بغداد | على رغم استمرار الخلافات بين القوى السياسية العراقية على حالها في الظاهر، إلّا أن تسريبات تفيد بأن حركة اللقاءات الكثيفة أخيراً، قد تؤدّي إلى انفراجة قريبة، بناءً على مبادرة تَقدّم بها «الإطار التنسيقي»، ولم تعلَن تفاصيلها بعد. جزء من هذه الحركة يتركّز على موضوع رئاسة الجمهورية الذي ما زال يثير خلافاً بين الأكراد، لا سيما بعد إصرار «الحزب الديموقراطي الكردستاني» على تقديم ريبر بارزاني مرشّحاً مقابِلاً لبرهم صالح - إثر وقْف إجراءات ترشيح هوشيار زيباري -، بالاستناد إلى تحالفه مع زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر. إلّا أن هذا الخلاف قد يُحلّ في المحكمة الاتحادية التي ستبتّ في طعنٍ قدّمه «الاتحاد الوطني الكردستاني» ضدّ ترشيح بارزاني، باعتبار أن فتح باب الترشيحات للرئاسة مجدّداً غير قانوني. وإذا كان ذلك الموضوع قد شكّل ركيزة اللقاءات التي أجراها القيادي في «الاتحاد»، بافل طالباني، نجل الزعيم التاريخي جلال طالباني، مع قادة «التنسيقي» والصدر، فإن الآمال معقودة على التوصّل إلى صفقة شاملة تشمل رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء والكتلة الأكبر. ويقول القيادي في «الاتحاد»، أحمد الهركي، لـ«الأخبار»، إن «الإطار التنسيقي قدّم بالفعل مبادرة قبل أيام، ولّدت حالة من المرونة داخل التيار الصدري»، مضيفاً أنه «ربّما ينعكس ذلك على التوصّل إلى صفقة تشمل حلّ رئاسة الوزراء والكتلة الأكبر، وأيضاً اختيار رئيس الجمهورية. فمتى انحلّ الانسداد في البيت الشيعي، سينعكس إيجاباً على البيت الكردي، وربّما نصل إلى حلّ للمعضلتَين بعقْد جلسة مجلس النواب بالنصاب القانوني». ويوضح الهركي أن «هناك مشكلة قانونية في ترشيح ريبر بارزاني»، لافتاً إلى أن «نواب الاتحاد الوطني وعدداً من النواب المستقلّين قدّموا طعناً على هذا الترشيح، كونه حصل بعد فتح باب الترشيح مرّة أخرى، وهو ما لا يستند إلى أيّ مادة قانونية»، متابعاً أنه «في حال تمّ قبول هذا الطعن، واستبعاد مرشح الحزب الديموقراطي، فإن ذلك سيزيد من حظوظ السيد برهم صالح في تولّي ولاية ثانية».
وكان بيان صدر عن «الإطار التنسيقي» بعد اجتماع طالباني بهادي العامري ونوري المالكي وقيس الخزعلي، أكد أحقية «الاتحاد» في اختيار رئيس الجمهورية، مشدّداً في الوقت نفسه على أهمية أن يأتي الأكراد بمرشّح توافقي. ويقول القيادي في «الإطار»، حيدر البرزنجي، لـ«الأخبار»، إن «الإطار يبحث حلحلة هذا الموقف، وهو لا يصطفّ مع جانب من دون آخر، وإن قام بذلك الآخرون»، مضيفاً أنه «ستكون هناك انفراجة إذا تمّ التفاهم بين الحزبَين الكرديَين على مسألة المناصب السيادية داخل الحكومة الاتحادية». وفي ما يخصّ استقبال الصدر لرئيس الحكومة الحالي، مصطفى الكاظمي، يَعتبر البرزنجي أن هذا اللقاء «لا يدلّ على أيّ نوع من الدعم لتولّيه ولاية ثانية، باعتبار أن الموضوع ما زال غير محسوم»، مشيراً إلى أن «الإطار التنسيقي قدّم مبادرة لم تَخرج إلى العلن حتى الآن، بمعنى أن هناك تفاهمات ومفاوضات تتمّ مع القوى السياسية الأخرى، ما زالت نتائجها غير معلَنة، قد تؤدي إلى انفراجة سياسية قريبة جداً». وفي ما يتعلّق بمرشّح «الديموقراطي» للرئاسة، يلفت البرزنجي إلى أن «ثمّة علامات استفهام حول شخصيّته، والترحيب به جاء من بعض الأطراف المتحالفة مع التيار الصدري بناءً على التفاهم والتوافق بين التيار والديموقراطي».
تشهد حركة «امتداد» سلسلة انسحابات على خلفية عدم التزام بعض نوّابها بنظامها الداخلي


وعلى هامش الصراع بين القوى الرئيسة، يبدو أن القوى الأخرى دخلت لعبة المساومة والبيع والشراء، حيث تفاعلت انسحابات عدد من قادة حركة «امتداد»، على خلفية عدم التزام بعض نوابها بقراراتها في ما يتعلّق بالعلاقات مع القوى السياسية، وتصويتهم لمحمد الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب. ويقول عضو الأمانة العامة للحركة وأحد مؤسِّسيها، المنسحِب غسان الشبيب، لـ«الأخبار»، «(إننا) لا نعتقد بوجود كتلة تنسجم مع تطلّعاتنا. امتداد كانت البيت الحقيقي الذي رسمناه ونظّمناه على أسس وطنية وروح المواطنة الحقيقية، وهذا الانحراف الذي حصل أجبرنا على أن نترك العمل السياسي في هذه الحركة ونصارح جمهورنا بكلّ شفافية وأخلاق». ويلفت الشبيب إلى أنه «تمّت في اجتماعنا الشهري الأخير في الأمانة العامة إثارة موقف من أحد أعضاء الأمانة العامة الذي تكلّم بصريح العبارة قائلاً إن هناك إشاعة تقول إن الأمين العام ونائبه التقيا محمود المشهداني في بيت أحد نواب حركة الجيل الجديد، والتقيا مع الكتلة الصدرية والحلبوسي وبرهم صالح، وقدّم شيئاً من الأدلّة، ما شكّل صدمة لنا»، متابعاً «(أننا) لم نعتقد أن هناك من يستطيع أن يخالف النظام الداخلي ويضرب المبادئ ويخلّ بالثوابت ويحنث بالقسم بعد خيانته المبادئ. نحن في النظام الداخلي نحرّم اللقاء والجلوس مع هؤلاء وأيضاً نرفض التحالف معهم». ويضيف أن «المعنيّين أنكروا تماماً أنهم صوّتوا للحلبوسي أو حتى عقدوا لقاء معه، لكن اتّضح في ما بعد أنه جرت لقاءات واتفاقات وتصويت، وهذا العمل يشتّت الحركة»، مُذكّراً بأن «امتداد خرجت من رحم حراك تشرين، الذي سقط له شهداء وجرحى وله قضية كبيرة جداً تُحتّم أن نرفض هؤلاء بكلّ الأشكال»، خالصاً إلى أن «أعضاء كتلة امتداد التسعة في البرلمان لن يستمرّوا ككتلة واحدة في المرحلة المقبلة لاختلافهم كثيراً في التوجّهات والعمل».