتي الخلوي في لبنان. وفي إطار ما يُحكى عن «تدخل» السفارة الأميركية في عمل المؤسسات الإدارية الرسمية اللبنانية، سألت «الأخبار» وزير العدل إبراهيم نجار عن الموضوع، وعمّا إذا كان الأمر ينسحب على «الهبات الداعمة» التي تقدمها أميركا إلى المرفق القضائي، فأوضح نجّار أن برامج الدعم المشار إليها يعود عهدها إلى مطلع التسعينيات، أي بعد خروج لبنان من الحرب الأهلية. «وفي جميع الأحوال نقول للداعمين والواهبين، شكراً، وكثّر الله خيركم، ولكن لا نقبل أن تملوا شروطاً علينا، من أي نوع كانت». لا يخفي نجّار حسرته لرؤية الأميركيين أو سواهم يقومون بافتتاح إدارات رسمية في لبنان، فـ«عيب علينا أن تكون لدينا جهات مانحة بالأصل، ولكن هذا جزء من الواقع. فكم كنت أتمنى أن يقدم الدعم والهبة لبنانيون، ولا سيما أن ثمة أصحاب ثروات وطائرات خاصة في لبنان قادرين على القيام بذلك».
يجب أن تضجّ المدينة القضائية بالحيوية وأن تقام فيها حفلات فنية وثقافية
في إطار الحديث عن تطوير المرفق القضائي، كشف نجّار لـ«الأخبار» عن مشروع تقدم به إلى مجلس الوزراء يتعلق بـ«المدينة القضائية، التي تمثّل طموحنا الكبير»، حيث يُنشأ مبنى جديد إلى جانب مبنى قصر العدل في بيروت، فتصبح المساحة الكاملة 33 ألف متر مربع. توسعة المكان تمهّد لزيادة عدد القضاة إلى 900 عام 2015، إضافة إلى إنشاء مبنى خاص لمجلس شورى الدولة وكذلك الأمر بالنسبة إلى المعهد القضائي. وينص المشروع على إنشاء مبان لثلاث مديريات، منها مديرية للسجون وأخرى لحقوق الإنسان، مع موقف كبير للسيارات تحت الأرض.
نجّار يريد أن تتمتع المدينة القضائية بالتجهيزات المتطورة والرقمية، وأن تكون مكاناً «يضجّ بالحيوية والحياة، تشبه مدينة الناس، حيث لا يقتصر دور القاعات على المحاكمات، بل يتعداها إلى إجراء الندوات والمحاضرات، بل وحفلات فنية وثقافية». ولفت نجّار أخيراً إلى أن المشروع المقدم يشمل المراكز القضائية في النبطية وبعلبك، حيث تعاني هذه المناطق من «الإجحاف في الحقوق».
في افتتاح دائرة تنفيذ بيروت، أمس، كان للسفيرة الأميركية ميشال سيسون كلمة، فرأت «أن شعب لبنان يستحق نظاماً قضائياً فاعلاً وكفوءاً وجديراً بالثقة، ويعالج القضايا في أوقاتها المناسبة»، مشيرة إلى أن هذا المشروع «لا يمثّل سوى خطوة واحدة مهمة على درب تحقيق هدف تعزيز حقوق الأفراد في مجتمع حر يرتكز على قدرة النظام القضائي الحديث». ورداً على سؤال وجّهته «الأخبار» إليها، عن خلفيات الدعم الأميركي للمرفق القضائي في لبنان، كان جواب سيسون تقليدياً، شبيهاً بكل أجوبة المسؤولين في الإدارة الأميركية حيال هذه المواضيع، فقالت إن أميركا «تقوم بذلك لكي تتمكن الحكومة اللبنانية من خدمة مواطنيها بطريقة أفضل، من خلال تقوية المؤسسات الديموقراطية».


لقطة

أصدرت السفارة الأميركية، أمس، بياناً أشارت فيه إلى أن الحكومة الأميركية تشاركت مع المركز الوطني لمحاكم الولايات في تنفيذ مشروع تجديد وإعادة تأهيل دائرة تنفيذ بيروت ـــــ المحكمة النموذجية التي افتتحت أمس في قصر العدل. ولخّصت السفارة هدفها من دعم مشروع «تقوية القضاء» في لبنان بـ«توفير فرص أكبر لإحقاق العدالة، وتطوير إدارة المحاكم، والتشجيع على التخطيط الاستراتيجي الطويل الأجل للنظام القضائي».
حضر حفل الافتتاح، إضافة إلى الوزير إبراهيم نجار والسفيرة ميشال سيسون، عدد من كبار القضاة، ونقيبة المحامين في بيروت أمل حداد، ونقيب المحامين في الشمال أنطوان عيروط، إضافة إلى مديرة بعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في لبنان دنيز هربول، ورئيسة المركز الوطني الأميركي لمحاكم الولايات ماري ماك كوين ونائبها وليام كاشاك، ومدير المشروع في لبنان فيليب لامارش.