مع اقتراب دخول الولايات المتحدة حمأة المعركة الانتخابية، تراجعت بشكل ملحوظ القدرة الأميركية على الضغط على رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، لوقف الحرب على قطاع غزة. وهذا ما يفسّر تحميل وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، حركة «حماس» مسؤولية تعطيل المفاوضات، وموافقة عضوَي كونغرس بارزيْن على التخلي عن معارضتهما لصفقة سلاح أميركية ضخمة لإسرائيل قيمتها 18 مليار دولار، تحت ضغط من إدارة الرئيس جو بايدن. وإذ أكّد بلينكن، في مؤتمر صحافي في واشنطن، مع الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي»، ينس ستولتنبرغ، أن «أميركا لا تزال تحاول تضييق الفجوات في محادثات وقف إطلاق النار» إلا أنه ألقى بالمسؤولية في تعطيل المفاوضات على «حماس»، قائلاً إن «الحركة تواصل رفع سقف مطالبها».وتفتح هذه التصريحات الأميركية، الباب أمام نتنياهو لمواصلة الحرب الوحشية على غزة، حتى من دون هدف قابل للتحقيق، أو اشتراط وضع خطة لليوم التالي للحرب، وفق ما كانت تطالب به واشنطن خلال الأسابيع الماضية. وعلى رغم فشله في تحقيق أي منجزات سياسية في الحرب، بل والاتجاه نحو الغرق والاستنزاف في القطاع، ما زالت شهية نتنياهو مفتوحة على التصعيد، وهو ما تأكّد من جديد بتطورين، تمثّل أولهما في إعلانه أن بلينكن وعده بإلغاء القيود على إمدادات الأسلحة، والثاني في دعوته ذوي الأسرى الذين قُتلوا في غزة إلى اجتماع في مكتبه، وهو الذي رفض أكثر من مرة استقبال ذوي الأسرى الأحياء. وقال نتنياهو، في بيان، إنه «من غير المعقول أن تحجب الإدارة الأسلحة والذخائر عن إسرائيل»، مضيفاً أن بلينكن أخبره بأن الإدارة تعمل «ليلاً ونهاراً» لإلغاء مثل هذه القيود. وتابع: «امنحونا الأدوات (اللازمة) وسننجز هذه المهمة بصورة أسرع بكثير».
نتنياهو يسعى لاجتذاب ذوي الأسرى القتلى ضد أهالي الأحياء


وبالفعل، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن النائب الأميركي الديموقراطي، غريغوري ميكس، والسناتور الديموقراطي، بن كاردين، وافقا على دعم صفقة كبيرة لبيع أسلحة إلى إسرائيل تشمل 50 طائرة مقاتلة من طراز «إف-15» تبلغ قيمتها أكثر من 18 مليار دولار. وقالت إنهما وقّعا على الصفقة تحت ضغط شديد من إدارة بايدن بعد أن أوقفا عملية البيع لعدة أشهر. وفي المقابل، أكّد بلينكن أن «أميركا لا تزال قلقة إزاء استخدام قنابل تزن 2000 رطل في مناطق مأهولة من قطاع غزة».
في هذا الوقت، وفي ما بدا رداً على ضغط الشارع المتصاعد، والذي يطالب بإتمام صفقة تبادل مع «حماس»، دعا نتنياهو أقارب الأسرى القتلى في غزة إلى لقاء في مقر إقامته، حسب ما نقلت وكالة «فرانس برس»، أمس، عن عدة عائلات تلقّت مثل هذه الدعوة.
وما دامت الدعوة مقتصرة على ذوي الأموات، فإن التفسير الأقرب لها، هو أنه يريد إقناعهم بأنه ليس لهم مصلحة في تبادل سريع على اعتبار أن أقاربهم قد ماتوا، وبالتالي كسْبهم إلى جانبه في مواجهة الضغوط التي يرتّبها عليه ذوو الأسرى الأحياء لإنجاز تبادل بأي ثمن. وتأتي تلك الخطوة بعد تظاهر أكثر من 150 ألف إسرائيلي في القدس، للمطالبة بإتمام صفقة تبادل الآن وإجراء انتخابات مبكرة.
ورداً على التظاهرة، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مفاوض إسرائيلي لم تذكر اسمه أن «ثمة العشرات من الأسرى الذين لدينا تأكيد على أنهم ما زالوا على قيد الحياة، وأن إسرائيل لا يمكن أن تقدّم التزاماً بوقف الحرب إلا بعد التوقيع على اتفاق يضمن عودتهم جميعاً، لأنه في المرحلة الأولى هناك فقرة تنص على أن نجري محادثات حول المرحلة الثانية. والمرحلة الثانية هي التي تتضمّن إطلاق سراح الرجال من الجنود وغيرهم». وأضاف: «لا يمكننا تركهم هناك لمدة طويلة، سيموتون»، موضحاً أن الغالبية العظمى منهم «محتجزون لدى حماس في غزة». وتابع أن الفريق المفاوض أُعطي الضوء الأخضر للقبول بمقترح بايدن، لكنّ الحكومة لم تقر ذلك علناً، مشيراً إلى «أننا ننتظر أن تقول حماس نعم».