بقلم كل من:
جميلة غدار زميلة ما بعد الدكتوراة ممولة من الحكومة الكندية (SSHRC) وتعمل مع ريموند فروجنر في المركز الوطني للحقيقة والمصالحة، والدكتور جريج باك في قسم التاريخ، في جامعة مانيتوبا
ليث غلوم طالب دراسات دكتوراة، وعضو في قسم دراسات النوع والمرأة والجنس في جامعة مينيسوتا
سليم شحادة مرشح الدكتوراة في دائرة الأنثروبولوجيا في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس

في كثير من الأحيان، كَباحثين وباحثات ونشطاء، ننتقل في حياتنا المهنية من مشروعٍ إلى آخر. يعدّ هذا مألوفاً في عالمنا الأكاديمي الذي يفرض علينا الالتزام بمحدودية ومنهجية وأخلاقيات العمل في المجال الأكاديمي. وغالباً ما ننسى أنفسنا وننسى اللحظات الجديرة بالاحتفال، فلا نتوقف لإبراز إنجازاتنا الخاصة، وإنجازات أولئك الذين نعمل معهم، وخصوصاً ممن يوجّهوننا ونوجّههم. ولهذا، فإننا نرغب هنا في عكس هذا التوجّه، لتكون هذه المقالة بمثابة صرخة عالية نقول فيها: «لقد فازت الدكتورة رباب مرة أخرى»، أو بالأحرى، حصلت الدكتورة رباب عبد الهادي على جائزة «جيري باخراش» من جمعية دراسات الشرق الأوسط (MESA).
في هذه المقالة نشارككم الأسباب التي حفَّزتنا لترشيح الدكتورة رباب عبد الهادي لجائزة MESA من خلال نظرة سريعة على تاريخها الطويل كركيزة في المجتمع الفلسطيني، مع إبراز أيضاً تأييد مجموعة من زملائها الأساتذة وطلاب الدراسات العليا، بما في ذلك الدكتور خوان كول، الدكتور جون شالكرافت، الدكتورة نانسي غالاغر، الدكتورة ميشيل هارتمان، الدكتورة روزاليند بيتشسكي، هيذر بورتر أبو دياب، الدكتورة ندى شبوط، والدكتور اسطفان شيحي.

الدكتورة رباب عبد الهادي مفكّرة متشابكة وأكاديمية معروفة، سخّرت تجربتها الثقافية، وكرست حياتها لتطوير وتوسيع مفاهيمنا للموضوعات التي تقع في صميم دراسات الشرق الأوسط، أي بمعنى آخر لهذه الجمعية؛ بدءاً من بناء المؤسسات والدوائر الأكاديمية، وصولاً إلى بذل جهود مهنية واسعة النطاق. عملت الدكتورة رباب عبد الهادي بلا كلل لإنشاء البنية التحتية الفكرية لتخصصات متعددة في دراسات الشرق الأوسط، من خلال التوعية والتعاون مع مجموعة واسعة من الشراكات المجتمعية والأممية، كما ساهمت بتعزيز الفهم للنضال الفلسطيني، ونضال العديد من شعوب ومجتمعات الشرق الأوسط ضد الأفكار الصهيونية والاستشراقية والإمبريالية المهيمنة، وذلك عبر الدفاع عن الحريات الأكاديمية وتوجيه استقطاب الآلاف من الطلاب والعلماء والناشطين والناشطات الناشئين والناشئات ورعايتهم. ودفعت الدكتورة رباب إلى الواجهة بقضايا ونظريات ومواضيع معرفية جديدة، وبأصوات كانت ستظل لولا جهودها مهمشة أو صامتة. أمّا الجيل الجديد، فاستلهم من مساهماتها المتميّزة وشجاعتها وكرمها وإبداعها والتزامها، ولا سيما استمرارها في معارضة استخدام النوع الاجتماعي والجنسوي كأدوات للشرطة والعنصرية والإمبريالية. قامت الدكتورة رباب بذلك كلّه في خضمّ تصميمها نموذجاً للنضال من أجل التحرر من جميع أشكال الاضطهاد، ورفض التنافس غير المبدئي لنضال على حساب آخر. يظهر السِجل الاستثنائي للدكتورة رباب عبد الهادي في فتح/أو توسيع المساحات المؤسسية والبُنى التحتية الفكرية لدراسات الشرق الأوسط، من خلال إنجازاتها ومساهماتها، وهو ما يعكسه نص تكريمها، الذي جاء في إطار: «تكريم مساهمات الأفراد من خلال خدمتهم المتميزة لجمعية دراسات الشرق الأوسط خاصة أو دراسات الشرق الأوسط برمتها» (recognizes the contributions of individuals through their outstanding service to MESA or the profession).

تقول الدكتورة روزاليند بيتشيسكي، الأستاذة المتميزة في العلوم السياسية في كلية هنتر ومركز الدراسات العليا في جامعة مدينة نيويورك، والحائزة على جائزة مكارثر للعباقرة، والتي تعرف الدكتورة رباب عبد الهادي منذ عام 1980 كزميلة وأستاذة في رسالة توصيتها:
«لقد سخّرت الدكتورة رباب عبد الهادي مواهبها وطاقاتها وبراعتها كمعلمة ومرشدة لتوسيع آفاق المعرفة بالتاريخ والحقائق السياسية والاجتماعية لحياة الفلسطينيين والمسلمين… وببساطة لا تطرح رباب عبد الهادي طريقة لتحليل قوى العنصرية والتمييز الجنسي والنوع والعنف والاستغلال الاقتصادي من دون أن تكون مقترنة بالتفكير بمسؤوليتنا تجاه تغييرها».

تدل مساهمات الدكتورة عبد الهادي على التزامها بإنتاج المعرفة والتربية التحررية والتحويلية وذلك عبر استعراض تقدمها الأكاديمي؛ فبمجرد حصولها على شهادة الدكتوراه من جامعة ييل، وعلى الرغم من كونها أستاذة مساعدة ومبتدئة، عيّنتها دائرة علم الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلم النفس والعلوم المصرية (SAPE)، وهي أكبر دائرة للعلوم الاجتماعية في الجامعة الأميركية بالقاهرة (AUC)، لتمثيلها في قيادة برنامج دراسات اللاجئين والهجرة القسرية (FMRS)، وساهمت بشكلٍ مباشر في تأسيس البرنامج الأكاديمي لشهادة الدراسات العليا. وبعد أقل من عامٍ واحد على تدريسها في الجامعة الأميركية في القاهرة، رُشّحت من قبل طلابها وزملائها والمشرفين الأكاديميين في الجامعة، وحازت على جائزة التدريس الاستثنائي. وبعد تعيينها كزميلة ما بعد الدكتوراة في مركز دراسة النوع الاجتماعي والجنس في جامعة نيويورك (CSGS-NYU)، عملت بشكلٍ وثيق مع مديرة المركز، البروفيسورة كارولين دينشو، لإنشاء برنامج البكالوريوس وشهادة الدراسات العليا في دراسات النوع الاجتماعي والجنسوية. كما نظّمت سلسلة سنوية على مستوى الجامعة حول النوع الاجتماعي والجنسانية والقومية ما بعد أحداث 9/11/2001، وسخّرت جهودها لصالح التطبيق التربوي ودعم الطلاب النشطاء في جامعة نيويورك ومنهم الطلاب من أجل العدالة في فلسطين، إذ كانت تلتقي بهم بانتظام خارج ساعات عملها حتى منتصف الليل في كثيرٍ من الأحيان، وهذا مؤشّر آخر على تفانيها والروح الجماعية التي ترافقها في تعاونها مع مجموعات التحرر الوطني والحركات الاجتماعية. إضافة إلى ذلك، فإن مساهماتها الفكرية تتجلى في الدورات التي طورتها في دراسات الشرق الأوسط، والمبادرات التي قادتها وعززت فيها المشاركة العامة بقيادة شبكة أمريكية واسعة من الباحثين والباحثات في دراسات النوع الاجتماعي والجنسوية في الشرق الأوسط وشتاته.

كما قامت الدكتورة عبد الهادي بتشكيل لجنة من الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية لتنظيم حفل تكريم البروفيسور، إدوارد سعيد، عقب وفاته عام 2003، وسرعان ما استهدف الصهاينة في «دائرة الإنكليزي» في جامعة نيويورك حفل التكريم هذا، بذريعة أن لا علاقة لجامعة نيويورك بإدوارد سعيد. فردت الدكتورة رباب من خلال دعوة ناشئيْن من أعضاء الهيئة التدريسية في «دائرة الإنكليزي» في الجامعة، ممَّن التحقوا بمسابقات مع إدوارد سعيد في جامعة كولومبيا، ليكونا عرّافا الحفل بدلاً عنها، لدحض حجة الصهاينة على أنها محاضِرة في الدراسات النسوية، وبذلك أعطت الأولوية لتكريم إدوارد سعيد على حساب دورها كأستاذة في مطلع عمرها الأكاديمي. ومن الجدير بالذكر هنا، أنّه لا يمكن حصر هذه الممارسة في هذا المشهد فقط، إذ تكرَّر مراراً في تجربة الدكتورة رباب.

ومن خلال العمل عن كثب مع طلاب الدراسات العليا في العالم الثالث والنسويات في جامعة نيويورك، صاغت الدكتورة رباب عبد الهادي مصطلح «النسوية الإمبريالية»، وعقدت العديد من اجتماعات الحركة العامة خلال هذه الفترة، في وقت كان بعض الأكاديميين والمثقفين يروّجون للاستعارات النسوية الاستعمارية والاستشراقية، ويصفون العرب والمسلمين بـ«التخلف في القرون الوسطى» وأصحاب «الفصل العنصري بين الجنسين»، جاعلين من الشرق الأوسط استثنائيّاً من حيث النظام الأبوي ورهاب المثلية الجنسية. وقد تحدّت الدكتورة النسوية الليبرالية والمجموعة العنصرية البيضاء «الأغلبية النسوية» التي تحالفت مع إدارة بوش، جنباً إلى جنب مع كريستوفر هيتشنز والمخبرين لصالح الاستعمار من العرب والمسلمين الأصليين، مثل الراحل فؤاد عجمي.

وقامت الدكتورة رباب كذلك بقيادة وتنظيم برنامج تعاوني كبير ما بين مركز دراسة النوع الاجتماعي والجنسوية في جامعة نيويورك (CSGS-NYU) ودراسات المرأة والنوع الاجتماعي بالجامعة الأميركية في القاهرة، دائرة دراسات الشرق الأوسط بجامعة نيويورك، ومركز كيفوركيان لدراسات الشرق الأدنى.

في عام 2004، حصلت الدكتورة رباب عبد الهادي على منحة القرن الجديد من «لجنة فولبرايت» لعملها الرائد في مجال النوع الاجتماعي والقومية والاستعمار، من خلال مشروعها الفردي «من مرحلة تقرير المصير إلى الحكم الذاتي (والعودة إلى الاحتلال): ما هي آفاق تحرّر المرأة الفلسطينية؟»، وشاركت في رئاسة مجموعة العمل حول «المواطنة والتنوع: النوع الاجتماعي والأمة والشتات».

شغلت الدكتورة عبد الهادي منصب أول مديرة لمركز الدراسات العربية الأميركية وأستاذة مشاركة في علم الاجتماع في جامعة ميشيغان- ديربورن. بعد ذلك، أصبحت المديرة المؤسسة والباحثة الأولى في البرنامج الأكاديمي لدراسات الجاليات العربية والمسلمة في المهجر (AMED) في كلية الدراسات الإثنية في جامعة ولاية سان فرانسيسكو (SFSU). ومنذ عام 2007، أدّت دوراً رائداً في تطوير «مشروع الإسلاموفوبيا في أنظمة المعرفة»، والذي تضمن إنشاء مشروع أبحاث وتوثيق الإسلاموفوبيا (IRDP) في مركز العِرق والجنس في جامعة بيركلي في كاليفورنيا. كما ساهمت في تأسيس المجلة الأكاديمية للدراسات الإسلاموفوبيا وتنظيم مؤتمرات الإسلاموفوبيا الدولية السنوية من قبل (IRDP) في جامعة بيركلي في كاليفورنيا ومعهد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية CADIS في باريس بدورها كباحثة زائرة لتوجيه طلاب الدكتوراه في دراسات النوع الاجتماعي والجنس حول «مراجعة الروايات: الدراسات النسوية والفلسطينية»، «نقص الأمومة؟» والإسلاموفوبيا. وقد تُوِّج عمل الدكتورة رباب في الفترة الآنية في المشاركة بتأسيس الجمعية الدولية لبحوث الإسلاموفوبيا (IISRA)، كعضوة في مجلس إدارتها. كما قادت العديد من المبادرات البحثية، مثل «مشروع مسح وأرشفة الشتات العربي» في CAAS في ميشيغان، وتطوير المشروع لاحقاً بالتعاون مع معهد بوينا فيستا المجتمعي (2004-2013) والمشاركة التأسيسية في «أرشفة التاريخ النسوي ما بعد الحدود الوطنية» وهو مشروعٌ عنقودي دعمه مركز العرق والجنس في جامعة بيركلي (2013). كما بادرت بإنشاء «جائزة إدوارد سعيد» بالتعاون مع أحد خريجي جامعة سان فرانسيسكو بهدف تشجيع ومكافأة الطلاب المتفوقين والذين امتازوا بخدمة المجتمع.

في جامعة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، بنت الدكتورة رباب عبد الهادي البرنامج الأكاديمي لدراسات الجاليات العربية والمسلمة في المهجر (آميد)، بصياغة منهجية وجدّية تمكّن الطلاب والزملاء والموظفين وأفراد المجتمع من الانخراط بشكلٍ جماعي في نضال إنتاج المعرفة الذي عرّفته بِـ «شمولية العدالة»، وهو التطبيق العملي الذي تلتزم به في البحث العلمي والتدريس والمناصَرة. ومن خلال هذا الإطار المفاهيمي، تعترض الدكتورة عبد الهادي على الرؤية الأكاديمية التقليدية والمتمثلة بِـ«الحياد» في دراسة ومواجهة الظلم، وتُصرّ بدورها على إنتاج المعرفة التي تركز على العدالة و تطالبنا بمقاومة تمويه الوضع القمعي الراهن للتهرب من المساءلة (justice-centered knowledge production).

في الحقيقة، تتحدى الدكتورة رباب بلا هوادة الحدود والصوامع التربوية التي تهدف إلى تقييد المساحات والسُبل لدراسة الشرق الأوسط ومجتمعاته وشعوبه. كما يؤكد تعريفها لدراسات (AMED) على الحاجة المستمرة لدراسة الجاليات المتنوعة في المجتمعات ذات الأغلبية العربية، والمُعتقدات المتعددة في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة. علاوة على ذلك، في الفصل الذي نشرته بعنوان «ضد ثنائية الأجنبي/المحلي: الثورات العربية والدراسات الأميركية» في مؤلف «تغيير الحدود: أميركا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» (2014) (Shifting Borders: American in the Middle East/North Africa) تحاجج الدكتورة رباب الرؤية النظرية العنصرية التي تستخف بحق ودور مجتمعات السكان الأصليين السود والملونين من المشاركة في قضايا السياسية الخارجية/ تحت الحجة الواهية بضرورة اقتصار مثل هذه النقاشات على «الخبراء» الحكوميين والنقاد والإعلاميين.

كتبت الدكتورة نانسي غالاغر، إحدى قيادات دراسات الشرق الأوسط والحائزة على جائزة باخاراش، في رسالتها التي تدعم ترشيح الدكتورة عبد الهادي لهذه الجائزة، أنّ الدكتورة رباب «تحافظ على برنامج أكاديمي جدّي يمكّن الطلاب والموظفين وأفراد المجتمع من المشاركة بشكل جماعي في النضال من أجل العدالة الدولية. فقد عملت على تطوير الفكر الذهني والعلمي النقدي مع توفير مساحات للدفاع عن العدالة والكرامة والسلام».

من خلال إنشاء دراسات AMED، صاغت الدكتورة رباب عبد الهادي برنامجاً جريئاً واسعاً ومتعدد التخصصات للبحث العلمي علم أصول التدريس والمناصَرة في الشرق الأوسط. كما ناقشت وطورت منهجاً يعترف ويثبت ويضفي الشرعية على التجارب الحية والمعرفة التي تنتجها مجتمعات السكان الأصليين والمجتمعات الملوّنة والمجتمعات الفقيرة والمهمشة وحولها، عبر توفير المساحات لزميلاتها وزملائها الناشئين والكبار، وطلاب الدراسات العليا، والجامعيين، وشباب المجتمع، وكبار السن سواسية. إضافة إلى ذلك، طوَّرت دراسات AMED لتقديم دورات التعليم العام التي تأتي في وقت مناسب وملح وضروري للمعرفة العامة، والتي تركز على العدالة من دون استثناء الشرق الأوسط وشتاته. وتشمل هذه الدورات: الإسلاموفوبيا؛ فلسطين: منظور الدراسات العرقية؛ الحريات المدنية العربية والإسلامية الأميركية بعد 9/11/2001؛ مقدمة في النسويات العربية والعربية/الأميركية؛ صور وسائل الإعلام العربية؛ المسلمون في أمريكا؛ الهوية العربية والعربية/الأميركية ما بعد الاستعمار؛ دراسات الحدود المقارنة: فلسطين والمكسيك. الشتات العربي؛ النوع الاجتماعي والحداثة في المجتمعات العربية والإسلامية؛ إدوارد سعيد؛ الجدارية الفلسطينية وفن المقاومة. ويوسّع هذا المنهج حدود إنتاج المعرفة التقليدية، ويتحدى الصور النمطية المُرهِقة (ولكن الخطيرة) مع تعزيز التدريس الذي يوسّع خيال الطلاب وتفكيرهم حول الشرق الأوسط بما يتجاوز الفكر الموروث. إنه في واقع الأمر يربط التجارب والمجتمعات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، بأولئك الذين يعيشون على بعد آلاف الأميال في فلسطين والجزء الجنوبي من العالم، ويستخدم الأكاديميا المحدودة كأداة لتعزيز النضال ومناهضة الإمبريالية.

ونحن لا نبالغ إذا قلنا أن عمل الدكتورة رباب عبد الهادي والبناء المؤسسي خلال فترة طويلة من ممارسة المهنة الأكاديمية والصحفية والأنشطة، قد ألهم الآلاف من الطلاب والمعلمين وأعضاء الهيئة التدريسية والبحث العلمي والتعليم في الشرق الأوسط والشتات على مستوى العالم. وبشكلٍ ملحوظ، انضم الطلاب الذين وجهتهم إلى برامج الدراسات العليا عبر الدراسات العرقية والأنثروبولوجيا ودراسات الجنس والنوع الاجتماعي والدراسات الدينية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وجامعة ماكجيل وجامعة كاليفورنيا ريفرسايد، وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو وجامعة مينيسوتا ومدرسة المحيط الهادئ لدراسة الأديان. لقد عُيّن العلماء المبتدئين الذين أرشدتهم في مناصب جيدة في الهيئة التدريسية، إذ حصلوا على منح دراسية مرموقة وتمويل كامل وجوائز التميّز الأكاديمي، كما واصلوا عملهم ونشاطهم المجتمعي بعد التخرج، وهذا هو الحال بالنسبة لكاتبي هذا المقال. علاوة على ذلك، شاركت الدكتورة رباب في العديد من لجان الإشراف على رسائل الدكتوراة لدعم الأبحاث المتطورة والمبتكرة من قبلهم وقبلهن، كما تقوم بتوجيه طلاب الدراسات العليا الآخرين من خلال تقديم النقد البنّاء. وقد قامت بتنظيم العديد من معاهد التوجيه لطلاب الدراسات العليا، بما في ذلك معهدين لتدريبهم عبر البرنامج المشترك الذي بادرت به ما بين جامعة القدس ومركز الدراسات العربية الأميركية (CAAS)، والمدارس الصيفية لحركة الشباب الفلسطيني (PYM) في إقليم الباسك وفرنسا، والجمعية الأميركية لعلم الاجتماع، والجمعية الوطنية للدراسات النسوية. وقالت هيذر بورتر أبو دياب، طالبة الدكتوراة في جامعة ماكجيل، أثناء ترشيحها للدكتورة رباب: «لقد كان من دواعي سروري أنني عرفت الدكتورة رباب عبد الهادي مدة 12 عاماً، إذ وجّهتني خلال عملي معها على نطاق واسع في مجالات عديدة وكانت بالاستمرار في المقدمة في دراسات الشرق الأوسط، ونهجها الثوري في جميع جوانب عملها رائع». في هذه الحالة والعديد من الحالات الأخرى، قامت الدكتورة عبد الهادي بلا كلل بتوجيه وتشجيع وتمكين وإلهام أجيال من النساء والنسويات من جميع الخلفيات كعالمات ودعاة، متعمّدةً ضمان المشاركة الفعّالة لأعضاء مجتمعات BIPOC و LGBTQI S+. وفي عالم يتم فيه تقريباً تأطير النساء الفلسطينيات والعربيات والمسلمات حصراً كضحايا لعائلاتهن وثقافاتهن، تثبت حياتها وعملها هذه الكذبة العنصرية بينما تُظهر النساء والتقاليد النسوية الراديكالية المركزية لنضال التحرير الفلسطيني.

تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى مشاركتها ومساهمتها لعقودٍ في النظرية النسوية والجنسوية الفلسطينية والعربية والتي تتجاوز الحدود الوطنية، بما في ذلك دراستها ودعوتها للعدالة الجنسوية والنوع الاجتماعي داخل المجتمعات العربية والإسلامية وخارجها. وهي المحرّرة المشارِكة الأولى لكتاب «النسوية العربية والعربية الأميركية: النوع الاجتماعي والعنف والانتماء» (مطبعة جامعة سيراكيوز، 2011) الحائز على جائزة إيفلين شاكر، والذي بدأ بمائدة مستديرة في مؤتمر جمعية الدراسات الأميركية عام 2003 في أعقاب الغزو الأميركي للعراق، ومن الجدير بالذكر أن الكتاب كان قد نُشر في البداية كَعدد خاص في المجلة الإلكترونية لدراسات الشرق الأوسط في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT Electronic Journal of Middle East Studies). كما صاغت جزءاً من رؤيتها ما بعد 2001/11/9 في المقالة التأملية «أين الوطن؟ حياةٌ مجزّأة ومعابر حدودية وسياسة المنفى» وتم الاستشهاد بها على نطاق واسع كونها كانت بمثابة شهادة؛ وصياغتها النسوية الإمبريالية، جنباً إلى جنب مع قيادتها السابقة في المشاركة في بناء اتحاد جمعيات المرأة الفلسطينية،الذي نما ليصبح أكبر اتحاد للمرأة الفلسطينية أو العربية (SWANA) أو الشرق الأوسط في أميركا الشمالية.
وتشمل منشوراتها أيضاً المقالات ذات التأثير الكبير والتي يُستشهد بها كثيراً:
«الحركة المستقلة للمرأة الفلسطينية» (1998) (The Palestinian Women's Autonomous Movement: Emergence, Dynamics & Challenges)
و«دعنا نتخطى برفق: تعليم النوع الاجتماعي والجنسانية في زمن الحرب» (2005) (Tread Lightly: Teaching Gender and Sexuality in Time of War)
«تنظير نداء المقاومة والاستجابة: قراءة الراديكالية الثورية السوداء في فلسطين لأِساتا شاكور» (2018) (Framing Resistance Call & Response: Reading Assata Shakur’s Black Revolutionary Radicalism in Palestine)
بالإضافة إلى مقالها: «الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي في إطاره التاريخي: الاحتفال بالموت (الفلسطيني) وتطبيع العنف الاجتماعي والجنسي» (2019) Israeli Settler Colonialism in Context: Celebrating (Palestinian) Death and Normalizing Gender and Sexual Violence).

وتستذكر الدكتورة رباب عبد الهادي في «تأطير نداء المقاومة والاستجابة» (Framing Resistance Call & Response)، كيف عرفت عن أنجيلا ديفيس في سن مبكرة: «نشأتُ تحت الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، أتذكر جيداً أن والدتي أشارت إلى صورة أنجيلا ديفيس في الصحيفة المحلية وأعلنت بشكل قاطع: 'لفّقوا لها التهمة'. التفت والدي إليها وسألها: 'ما الذي يجعلك متأكدة من أنهم لفّقوا لها التهمة يا رفيعة؟' ومن دون تردد أجابت: 'إنها سوداء؛ بالطبع إن التهمة ملفقة' وهنا كانت والدتي تؤكد على ما نشأنا على معرفته بيقينِ مطلق عن الولايات المتحدة…» (ص 226). تم الحفاظ على قوة هذه القصة ونقلها جنباً إلى جنب مع العديد من القصص الأخرى في عمل الدكتورة رباب كونها بمثابة مرجع لتواريخ المقاومة، والروابط النسوية النضالية، والمرجعية الراديكالية التي يصعب (إن لم يكن مستحيلاً) تخليدها ومشاركتها ضمن الظروف السائدة اليوم للعرق والإمبريالية.

في عام 2017، شاركت الدكتورة عبد الهادي مع سوزان عديلي (رئيسة نقابة المحامين الوطنية)، أنجيلا ديفيس وسلمى جيمس (ناشطة نسوية وشريكة المفكر الراديكالي الأسود سي إل آر جيمس)، في تأليف مقال في موقع «موندو وايس» الإلكتروني بعنوان «مواجهة الفصل العنصري مرتبط عضوياً بالفكر والممارسة النسوية» (Confronting apartheid has everything to do with feminism) ويناقش الهجمات الاستعمارية والنسوية البيضاء والصهيونية ضد إضراب النساء الدولي في مارس من ذلك العام.

ومن خلال دراستها وكتاباتها، لا تجادل الدكتورة رباب فقط ضد نماذج الهيمنة التي تروج لها الرواية الاستعمارية المشوَهة تجاه مجتمعات الشرق الأوسط، ووضعها في قالب المعاداة للمثليين وكره النساء بشكلٍ استثنائي فحسب، وإنما تحاجج لصالح تشريع التقاليد النسوية والراديكالية المتنوعة لحركات ومجتمعات السكان الأصليين والسود والفلسطينيين والعالم الثالث في محادثات متشابكة وديناميكية وثرية مع بعضها البعض.

تطرّقت الدكتورة ميشيل هارتمان، أستاذة ومديرة معهد الدراسات الإسلامية في جامعة ماكجيل، إلى هذه الجوانب من مساهمات الدكتورة عبد الهادي وكرمها الّلامتناهي تجاه النساء ومَمَّن تتفاعل معهم، في رسالتها إلى MESA لدعم الترشيح (Dr. Michelle Hartman, Professor and Director of the Institute of Islamic Studies at McGill University):
«التقيت البروفيسورة رباب عبد الهادي عندما كنت طالبة جامعية عام 1990 في جامعة كولومبيا ضمن مجموعة [الأخوات في النضال: تحالفات النساء من أجل التغيير]، وهو حدث يركز على النسوية ويسلط الضوء على نضالات النساء ذوات البشرة الملونة داخل الحقل الأكاديمي وخارجه. ما يزال الحدث نفسه، وكلماتها، محفورين في ذهني بشكل لا يمحى، ولا شك في أنها كانت أحد الأسباب التي جعلتني أبقى في الأوساط الأكاديمية، وأفكّر أن أصحاب المبادئ، الذين يصدقون أنّ بإمكانهم العمل على جعل العالم مكانًا أفضل، يمكنهم العثور على مساحة في الجامعة للقيام بهذا العمل، ويجب عليهم القيام به». «ومنذ نحو أسبوعين، عندما سئلتُ عمّا إذا كنت أود مساندة ترشيح الدكتورة رباب وكتابة هذه الرسالة والتفكير في مساهماتها. كنت ألتقي بطالبة فلسطينية شابة على وشك التخرج من جامعتي، كان يملؤها الحماس وهي تروي لي كيف حضرت للتو مساهمة للبروفيسورة رباب عبد الهادي في مؤتمر. كما أظهرت شدة حماسها للأفكار التي كانت تشارك فيها وشعرت وكأنها تراها وتسمعها. وبكثيرٍ من النشاط، تابعت أنهما تحدّثتا بعد ذلك، مشيرةً إلى كمية التشجيع والدعم اللذين تلقّتهما منها- على الرغم من أنهما كانا قد التقيا للتو». «لقد أظهرت الأستاذة رباب عبد الهادي كيف يمكنك تعزيز الجانب الإنساني من المهنة من خلال العمل والمساهمات الملموسة فيها بشكل عام، وتحديداً في مجال دراسات الشرق الأوسط. [...] ومع ذلك، فإن عمل البروفيسورة رباب عبد الهادي قد خلق مساحةً للنساء وغيرهن من المهمشات في دراسات الشرق الأوسط للعثور على مكان، والعثور على صوت، والنهوض بعملنا».

علاوة على ذلك، التزمت الدكتورة عبد الهادي منذ فترة طويلة بالبحث العلمي النقدي والأممي الذي يبني التواصل والتفاهم ويقيم الروابط مع العلماء والمؤسسات البحثية في الشرق الأوسط. وقد نظّمت عشرات الوفود والتبادل النقدي والمبدئي للأفكار والتجارب والفعاليات وحلقات النقاش والفصول الدراسية المفتوحة وبرامج المؤتمرات والمبادرات البحثية والتعاون، الذي شمل الجامعات والمنظمات والعلماء في الشرق الأوسط والعالم. على سبيل المثال، وجنباً إلى جنب مع طالبة في الدراسات العليا في جامعة سان فرانسيسكو، أنشأت اتفاقية تعاونية (مذكّرة تفاهم) بين جامعتها وجامعة النجاح الوطنية في نابلس في فلسطين. وهي عضوة مؤسِسة مشاركة وعضوة في اللجنة التنفيذية لمؤسسة علماء كاليفورنيا من أجل الحرية الأكاديمية (California Scholars for Academic Freedom). وأيضاً عضوة مؤسِّسه في المنتدى الفلسطيني للهجرة واللاجئين والعودة. ومؤسِّسة مشاركة وعضوة في المجلس الاستشاري للحملة الأميركية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (U.S. Campaign for the Academic and Cultural Boycott of Israel). والرئيسة المشاركة لقسم «نسويات من أجل العدالة في/من أجل فلسطين في الجمعية الوطنية لدراسات المرأة» (Feminists for Justice in/for Palestine at the National Women’s Studies Association). وبصفتها مستشارة سياسية لشبكة السياسات الفلسطينية، وهي عضوة في مجلس إدارة مركز الشرق الأوسط الإفريقي (جوهانسبرغ، جنوب إفريقيا) (Afro-Middle East Center)؛ المجلس الاستشاري الأكاديمي للصوت اليهودي من أجل السلام؛ اللجنة الاستشارية لدراسات الشرق الأوسط النقدية في كلية مدينة سان فرانسيسكو. هيئة تحرير مجلة تشيكانا/ دراسات اللاتينات ( Journal of Chicana/Latina Studies)؛ والمجلس الاستشاري للطلاب الوطنيين من أجل العدالة في فلسطين (National Students for Justice in Palestine). وهي المؤسِسة والرئيسة المشارِكة لتجمّع الفلسطينيين والعرب والمسلمين (PAM) التابع لمجلس العدالة العرقية والاجتماعية لنقابتهم جمعية أساتذة كاليفورنيا في (Palestine, Arab and Muslim (PAM) Caucus of the Racial and Social Justice Council)، جمعية أعضاء الهيئة التدريسية في كاليفورنيا SFSU. وبصفتها منظِّمة مجتمعية، شاركت في تأسيس لجنة التضامن مع فلسطين (تحالف 29 تشرين الثاني من أجل فلسطين، سابقاً) واتحاد الجمعيات النسائية الفلسطينية في أميركا الشمالية. وعملت كعضوة مؤسسة في التجمع النسوي الفلسطيني الذي تم إطلاقه مؤخراً (Palestinian Feminist Collective). كما عملت في مجلس إدارة مركز الجالية العربية والثقافية في سان فرانسيسكو (Arab and Cultural Community Center in San Francisco)، ومنتدى بريخت (Brecht Forum) (المدرسة الماركسية سابقاً)، والحركة العربية للنساء الناهضات من أجل العدالة (Arab Movement of Women Arising for Justice)، والمؤتمر العالمي لدراسات الشرق الأوسط (WOCMES) (World Congress of Middle East Studies (WOCME) ولكّنها استقالت من المجلس عام 2022 احتجاجاً على افتقار قيادته الشفافية وتواطؤهم مع الأكاديميين المستشرقين والموالين لإسرائيل.

وإضافة إلى كونها عضوة نشِطة في نقابتها في جامعة SFSU، عملت الدكتورة عبد الهادي كمستشارة أكاديمية للهيئة التدريسية لجمعية الطلاب الأفغان (كان عمرها قصيراً)، ورابطة الطلاب السعوديين، والاتحاد العام للطلاب الفلسطينيين، ورابطة الطلاب المسلمين، ورابطة الطالبات المسلمات وكذلك التنسيق مع مجلس أصدقاء AMED.

ومع الأخذ بالاعتبار هذه المساهمات، كتب الدكتور جون تشالكرافت، أستاذ كلية لندن للاقتصاد LSE ومجلس BRISMES الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط، في رسالة ترشيحه للدكتورة رباب:
«طالما كنت معجباً بالأكاديمية البروفيسورة رباب عبد الهادي ودورها، وأود على وجه الخصوص تسليط الأضواء على خدمتها وطاقتها المتميزة من حيث بناء البرامج والمؤسسات في دراسات الشرق الأوسط، وخاصة في مجال العرق والثقافة والشتات. لقد أعطت ما يفوق عطاء أي باحث آخر أو باحثة أخرى يمكنني تسميتهم في الولايات المتحدة ودولياً، من حيث إشراك المجتمعات الشعبية ومجتمعات الشتات في المساعي التعليمية من النوع النقدي والتقدمي. هذا تماماً ما يُميّز العمل الحيوي والمتواصل والتوعوي -الذي غالباً ما يتطلب شجاعة ومثابرة كبيرتين- والذي يحافظ على مجالنا أصيلاً ومترابطاً مع الحياة والقضايا خارج الأكاديميا، مما يمكِّن دراسات الشرق الأوسط من الازدهار كمسعى ذي صلة من عام 2020 وما بعدها. أنا بالتأكيد أحيّي البروفيسورة رباب عبد الهادي على عملها على مدار السنوات، وأود أن أرى هذا قيد التكريم من قِبل جمعيتنا».

في عام 2016، شاركت الدكتورة رباب في المبادرة وإطلاق وقيادة مشروع مؤتمر تعليم فلسطين: الممارسة التربوية وشمولية العدالة، وهو المشروع السادس من نوعه، والذي يوضّح مقاومة المَحو التاريخي الاستعماري والعنصري (الاستيطاني). كما أنه يعكس التزامها الثابت بالعمليات التعاونية التي تتحدى وتقوّض هيمنة الشمال العالمي من خلال الإصرار على التعاون المبدئي والمنصِف مع المؤسسات في الجنوب العالمي وكذلك التعاون بين بلدان الجنوب. من خلال الجمع بين دراسات AMED وجامعة بيرزيت وجامعة النجاح الوطنية في فلسطين وجامعة ماكجيل وجامعة جوهانسبرغ ومركز الشرق الأوسط الأفريقي في جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، إلى جانب شركاء المجتمع، يتحدى تدريس فلسطين السرد الروائي المهيمن على فلسطين ويطالب بإنهاء اللهجة الاستعمارية في المناهج الدراسية. ومن خلال هذا المشروع، بادرت الدكتورة رباب وشاركت في تنظيم المؤتمرات والندوات وحلقات النقاش في جامعتيّ بيرزيت والنجاح الوطنيتين (فلسطين). المؤتمر العالمي لدراسات الشرق الأوسط (إشبيلية، إسبانيا)؛ جامعة ماكجيل (مونتريال، كندا)؛ رابطة الدراسات الكاريبية (هافانا، كوبا)؛ جمعية الدراسات الأميركية (أتلانتا، جورجيا)؛ مركز الشرق الأوسط الأفريقي (جوهانسبرغ، جنوب إفريقيا)، والعديد من المساحات المجتمعية والحرم الجامعي للطلاب من أجل العدالة في فلسطين، وغيرها من محاضرات ومحادثات الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية. كما شاركت في تنظيم وقيادة ستة وفود إلى فلسطين، مثل وفود ومعاهد عامي 2005 و2006 لتدريب طلاب الدراسات العليا الأميركيين والفلسطينيين في الدراسات الأميركية والدراسات العربية الأميركية مع جامعة القدس (CAAS،UMD)، والوفد النسوي للسكان الأصليين والنساء الملونات لعام 2011؛ المندوبية الأكاديمية والعمالة لعام 2014؛ والوفد الأميركي للسجناء والعمل والأكاديميين لعام 2016. إذ ضم كل وفد نشطاء بارزين مقيمين في الولايات المتحدة ومفكرين، بما في ذلك أنجيلا ديفيس، إيموري دوغلاس، ديان فوجينو، باربرا رانسبي، بيفرلي جاي شيفتال، جوان باركر، جنيد رانا، شاندرا موهانتي، دينيس تشايلدز، هانك جونز، جوهانا فرنانديز، روبن دي جي كيلي، لورا وايتهورن، ووازياتاوين. خرج المشاركون من هذه الرحلات الدراسية بِفهم أكبر للاستعمار الاستيطاني والمقاومة في فلسطين وجزيرة السلحفاة. وكان لتجارب المشاركين تأثيرٌ دائم في الإعلام كما أثر على دراساتهم و/أو مناصرتهم و/أو تنظيمهم حول مسألة العدالة في فلسطين ومن أجلها، والتي تعد جزءاً لا يتجزأ من شمولية العدالة مع توفير أداة تربوية حاسمة للتحليل المقارن العالمي.

قبل أن يتم الانتقال من التدريس الحضوري إلى التدريس عن بُعد في جامعتها بعد الجائحة، أسست الدكتورة رباب سلسلة الفصول الدراسية المفتوحة لتدريس فلسطين، بالتعاون مع مجموعة من المؤسسات مثل «الطلاب من أجل العدالة في فلسطين»، «الضمير»، «الأجندة الوطنية للتعليم الأسود»، «الحملة الأميركية من أجل الحقوق الفلسطينية»، «مجلة الآداب» (لبنان)، «شاهد عيان- فلسطين» (Eyewitness Palestine)، «حركة الشباب الفلسطيني». وقدَّمت برامج تعليمية مجانية وعالية الجودة، وتم بثها مباشرة بتنسيق تفاعلي من قبل الطلاب وأفراد المجتمع. وتجسيداً لالتزامها بنظرية تطبيق التعليم العام النقدي والخاضع للمساءلة، تتحدى هذه الفصول الدراسية المفتوحة، الحواجزَ المؤسسية التي تحول دون الوصول إلى التعليم، على مستوى المجتمع. وهي تضم مزيجاً من العلماء المعروفين والمعروفات والناشئين والمثقفين، فضلاً عن الشخصيات البارزة في مختلف نضالات التحرر العالمية، وعشرات الآلاف من الأشخاص من مختلف المجتمعات والحركات الاجتماعية. وعبر هذه السلسلة، تحدّت الدكتورة عبد الهادي التعريف التقليدي للفصل الدراسي، أثناء تنظيم أرشيف حيّ وغنيّ من المحادثات والتاريخ الشفوي والمناقشات بين الأجيال التي تؤرخ القضايا والمناقشات المعاصرة. كما أنها وفّرت معلومات وتحليلات سياقية غنية حول العلاقة بين فلسطين، والأحداث والتطورات الرئيسية في جميع أنحاء العالم على مدى القرون القليلة الماضية. وهي تشمل مناقشات حول تحرير السود وارتباطه بفلسطين. والنوع الاجتماعي والعدالة الجنسية؛ الاستعمار؛ (Black Liberation and its interconnection to Palestine; gender and sexual justice colonialism)؛ الصهيونية (Zionism)؛ العدالة الجنسوية (queer justice) والارتباط بالأرض واللاجئين (refugees)؛ السجناء السياسيين (political prisoners) وعلاقتهم بالإمبريالية (relationship to empire)؛ ونمو الوعي السياسي داخل الحركات الاجتماعية (relationship to empire) (growth of political consciousness within social movements). إذ يفسح هذا التحليل المجال للبحوث العلمية متعددة المواقع والتي تؤكد على علاقات القوة والمواقف بين المجتمعات وداخلها، وفيما بينها. وهو يركز على تحليل الاختلافات والتشابهات بين المشاريع الاستعمارية الاستيطانية في جميع أنحاء العالم، فضلًا عن ضرورة تحديد أنماط المقاومة. ومن خلال تعزيز التأمل الذاتي، يتحدى مشروع «تعليم فلسطين» أيضاً فهم مواقعنا المتباينة في السياق الأميركي، وما يعنيه ما نفهم من أميركا الشمالية من خلال التعرّف على الروايات التاريخية السائدة التي تتطلب التفكيك وإعادة النظر فيها بشكل نقدي.

وكما توضح هذه التداخلات، فإن التزام الدكتورة رباب بتطوير التفكير الفكري والعلمي النقدي يركز على وجهات النظر والتاريخ والمعارف المحلية، مع جلب المشاركين عبر الحدود والمجتمعات إلى محادثات بين الأجيال مع بعضهم البعض، وفي مجال دراسات الشرق الأوسط والدراسات ووجهات النظر المتداخلة. قال الدكتور اسطفان شيحي، أستاذ دراسات السلطان قابوس لدراسات الشرق الأوسط، ومدير مشروع «إنهاء الاستعمار في العلوم الإنسانية» في جامعة وليام وماري عن السلسلة:
«في الواقع، إن ورش العمل والمؤتمرات والمشاريع والتعاون الدولي والوطني و'الفصول الدراسية المفتوحة' تجلب الجامعة إلى الناس، وفي الواقع، هي تجلب الناس إلى الجامعة. يجب أن أضيف أنها تفعل ذلك بطرق أخلاقية فعلًأ، وتوفّر على الجمهور عبء مغادرة مجتمعاتهم. بدلاً من ذلك، غالباً ما تجلب الجامعة إليهم، سواء في فلسطين أو كاليفورنيا أو نيويورك أو جنوب أفريقيا أو عبر الإنترنت. وفي هذا الصدد، أود أن أسمّي د. رباب رئيسة وعميدة وأستاذة 'جامعتها المفتوحة'، التي تتيح الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس. كشخص مهتم بإلغاء عقوبة الإعدام والعرق والجنس والنوع الاجتماعي والاستعمار في أميركا الشمالية والجنوب العالمي، فإن 'دوراتها المفتوحة' حول السجناء السياسيين والأميركيين والآسيويين والتضامن مع فلسطين وحقوق المثليين والمتحولين جنسياً والاستعمار الاستيطاني والمقاومة والإسلاموفوبيا لا تزال رائدة وتأتي في الوقت المناسب».

وفي الآونة الأخيرة، شهد مشروع تدريس فلسطين العديد من اللحظات التاريخية الفاصلة التي تشكّل وتؤثر على النضال الفلسطيني من أجل العدالة والحرية والعودة، مثل الذكرى الـ40 للغزو الإسرائيلي على لبنان عام 1982، حصار بيروت، مجزرة صبرا وشاتيلا (16-18 سبتمبر 1982)، الذكرى الـ50 لاغتيال غسان كنفاني في عام 1972، الذكرى الـ 20 لإعادة غزو إسرائيل لمناطق السلطة الفلسطينية (29 آذار 2002 – 10 أيار 2002)، مجزرة جنين (3-11 نيسان 2002)، الذكرى الـ20 لبدء جدار الفصل العنصري الإسرائيلي؛ والذكرى الـ15 للحصار على غزة (صيف 2007). كجزء من مشروع «تعليم فلسطين»، قادت الدكتورة عبد الهادي التنظيم الجماعي لثلاث فعاليات لإحياء هذه الذكرى: بداية بمؤتمر دولي في بيروت، (10-11 أيلول 2022)، تلاه وفدٌ دولي شارك في استضافته «بيت أطفال الصمود» ومجموعات أكاديمية وبحثية ومجتمعية فلسطينية ولبنانية أخرى (12-16 أيلول 2022)؛ وأخيراً ندوة دولية في تونس العاصمة (20 أيلول 2022)، والتي شارك في رعايتها المنتدى الدولي للعلوم الإنسانية والاجتماعية في مؤتمرإنسانيات الدوليّ، والرابطة الدولية لدراسات الشرق الأوسط، ومعهد البحوث حول المغرب العربي المعاصر.

من المعترف به على نطاق واسع، أن عمل الدكتورة رباب عبد الهادي حاسمٌ لاستمرارية وحيوية وروح النضال التحرري الفلسطيني، خصوصاً ما يتعلّق بالحركات النسوية في جميع أنحاء الشتات. وإلا فلماذا أضحت هدفاً لمنظمات اللوبي الإسرائيلي، التي شنّت حملةً شرسة بشكل خاص لإسكاتها، وتفكيك الأسس والبرامج التي أنشأتها، وتكميم نشاط الحرم الجامعي في جامعة سان فرانسيسكو؟ تعرضت الدكتورة رباب عبد الهادي للهجوم والمضايقة بلا هوادة من قبل الإسلاموفوبيا الصهيونية واليمينية والبيضاء، مثل ديفيد هورويتز، وبعثة الكناري، وكامبوس ووتش/ منتدى الشرق الأوسط، و AMCHA، وStandWithUs، والمنظمة الصهيونية الأميركية، ورابطة مكافحة التشهير، ومشروع Lawfare وشبكة المشاركة الأكاديمية، على سبيل المثال لا الحصر. وكما أظهر لنا التاريخ الطويل من القمع الأميركي ضد الأصوات المعارضة، فإن النقاد المناهضين للعنصرية والاستعمار والذين يعارضون الوضع الراهن، يتعرضون للاستهداف والتشهير والتنمّر والتهديد بشكل منهجي. وفي رسالة الدعم الخاصة بترشيح الدكتورة عبد الهادي لجائزة MESA، صرّح الدكتور خوان كول، «لا تعرف الكلل في أنشطتها، وغالباً في ظل ظروف مُعادية». كانت الدكتورة عبد الهادي الأستاذة الوحيدة التي ورد اسمها في دعوى قضائية ضد مديري وموظفي جامعة ولاية كاليفورنيا، التي رفعها مشروع Lawfare، والذي يتمثل هدفه المعلن في شن حرب قانونية ضد منتقدي إسرائيل. وبعد زهاء العامين من التقاضي من قبل شركة محاماة ثرية وذات صلة دولية وعلاقات صهيونية في سان فرانسيسكو، رفضت المحكمة الفيدرالية الدعوى مع التحيز لصالح د. رباب، والجامعة في 30 تشرين الأول 2018. وعلى الرغم من فوزها في هذه القضية السابقة من نوعها ضد الأكاديميين والمدافعين عن العدالة في فلسطين لنفسها وجامعتها، فلقد اضطرت إلى تقديم العديد من المظالم ضد إدارة جامعتها لمحاسبتها على تواطئها مع الجماعات الصهيونية. ولم تتم تبرئتها فقط بل حكمت ثلاث لجان تحكيم مستقلة من أعضاء الهيئة التدريسية بالإجماع لصالح د. عبد الهادي ود. تومومي كينوكاوا، وأمرت الجامعة بالاعتذار لهما عن انتهاك حريتهما الأكاديمية وتعزيز بيئة عمل معادية. وفي رفضها فردية الممارسة والإصرار على المحاسبة الجماعية، فكما تصر باستمرار فقد صممت نموذجاً لكيفية بناء حركة بشكل جماعي. هذه الانتصارات للجميع، بقدر ما، تمنع وضع سوابق خطيرة من القمع والتجريم وإسكات جميع علماء الشرق الأوسط، وكذلك الحركات الاجتماعية والمجتمعات المضطهدة. يمكن القول إن أعظم مساهمة على الإطلاق هي أن الدكتورة رباب عبد الهادي تمنحنا الشجاعة والأمل لمواصلة النضال، من خلال إصرارها الذي لا يتزعزع ولا يعرف الخوف، وانتصاراتها العديدة ضد الهجمات الوحشية، تذكّرنا كل يوم بالقوة التي نمتلكها حتى عندما تبدو الاحتمالات مستحيلة. في عام 2020، منحت الجمعية الأميركية لأساتذة الجامعات الدكتورة رباب عبد الهادي جائزة «جورجينا م. سميث» «لشجاعتها ومثابرتها وبصيرتها السياسية واهتمامها بحقوق الإنسان» Georgina M. Smith Award for her “courage, persistence, political foresight, and concern for human rights). ولقد كتبت الدكتورة ندى شبوط، الفنانة وأستاذة تاريخ الفن ومنسقة مبادرة الدراسات الثقافية العربية والإسلامية المعاصرة في جامعة شمال تكساس، في دعم ترشيح الدكتورة رباب، إلى MESA: «إن عمل الدكتورة رباب عبد الهادي مهم ومثالي. وتفانيها الذي لا يتزعزع، والمشاركة المستمرة في مواجهة العديد من التحديات، كانا مصدر إلهام لنا جميعًا في هذا المجال».

كان عمل الدكتورة رباب عبد الهادي نظرياً عميقاً، ورائداً تربوياً، و إثنوغرافياً، ومؤشراً على التحليل النقدي للسلطة والجنس والطبقة والإمبريالية. فمن خلال التصدي للصور النمطية للمجتمعات والسرد الروائي حول الشرق الأوسط، اللذين يلغيان التاريخ ويهمّشان الأصوات والبحث العلمي، عززت فهماً واسعاً ودقيقاً للمنطقة، في ما شكّل رؤية جريئة وشجاعة مع التزام لا هوادة فيه بأحدث الأبحاث وطرق التدريس على الرغم من مناخ العداء والتمييز والمضايقات التي واجهتها، جنباً إلى جنب مع العديد من الباحثين في فلسطين والشرق الأوسط. وهي مصدر إلهام لأجيال من النساء والنسويات والباحثين والحركات الاجتماعية على مستوى العالم، وقد شكلت، من خلال أثرها الذي لا يمحى، الأكاديمية الغربية في مجال دراسات الشرق الأوسط، إضافة إلى النضال من أجل العدالة في فلسطين. وانطلاقاً من روح شمولية العدالة التي تجسد حياة الدكتورة رباب عبد الهادي ومسيرتها المهنية والتزاماتها، فإن الاعتراف بمساهماتها القيّمة من خلال هذه الجائزة جاء في وقت مناسب وملائم أكثر من أي وقت مضى.