على رغم تراجع مداخيل دول الخليج نتيجة تراجع أسعار النفط، إلا أن صندوق النقد الدولي أكد أن معظم هذه الدول لن تتأثر بالأزمة ولديها من الاحتياطات النقدية ما يكفيها لسد عجز الموازنة في حال استمراره على مدار 4 أو 5 سنوات مقبلة.ودعا مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، مسعود أحمد، دول الخليج إلى اعادة النظر في سياسات الإنفاق على المدى المتوسط لمواجهة انخفاض أسعار النفط.
وتشير قاعدة بيانات البنك الدولي لعام 2013 إلى أن دول الخليج الـ 6، لديها احتياطيات من النقد الأجنبي المقومة بالدولار الأميركي ما قيمته 904،1 مليارات دولار، وأن السعودية وحدها تستحوذ على النصيب الأكبر من هذه الاحتياطيات بقيمة 737،7 مليار دولار، وبما يعادل 81،5% من قيمة إجمالي احتياطيات الخليج من النقد الأجنبي.

وتوقع صندوق النقد الدولي في تحديث لتوقعات آفاق الاقتصاد العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أمس، تحول الفائض في المالية العامة في دول مجلس التعاون الخليجي والذي بلغ 4،6% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول في عام 2014 إلى عجز قدره 6،3% من إجمالي الناتج المحلى في 2015 بانخفاض قدره 11 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي.
وقال أحمد إن أسواق العقود الآجلة للنفط تشير إلى أن أسعار النفط اليوم تدور حول 50 دولاراً للبرميل، وأنها سوف تتجه خلال 5 سنوات إلى ما يقرب من 70 دولاراً للبرميل.
في سياق متصل، أظهر استطلاع لوكالة «رويترز» نشرت نتائجه أمس، أن هبوط أسعار النفط سيؤدي إلى تباطؤ النمو في معظم الاقتصادات الخليجية هذا العام، لكن الإنفاق الحكومي الضخم والنشاط القوي للقطاع الخاص سيحولان دون حدوث هبوط حاد.
المسح الذي شمل 17 خبيراً اقتصادياً على مدى الأسبوعين الأخيرين، وهو الأول من نوعه منذ هبوط أسعار النفط العالمية إلى أدنى مستوياتها في نحو ست سنوات بما قلص إيرادات صادرات الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي الست، أظهر أن المحللين يعتقدون بأن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي ستستخدم احتياطياتها المالية الضخمة التي راكمتها في الأعوام الماضية للحفاظ على مستويات الإنفاق الحكومي المرتفعة وهو ما يضمن نمواً اقتصادياً قوياً على الأقل حتى 2016.
ومن المتوقع أيضاً أن توازن قوة إنفاق المستهلكين واستثمارات القطاع الخاص بدعم من النمو السكاني أي تباطؤ في القطاع النفطي بهذه الدول ولو جزئياً على الأقل.
ومن المنتظر الآن أن تحقق السعودية أكبر اقتصاد خليجي نمواً قدره 3،2 في المئة هذا العام بحسب متوسط توقعات المحللين انخفاضاً من نمو متوقع قدره 3،95 في المئة في 2014.
وأوضح كبير الخبراء الاقتصاديين المختصين بشؤون المنطقة لدى «إتش.إس.بي.سي.»، سايمون وليامز أن دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تراجعاً كبيراً في آفاقها الاقتصادية، لكن ديونها المنخفضة للغاية ستساعدها على التكيف مع نزول أسعار النفط.
وأضاف وليامز في تقرير «يبدو أن منتجي الطاقة في الشرق الأوسط... أقل تعرضاً لتراجع حاد في دخل النفط، مقارنة بما حدث حينما انهارت أسعار الخام في 2008».
ومن المتوقع أن تحقق الإمارات العربية المتحدة نمواً قدره 3،8 في المئة في 2015.
ومن المتوقع أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي لقطر إلى 6،5 في المئة هذا العام وأن يحافظ على المستوى نفسه في 2016 مع زيادة الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية الكبيرة. وتحصل قطر على كثير من إيراداتها من الغاز الطبيعي الذي لا ترتبط أسعاره ارتباطاً يذكر بالنفط. ويقدر النمو في عام 2014 بستة في المئة.
وبالنسبة إلى سلطنة عمان والبحرين، الدولتين الأصغر حجماً والأضعف مالياً بين دول مجلس التعاون الخليجي، توقع المسح أن تواصلا النمو القوي في العامين المقبلين.
ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان 3،05 في المئة هذا العام و3،2 في المئة في 2016 وفي البحرين 3،2 وثلاثة في المئة على الترتيب.
إلى ذك، أعلنت شركة «ممتلكات البحرين القابضة» صندوق الثروة السيادي للبحرين، أمس، أنها لن تبيع أي أصول أو تغير استراتيجيتها الاستثمارية في مواجهة عجز محتمل في الميزانية بسب تراجع أسعار النفط.
ورداً على سؤال من وكالة «رويترز»، أوضحت شركة «ممتلكات البحرين القابضة» أنها لا تتوقع أن تلجأ السلطات البحرينية إلى أصول الصندوق لتمويل أي عجز في السيولة.
وأضافت في بيان عبر البريد الإلكتروني إن «الاقتصاد البحريني قوي ومتنوع بما يكفي بحيث يجعل من بيع أصول للصندوق أمراً غير ضروري».
وأشارت إلى أن «الموارد غير النفطية تمثل أكثر من ثلاثة أرباع الناتج المحلي الإجمالي للبحرين وهو ما يقلل التعرض لمخاطر تقلبات أسعار النفط».
وفي ما يتعلق بالتغييرات الاستراتيجية في اقتصادات الخليج في ضوء التحولات الاقتصادية، تعتقد الشركة أنها لن تحتاج إلى تعديل توجهها. لكنها أشارت إلى الحاجة إلى المزيد من الفحص الفني للكشف عن الفرص في الأمد الطويل، في ظل التقلبات القصيرة الأجل.
يذكر أن الصندوق يملك حصصاً في شركات بحرينية؛ من بينها ألومنيوم البحرين وطيران الخليج وشركة البحرين للاتصالات (بتلكو). والصندوق مملوك بالكامل للحكومة البحرينية، لكن على عكس صناديق الثروة السيادية لا تتلقى ممتلكات أي سيولة فائضة من الحكومة وتستثمر من عائدات مشروعاتها.
وهناك شكوك في أن تتلقى صناديق الثروة السيادية في الخليج أي أموال حكومية هذا العام، بل على العكس من ذلك من المتوقع أن تسحب الحكومات عشرات المليارات من الدولارات من الأسواق العالمية للمساعدة في سد العجز الناجم عن استمرار زيادة الإنفاق في وقت تتراجع فيه أسعار النفط.
وبالنسبة إلى البحرين فإن الضغوط أكثر وضوحاً، إذ إن البحرين تواجه عجزاً حتى قبل تهاوي أسعار النفط وتسد العجز من خلال إصدار سندات وصكوك سيادية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)