على نقيض من توقعات الأشهر الماضية لجهة تقليص الميزانية الأمنية لمصلحة القطاعات الاجتماعية، قررت تل أبيب، أمس، زيادة ميزانيتها الأمنية بنحو ثلاثة مليارات شيكل (أي ما يوازي 700 مليون دولار)، انطلاقاً من الإجماع الإسرائيلي المتبلور، في أعقاب تغيير البيئة الاستراتيجية للدولة العبرية، وما تحمله من تهديدات لم تكن ملحوظة في السابق. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بعد التصديق على الزيادة، أمس، إنه «بالنظر الى التحديات الكثيرة والتهديدات المحيطة بنا، فإنه سيكون من الخطأ، بل وخطأ كبير، أن نقلص ميزانية الدفاع»، لافتاً الى أن بعض الأموال سيتم توفيرها من خلال ضبط نفقات حكومية أخرى. أما وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، فأشار إلى أن «الميزانية تقلصت بشكل حاد وروتيني على مر السنين»، موضحاً أنه «في عام 1986 كانت ميزانية الدفاع تمثل 17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن النسبة للعام الماضي بلغت نحو ستة في المئة فقط». وأضاف إن «من شأن تقليص الإنفاق المالي الأمني أن يشكل خطراً على الجيش في كل ما يتعلق بالقدرات والتدريب والاستعداد العسكري، لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا».
وفي تفصيل التهديدات، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، الى أن «السبب يرجع الى ما أجمع عليه رئيس الوزراء وجميع وزرائه، فضلاً عن أعضاء الكنيست، وجزء بارز من الجهات الأكاديمية وكبار رجال الاقتصاد بأن الوضع الاستراتيجي لإسرائيل تدهور في السنة الماضية، سواء لجهة تزايد تهديد الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية من سوريا ولبنان وغزة من الناحيتين الكمية والنوعية، أو التزود بمئات الصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات المتطورة في القطاعين». وبحسب «يديعوت»، فإن «الانتفاضات الشعبية في العالم العربي حوّلت الإسلام الراديكالي الى عنصر مهيمن في الشرق الأوسط. وهو ما يدفع القيادة الإسرائيلية الى الاستعداد للسيناريوات الأسوأ في المدى الزمني القريب».
في هذا الوقت، ذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن إسرائيل قررت إسناد مهمة حماية حقول الغاز وعمليات التنقيب الى سلاح البحرية الإسرائيلية تحديداً، بعد نقاش وأخذ ورد إسرائيليين، في سابقة هي الأولى من نوعها، بعدما كان الميل لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يستقر على إسناد المهمة الى سلاح الجو الإسرائيلي، وتحديداً للطائرات من دون طيار، القادرة على التصوير والمراقبة وإطلاق الصواريخ عن بعد.
وأضافت «هآرتس» إن القرار استقر على إسناد مهمة الحماية الى وحدة النخبة في سلاح البحرية الإسرائيلي، «الشييطت 13»، على أن لا يشمل ذلك حصراً حقول الغاز التي تجري عمليات التنقيب فيها، وهي «تمار ولفيتان ويم تيفيس»، بل أيضاً كل موقع جديد. ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن «هذا القرار سيلقي على كاهل سلاح البحرية أعباء إضافية، إذ يستلزم من القطع الحربية الإبحار الدائم بين هذه الحقول ولمسافات طويلة نسبياً»، مشيرة الى أن «التوقعات تشير الى أن هذه المنصات ستكون فريسة سهلة خلال الحرب، ومن المتوقع أن تستهدف بصواريخ، بينها صواريخ ياخونت التي وصلت أخيراً الى سوريا، إضافة الى سيناريوات أخرى، مثل طائرات مفخخة قد تقترب من المنصات وتضربها أو تنفجر فيها».
ووصفت المصادر الإسرائيلية القرار بـ«الاستراتيجي، ويتعلق بالحفاظ على تأمين تدفق الطاقة لإسرائيل، وعدم حدوث أي هزات مقبلة في هذا القطاع، رغم التقدير بأن الكلفة ستكون عالية جداً». وبحسب المصادر، فإن «موضوع المياه الاقتصادية يضاعف مساحة إسرائيل ثلاث مرات، لكنه في الوقت نفسه يثير تهديدات استراتيجية، إذ إن الإضرار بحقول الغاز هو تقريباً سيناريو رعب» بالنسبة إلى إسرائيل.