القاهرة | قبل ساعات من الاجتماع الدوري للجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري مساء اليوم، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، محافظ البنك المركزي طارق عامر، الذي قدّم اعتذاره عن الاستمرار في المنصب. وسرعان ما أعلن السيسي قبول الاعتذار، والذي يُعدّ بمثابة إقالة فعلية، وتعيين عامر مستشاراً له، كحال غالبية المسؤولين المُقالين من مناصبهم، والذين يسعى الرئيس إلى تكريمهم بتعيينهم مستشارين شرَفيين له، من دون أن يكون لهم أيّ دور في دوائر صُنع القرار. وتولّى عامر منصبه في 2015، وتمّ التجديد له في 2019، وكان يُفترض أن يستمرّ مُحافظاً حتى تشرين الثاني 2023 بحسب ما أكد نائبه الأحد الماضي، نافياً الأخبار المتعلّقة باستقالته أو إقالته.وتأتي هذه الخطوة بعدما رفض عامر تحميله مسؤولية انهيار الجنيه خلال الفترة الماضية، علماً أن ثمّة تقديراً بأن السياسة النقدية التي يتّبعها لا تتّفق مع ما يريده النظام بشكل تامّ، فيما يتردّد حديث عن أن من بين أسباب إطاحته تحرّكات زوجته داليا خورشيد، الوزيرة السابقة، والتي ازداد نشاطها بشكل معلَن مع شركات مالية، وهو ما يتعارض مع طبيعة وظيفته. كذلك، تأتي إطاحة المحافظ بعد أيام على التعديل الوزاري، وبصورة تستهدف فقط إخراج الرجل بصورة مشرّفة، بحسب مصادر «الأخبار»، التي تؤكد أن الأخير أُجبر على الاستقالة تحت مسمّى «اعتذار». وتستبق إزاحة عامر، وما رافقها من قرار تسيير الأعمال عبر نائبه إبراهيم نجم، قرارات منتظَرة برفع الفائدة، وتخفيض إضافي لقيمة الجنيه بما لا يقلّ عن 15%، في حين يضغط «صندوق النقد الدولي» من أجل تحرير سعر الصرف بشكل حقيقي، وتوفير الدولارات في البنوك، وهو ما رفضه عامر خلال الفترة الماضية بسبب تراجُع الاحتياطي النقدي إلى 33.1 مليار دولار. وتَسلّم المحافظ المُقال رئاسة البنك عندما كان الدولار يعادل 7.80 جنيه، وترك منصبه بينما الدولار يساوي 19.20 جنيه، في ما يمثّل أكبر انخفاض في تاريخ مصر. أمّا الدَين الخارجي فقفز من 46.1 مليار دولار عند تولّيه المنصب، إلى نحو 157.8 مليار دولار. وبموجب النصوص القانونية والدستورية، فإن رئيس الجمهورية هو المسؤول عن تعيين محافظ البنك المركزي لمدّة 4 سنوات، بعد موافقة مجلس النواب. بالتالي، فإن السيسي مُجبَر على دعوة البرلمان إلى الموافقة على الاسم الذي سيرشّحه في جلسة طارئة، باعتبار أن المجلس في الإجازة الصيفية حالياً، وذلك على غرار ما حدث في التعديل الوزاري الأسبوع الماضي. لكن ثمّة احتمال آخر متمثّل في أنْ يتولّى أقدم نواب المحافظ، وهو جمال نجم، مهامّه بالوكالة إلى حين تعيين محافظ أصيل جديد. كما يمكن للسيسي تكليف شخص آخر بتولّي هذه المهام بشكل مؤقّت لمدّة لا تزيد على عام.
وحتى الآن، لم يطرح الرئيس اسم البديل رسمياً، إلّا أن هناك شخصيات مرشّحة بقوّة، أبرزها حسن عبدالله، المصرفي السابق ورئيس «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» التي تديرها الاستخبارات، والمسؤولة عن الإعلام بشكل كامل. وستكون لانتقال عبدالله إلى البنك المركزي، في حال تَحقّقه، ميزات عدة منها إبعاده عن الشركة التي يسعى فريق السيسي للسيطرة عليها كاملاً، وفي المقابل تُمكن الاستفادة من خبراته كمصرفي، لا سيما في المفاوضات مع «صندوق النقد الدولي» والجهات الدولية الأخرى. أمّا الاسم الثاني الأبرز، فهو وزيرة التعاون الدولي، رانيا المشاط، التي عملت مع جهات دولية سابقة، ودخلت أخيراً في خلاف مع طارق عامر حمَلها على ترْك العمل في «المركزي»، فيما ظلّت من الوجوه القريبة إلى السلطة، والتي تستطيع الأخيرة محْضها ثقتها. ومن بين الأسماء المطروحة أيضاً وزيرة التخطيط هالة السعيد، ورئيس البنك التجاري الدولي الأسبق هشام عز العرب.