غزة | على الرغم من انتهاء جولة القتال الأحدث بين العدو الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، إلّا أن الأخيرة ستسعى إلى استكمال ردودها على جريمة اغتيال الشيخ خضر عدنان، سواء في ساحتَي الضفة أو الداخل المحتلّ، خلال الفترة المقبلة. وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر في المقاومة، فإن المباحثات تواصلت حتى فجر أمس، بين حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» من جهة، والوسيط المصري من جهة أخرى، لوقف عمليات إطلاق القذائف الصاروخية من القطاع تجاه مستوطنات «الغلاف»، في مقابل إنهاء الاحتلال عدوانه على غزة وعلى الأسرى في السجون، وهو ما أثمر وقفاً متبادلاً لإطلاق النار عند الساعة الخامسة والنصف فجراً. لكن المقاومة أكّدت للوسطاء، بحسب المصادر نفسها، أن الردّ على الجريمة سيتواصل في الساحات الأخرى، وخاصة في الضفة والداخل، وأن ما ارتكبه العدو بحقّ الشهيد عدنان «لن يتمّ تمريره أو السكوت عليه»، مضيفةً إن «ما جرى في قطاع غزة تأكيد للحق الأصيل في الردّ على جرائم الاحتلال من جميع الساحات». وتشير المصادر إلى أن «المقاومة ثبّتت معادلة الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين، وحذّرت من أنه لا يمكنها الاستمرار في الصبر على جرائم الاحتلال بحقّهم، ونبّهت إلى أن مزيداً من هذه الجرائم سيكون كفيلاً باشتعال معارك جديدة». وتَعتبر أن «المقاومة أفشلت، من خلال الردّ الموحّد عبر غرفة العمليات المشتركة، مخطّط الاحتلال لتكرار عملية الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي»، مضيفةً إن «ما حدث عقّد من خيارات حكومة الاحتلال وجعل ردودها على إطلاق الصواريخ غير كبيرة». وفي الاتّجاه نفسه، رأى رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في تصريح أمس، أن المقاومة «رسّخت من خلال الجولة الراهنة حقيقة كونها الرصيد الاستراتيجي لشعبنا وأسرانا ومقدّساتنا، من خلال أدائها الموحّد والذي كان جاهزاً لكلّ الاحتمالات في مواجهة العدو»، فيما أشار القيادي في «الجهاد»، خالد البطش، إلى أن «الردّ المنسَّق من قِبَل المقاومة حمل عناوين كثيرة، أبرزها وحدة الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية والشعب والأرض والقضية وحماية المقاومة للأسرى، فهي لن تسمح للعدو بالاستفراد بهم ولن يُتركوا وحدهم». ومنذ استشهاد الأسير عدنان وحتى صبيحة أمس، أطلقت المقاومة الفلسطينية 104 صواريخ باتجاه مستوطنات غلاف غزة ومدينة عسقلان، فيما أعلنت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة المسؤولية عن الردّ على جريمة اغتيال الشيخ. في المقابل، قصفت قوات الاحتلال العديد من مواقع المقاومة داخل القطاع، وهو ما أدّى إلى استشهاد المواطن هاشل مبارك (58 عاماً) من سكّان شمال مدينة غزة، وإصابة 5 مواطنين آخرين بجروح متفاوتة. وبالتزامن مع تصدّيها لهذا العدوان، أبلغت الفصائل الوسطاء ضرورة تسليم جثمان الشهيد عدنان لعائلته بشكل عاجل، وهو ما أعاد هنيّة التشديد عليه أمس، فيما طالبت به أيضاً «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، حتى يتمكّن ذوو الشيخ من ترتيب مراسم دفن كريمة له «بما يتوافق مع عاداتهم ومعتقداتهم».
المقاومة ثبّتت معادلة الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين


على المقلب الآخر، رأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، في تقرير تحليلي لمراسلها العسكري يوسي يهوشع، أن حركتَي «حماس» و«الجهاد» سعتا لرسم معادلة جديدة مع دولة الاحتلال وقد نجحتا، وهو ما يؤشّر إلى أن قوّة الردع الإسرائيلية في حالة تآكل مستمرّ، وأن سياسة الاحتواء والردود المدروسة على مثل هذه الأحداث باتت غير متناسبة. كذلك، أبدى رؤساء بلديات مستوطنات «غلاف غزة»، وعدد آخر من مسؤولي الاحتلال، غضبهم على ما وصفوه بـ«الردّ الباهت» على الصواريخ التي انطلقت من القطاع. ونقلت «القناة السابعة» العبرية عن رئيس بلدية «سديروت»، ألون دافيد، قوله: «ينتابني شعور سيّئ، هذه الحكومة تتهاون في التعامل مع المخرّبين، وتُقيّد حرية الجيش في العمل ضدّهم»، فيما بعث رئيس مجلس «أشكول»، غادي يركوني، برسالة إلى رئيس حكومة الاحتلال ووزير جيشه جاء فيها: «إلى رئيس الوزراء ووزير الدفاع، نحن بحاجة إلى هدوء طويل الأمد، وليس إلى أسبوعين أو شهرين». أمّا عضو «الكنيست» من حزب «الصهيونية الدينية»، تسيفي سوكوت، فاعتبر أن «ما فعلناه الليلة ضدّ غزة بعيد كلّ البعد عن موقفنا»، قائلاً: «أريد أن أرى الكثير من المباني المدمّرة وعمليات الاغتيال، لنوجّه رسالة واضحة إلى حركة حماس لأنها هي صاحبة السيادة في القطاع». وفي الاتّجاه نفسه، أعلن حزب «عوتسما يهوديت» بقيادة إيتمار بن غفير، عزوفه عن المشاركة في عمليات التصويت في «الكنيست»، بسبب ردّ الحكومة الضعيف ضدّ غزة، مضيفاً: «نفكّر في اتّخاذ إجراءات إضافية، سنعقد اجتماعاً خاصاً للحزب في سديروت».