البيسارية ــ آمال خليلالمناسبة: عرض مسرحي تفاعلي «من تحت الدلفة لتحت القانون» تقدمه جمعية خيال للتربية والفنون، إعداد كريم دكروب وإبراهيم أبو خليل الذي يشاركه في التمثيل رجاء شاتيلا وفرح ورداني وجيزيل. العرض يأتي في إطار حملة تشريع حماية النساء من العنف الأسري وأشكال التمييز ضدهن، بدعوة من منظمة «كفى عنف واستغلال» والتحالف الوطني للحملة في إطار جولة المناصرة التي جالت منذ شهر آذار الفائت وحتى اليوم في 16 بلدة ومدينة ومخيماً فلسطينياً في لبنان ويستمر إلى تشرين الثاني المقبل.
المكان: قاعة مركز الخدمات الإنمائية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية في بلدة البيسارية (قضاء الزهراني).
المشهد العام: يتوافد الأهالي إلى القاعة. ومن دون تدخل تنظيمي يحتل الرجال الصفوف الأمامية، فيما تتسلل النساء مباشرة إلى المقاعد الخلفية. يظهر الرجال تضامناً مع النساء المعنّفات ورفضاً لما يتعرّضن له من أقرانهم خلال تقديم عضو منظمة «كفى» فاتن أبو شقرا أهداف العرض المسرحي والحملة الوطنية لتشريع قانون حماية النساء من العنف الأسري في لبنان، حيث يمارس العنف الأسري بنسبة عالية: بيت واحد من بين ثلاثة بيوت. الحذر الذي بدا على وجوه النساء خصوصاً دفع أبو شقرا إلى توضيح أن القانون المزمع إقراره «لا يتعارض مع الدين أو قانون الأحوال الشخصية، بل هو جزء متخصص من قانون العقوبات». لكنها لم تستطع السيطرة على ردود فعلها حول طرح «إنشاء مأوى رسمي خاص بالنساء المعنفات يلجأن إليه هرباً من أزواجهن وأهاليهن الذين يكملون دورة العنف عليهن». تدخل سعاد بيت أهلها مفتتحة العرض المسرحي. جارتها حسانة تساعدها على المشي لأن جسدها قد أثقل بضربات زوجها عليه قبل أن يطردها من بيت الزوجية مع أطفالهما الثلاثة. وفيما تسعى الجارة إلى إبلاغ الدرك لتأخذ حق الزوجة المعنفة، تسارع والدتها أم سعيد إلى لملمة الأمر وإقناع ابنتها بجدوى العودة إلى زوجها لأنها ليست المرة الأولى التي يضربها فيها، متخوّفة من «الجرصة وكلام الناس وردّة فعل والدها». وفيما «كفّى» أبو سعيد على ابنته بالضرب المبرّح لأنها «دفعت بزوجها ليضربها ويطردها وجرّصتنا بين الناس»، لم تفلح حسانة بإقناع الدرك بالتدخل لإنقاذ سعاد من بين يدي وعصا والدها «لأن العلقة لم تصل إلى القتل وليس لهم دخل بالخصوصيات الأسرية»، طالبين منها أن تتصل بهم «إذا ما قتلت».
بعد انتهاء العرض، فتح باب النقاش بقضية العنف الأسري بين الحاضرين والحاضرات. وإذ طالب أحدهم بإثارة العنف الممارس ضد الرجال، رأت سيدة خمسينية أن «ما عرض في المسرحية لم يعد كما كان في عهد أجدادنا»، علماً بأن الحضور كان «يتهامس عن ابنتها العشرينية التي ذاقت العنف على أنواعه من زوجها في أقل من سنة انتهت بأن وافق على تطليقها بعد دفع والدها مبلغاً من المال». سيدة أخرى، دعت إلى توجيه النصح للأزواج الشباب «لأن أزواجنا ما عاد إلهم خلق يضربونا بعد هالعمر». من جهته، لا يستغرب معدّ المسرحية إبراهيم أبو خليل البطء في الاعتراف بحماية النساء من العنف، فقد أثبتت جولة المناصرة في المناطق بأن النساء «أكبر مصدر للعنف عليهن، إما بسبب أسلوبهن الذكوري في التربية أو تستّرهن عليه وتبريره أحياناً».
واللافت، أن الحضور الذي أظهر حماسة في التفاعل مع قضية العرض المسرحي والفواصل التي قدمتها أبو شقرا، لم يهتمّ أو نسي الكثير منهم لدى مغادرته القاعة التوقيع على العريضة المطلبية التي تعمل الحملة على رفعها إلى مجلسي الوزراء والنواب للإسراع في إقرار القانون.


«الكذب على النفس»

الخلاف الذي استجدّ بين مؤيد ومعارض حول وجود ظاهرة العنف ضد النساء أثار نوعاً من التململ بين الحضور الذين يعرف بعضهم عن بعض «التفاصيل الأسرية المستورة» كما قالت إحدى الحاضرات التي انتقدت «ثقافة الكذب على النفس التي ينتهجها البعض». وأشارت إلى أن البلدة كانت قد شهدت مسرحية حقيقية مماثلة قبل عام حينما أقدم أحدهم على ضرب زوجته «بشكل أقسى مما اعتاد عليه «لأنه وجدها تدخّن النارجيلة. ولم يعتقها إلا بعدما سبّب لها كسوراً وأوراماً ونزفاً في أنحاء جسدها أدخلتها في غيبوبة وقبعت في المستشفى لأيام عدة. وبالرغم من أن أهلها تقدموا بشكوى في مخفر الدرك، أدّت إلى سجن الزوج ليومين، إلا أنهم تراجعوا عنها ووافقوا على الصلحة وعودة ابنتهم إليه وضبضبوا الجرصة».