من جهته، كشف مصدر دبلوماسي يمني مطّلع، لـ«الأخبار»، أن استدعاء الإمارات ابن مبارك إلى أبو ظبي، الشهر الماضي، كان على ذمة صفقة الشراكة المزمعة تلك، مشيراً إلى أن ابن مبارك الذي ظهر في العاصمة الإماراتية في حفل افتتاح أحد الفنادق التابعة لمستثمر يمني، أراد التمويه بشأن الأجندات الخفية للزيارة. ولفت إلى أن وزير النقل في حكومة عدن، القيادي في «الانتقالي»، عبد السلام حميد، هو من يرأس لجنة التفاوض مع «مجموعة موانئ أبو ظبي»، مؤكداً أن التوقيع على الاتفاقية الغامضة صار تحصيلَ حاصل، إذا لم يتم وقف الصفقة من قبل بعض الموالين للسعودية في الحكومة و«المجلس الرئاسي». وأوضحت مصادر حكومية مطّلعة، بدورها، لـ«الأخبار»، أن محاولات «الانتقالي» السيطرة على «مؤسسة عدن لتطوير الموانئ» قبل شهر، تندرج في إطار التهيئة للصفقة.
وفي تعليقه على ذلك، اتهم رئيس المكتب السياسي لـ«المجلس الأعلى للحراك الجنوبي»، عبد الولي الصبيحي، في تصريح إلى «الأخبار»، الإمارات باستغلال الانقسام السياسي والعسكري والاقتصادي الذي يعيشه اليمن لتحقيق المزيد من المكاسب، أكان عبر الميليشيات الموالية لها التي تسيطر على ميناء بلحاف الذي يُعد أهم ميناء يمني مخصّص لتصدير وتسييل الغاز المسال، أو ميناء الضبة النفطي على سواحل المكلا في محافظة حضرموت، أو موانئ المخا وسقطرى والمهرة، بعد سيطرة الإمارات عبر «الانتقالي» على ميناء قشن الواقع على البحر العربي على سواحل محافظة المهرة شرقي البلاد العام الماضي، بصفقة أبرمتها مع حكومة عدن لاستثمار الميناء لمدة أكثر من 25 عاماً. وحمّل الصبيحي، «المجلس الرئاسي» والحكومة التابعة له، كامل المسؤولية في حال إبرام أي صفقة شراكة مع مجموعة أبو ظبي.
التوقيع على الاتفاقية تحصيل حاصل، إذا لم يتم وقفها من قبل الموالين للسعودية في الحكومة و«الرئاسي»
وتعود ممانعة اليمنيين عودة الإمارات لإدارة موانئ عدن، إلى ممارسات تخريبية قامت بها «شركة موانئ دبي» التي أدارت موانئ عدن خلال سبع سنوات، إذ تخلّت الإمارات عن تطوير تلك الموانئ خلال فترة اتفاقية الشراكة بين عامي 2005 و2012، وتنصّلت من كل التزاماتها والتي قُدّرت بنحو 850 مليون دولار. ووفقاً للاتفاقية، تبدأ المرحلة الأولى من التطوير بكلفة 200 مليون دولار فوراً، وتتلخّص في توسعة مساحة خزن الحاويات في المحطة الحالية، وشراء وتركيب رافعات جسرية ومعدات متحركة لمناولة الحاويات، بالإضافة إلى توريد وتركيب منظومة إلكترونية للمحطة، ورصف ساحة الحاويات بحيث يتم رفع الطاقة الاستيعابية من 50 ألف حاوية إلى 900 ألف حاوية في العام أولاً، وتصميم وإنشاء رصيف بطول 400 متر وبعمق لا يقل عن 17 متراً لاستيعاب سفن الحاويات العملاقة، وتركيب رافعات جسرية ورافعات متحرّكة وقاطرات وكل ما يلزم من آليات ومعدات لمناولة الحاويات، تمهيداً لرفع الطاقة الاستيعابية للمحطة حتى 1.8 مليون حاوية في العام.
كما التزمت «موانئ دبي» بتنفيذ مرحلة التطوير الثانية بقيمة 650 مليون دولار، على أن تبدأ فور وصول الطاقة الاستيعابية للمحطة إلى 70%، وفيها يتم إنشاء رصيف بطول 900 متر بحيث يكون لدى المحطة خمسة أرصفة إضافية بعمق 18 متراً، وكذا تركيب كل الرافعات والمعدّات لتشغيل الرصيف من أجل رفع الطاقة الاستيعابية إلى ما بين 3.5 ملايين و5.5 ملايين حاوية في العام. أيضاً، وعدت الشركة بزيادة مراحل التوسعة بحسب زيادة الحركة، إلا أنها دمّرت كل معدّات الميناء السابقة، ودفعت بعدد من خطوط الملاحة العالمية نحو التوقّف، وطردت عمال الموانئ، ورفضت صرف أي مرتبات لهم. وبعد سبع سنوات، تمّ التفاوض في إسطنبول على إنهاء الشراكة، وذلك تحت ضغط انتفاضة 2011، والتي كان تحرير موانئ عدن أحد مطالبها، لتُعوَّض «موانئ دبي» بـ23 مليون دولار، ويُعلَن فض الشراكة.