ويصف محللون معركة سنار بأنها ستكون «معركة كسر العظم» بالنسبة إلى «الدعم السريع» التي تتمرّس في قرى جبل موية، نظراً إلى أن خسارتها إياها تعني التقاء قوات الجيش في سنار بقواته في الفاو، والآتية من شرق البلاد، والانطلاق نحو استعادة ولاية الجزيرة التي استولت عليها قوات حميدتي منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي. وفي هذا السياق، يأخذ أنصار قيادة الجيش عليها تباطؤها في إعطاء الأوامر بالتحرك والهجوم، علماً أن تعزيزات عسكرية وصلت إلى سنار من حامية سنجه وحامية الدمازين الواقعة إلى الجنوب الشرقي منها، أول من أمس، على إثر تسلل عدد من السيارات التابعة لـ«الدعم السريع» من الناحية الشمالية الشرقية للمدينة، والذي أثار الذعر وسط المواطنين. وخرج بعض هؤلاء إلى مدينة سنجة، جنوبي سنار بحثاً عن الأمان، غير أن الأوضاع سرعان ما عادت إلى طبيعتها وعاد الهدوء إلى المدينة، فيما أعلن والي سنار، توفيق محمد، في بيان، أنه «تم التعامل مع السيارات المهاجمة وتدميرها بفضل جهود قوات الجيش والقوى النظامية الأخرى»، نافياً الخبر الذي تمّ تداوله حول سقوط المدينة في يد «الدعم».
يعزو محللون اتساع رقعة الحرب وتمدّدها في الفولة والفاشر وسنار إلى التدخل الأجنبي
وفي الأثناء، تتواصل الاشتباكات بين طرفَي القتال في عدد من المحاور، من بينها مدينة الفاشر التي شهدت قصفاً مدفعياً على الأحياء السكنية من قِبل «الدعم»، فيما ضرب الجيش عدداً من الأهداف التابعة للأخيرة في مدينة بحري شمال الخرطوم. وبالتزامن، تستمر معاناة المواطنين الذين باتوا يفقدون شيئاً فشيئاً الملاذ، حيث تتقلّص خيارات المناطق الآمنة في البلاد؛ ففي ولاية شمال دارفور، التي تشهد عمليات اقتتال لا تنقطع منذ نحو شهرين، نزح معظم سكان مدينة الفاشر التي شكّلت طيلة أشهر الحرب مهرباً لسكان المناطق الأخرى في ولايات دارفور، متجهين إلى منطقة طويلة في شمال دارفور، والتي تشهد استقراراً أمنياً إلى حد ما بعدما فرضت «قوات عبد الواحد نور» سيطرتها عليها، لكنهم يعانون من نقص حادّ في الغذاء والدواء، نتيجة الحصار الذي تفرضه «الدعم» على كل شمال الإقليم. وكانت بدأت موجة النزوح مع سقوط مدينة ود مدني وسط السودان، والتي التجأت إليها نسبة كبيرة من مواطني ولاية الخرطوم، ومنها توزّع جميع السكان إلى ولايات الشمال والشرق، بينما واصل عدد كبير من هؤلاء نزوحهم إلى خارج الحدود. وتكرر السيناريو نفسه في غرب كردفان، حيث تتوالى هجمات «الدعم السريع» على مدينة بابنوسة منذ مطلع العام الحالي. وفيما تمكّنت «الفرقة 22 بابنوسة» (التابعة الجيش) من صدّ تلك الهجمات، جعل القصف المدفعي على الأحياء، المدينة، غير آمنة بالنسبة إلى المواطنين الذين نزحوا إلى الجنوب، حيث مدينة الفولة حاضرة الولاية. غير أن نازحي بابنوسة اضطروا إلى الدخول في مرحلة جديدة من النزوح بعد دخول مقاتلي «الدعم السريع»، الأسبوع الماضي، إلى الفولة واستباحتهم إياها بشكل كامل ونهب ممتلكات المواطنين.
ويعزو محللون اتساع رقعة الحرب وتمدّدها في الفولة والفاشر وسنار إلى التدخل الأجنبي. ويرى المحلل السياسي، عبد الحميد أحمد، أن «بعض التدخلات الأجنبية مباشرة، على غرار التدخل الإماراتي الذي يمد الميليشيا بالدعم العسكري والعتاد، كما يوفّر لها دعماً دبلوماسياً في المنابر الدولية»، مضيفاً أن «الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تتبنّى استهداف المؤسسة العسكرية في السودان وتساوي بينها وبين "الدعم السريع"». ويعتبر أحمد، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «الدول الغربية تهدف إلى إيجاد صيغة أضداد متساوية لخلق حالة من الجمود، بحيث لا يمكن لطرف أن ينتصر على آخر من دون التسبب بدمار البلاد».