عمان | دوما، يحاول النوّاب الأردنيون اكتساب قاعدة شعبية عبر المطالبة بتحقيق قضايا تنسجم مع نبض الشارع، وهي الطريقة التي عرفت بأنها أقرب إلى استعراض العضلات. في سياق ذلك، غضب النوّاب «افتراضيا» وقاطعوا جلسات المجلس ثلاث مرات للاحتجاج على قرار رفع الحكومة أسعار الكهرباء بدءا من العام الجاري برغم الرفض الشعبي لهذا القرار، وهو رفض لم يوقفه تأكيد الحكومة أنّ «هذه الزيادة لن تطاول المواطنين، وستقتصر على القطاعين الصناعي والتجاري".ولجأ النوّاب، كما اعتادوا حينما يجدون أنفسهم في مأزق أمام الشعب، إلى مذكرة لحجب الثقة عن حكومة عبدالله النسور، تبنّتها النائبة رولى الحروب، لكن أحد عشر نائباً من أصل 110 وقعوا المذكرة، ما يدفع كثيرين إلى إعادة الحديث عن الدور الشكلي لمجلس النواب، وعن أنّ محاولاتهم لانتزاع سلطة الحكومة ستبوء بالإخفاق كما في كل مرة.
تؤكد الحروب، وهي رئيسة لجنة الحريات النيابية، أن نسبة 13% تنوي الحكومة إدراجها لرفع أسعار الكهرباء «ستؤدّي إلى تدمير جميع القطاعات في المملكة، وعلى رأسها القطاعات الخدماتية كالسياحة»، واستندت في ذلك إلى أنّ متوسط كلفة الكهرباء البالغة 45% من مجموع كلفة الإنتاج ستصل إلى 60% بالقرار الجديد، وهو «ما سيمس القطاعين الصناعي والتجاري»، كما أشارت النائبة التي هي عضو في اللجنة المختصة في بحث قضية رفع أسعار الكهرباء، إلى أن كلفة الكهرباء على مصانع البلاستيك (الصناعة الحيوية في البلاد) البالغة 56% ستصبح 80% إذا رُفعت الأسعار، «ما سيجبر الكثير من الشركات والمصانع على تسريح عدد من العاملين لديها».
وكانت بعض الشركات، ومنها شركة «حديد الأردن» قد اتخذت قرارا بتسريح 200 موظف من عملهم، فيما تتزايد التحذيرات من استمرار هذه الحالة، إذ تنبه الحروب وغيرها إلى خطورة سكوت وزارة الصناعة عن الخطر الذي يتهدد المنتج المحلي، إذ سيؤثر القرار في الصادرات والعملة الصعبة.
الحروب حملت موقفا رافضا لمقاطعة الجلسات البرلمانيّة، قائلة: «هناك قضايا مصيرية يجب على النوّاب الخوض فيها تحت قبّة البرلمان دون اللجوء إلى الهرب»، مستبعدة في الوقت نفسه أن ترى مذكرة حجب الثقة (التي تبنّتها) النور، وكل ما تملكه نيّة اللجنة المختصّة الآن الضغط على الحكومة، واتخاذ إجراءات تصعيديّة «منها إسقاط قوانين الموازنة العامة بما يوصل إلى سقوط الحكومة إذا لم تعدل عن قرارها»، واتهمت النسور بأنه يسعى إلى «مجد شخصي» عبر تحقيق «أرقام غير منطقيّة في الموازنة»، بعدما انخفض سعر المحروقات.
في المقابل، يدافع الأستاذ في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية، ليث نصراوين، عن موقف الحكومة بالتشديد على أن رفع أسعار الكهرباء «في صميم صلاحيات السلطة التنفيذية، وليس لمجلس النواب علاقة بذلك».
وكان عقد اللجنة المختصة برفع أسعار الكهرباء اجتماعها سرّاً، قد أثار سخط الصحافيين لمنعهم من تغطية الاجتماع، وفي ذلك مخالفة صريحة للقانون الذي يفرض علانية جميع الجلسات ويكفل الحق بالحصول على المعلومة، الأمر الذي أكّده نصراوين قائلا: «الأصل أن تكون الجلسات علنيّة، لأنها تتعلق بأمر يخص المواطنين، ولا تتحدث عن شؤون عليا للدولة».
وفي ظل الانتقادات التي طاولت النواب ممن أعلنوا مقاطعتهم ولم يلتزموها، أوضح النائب خليل عطيّة أنّ المقاطعة مستمرة، وأنّ النواب المعنيين «تابعوا سير الجلسات من خلال الممرات والشرفات لا أكثر». ويرفض عطية ما تقدم قانونيا، إذ يؤكد أن الحكومة، وإن كان القرار لها، فإنها تخضع لرقابة النوّاب، مشيرا إلى أنهم مصرون على سحب الثقة فهو «أضعف الإيمان».
المحلل السياسي، راكان السعايدة، رأى، بدوره، أنّ «مجلس النواب لم يثبت جديته حتى لمرّة واحدة، أكان في القضايا السياسية أو الاقتصادية»، وهو ما أدى، وفق رأيه، إلى تنفيذ الحكومة ما تشاء من دون مبالاة بمعارضة النواب. وعن أسباب ذلك، يقول السعايدة: «غياب الحزبية عن المجلس والإصرار على قانون الصوت الواحد، من الأسباب التي تسبب دوما ولادة مجالس مشوهة».
على المستوى الحزبي، استبعد الأمين العام لحزب «الوحدة الشعبيّة»، سعيد ذياب، أن يكون موقف البرلمان جديّاً وحاسماً، واصفا أسلوب «الحرد والمقاطعة بأنه طريقة من لا يقوى على فعل شيء آخر، وصارت القضية كالمسرحية يشاهدها الأردنيون آلاف المرّات». وأعاد ذياب النظر إلى عجز النواب عن الوقوف بوجه الحكومة بالاستناد إلى مواقفهم في القضايا الوطنية المصيريّة، «كقضية الشهيد القاضي رائد الزعيتر، واستيراد الغاز الإسرائيلي».




مجلس النواب يتجنب إدراج «حماس» في المنظمات الإرهابية

عدّل مجلس النواب الأردني، في جلسة تشريعية عقدها الثلاثاء الماضي، قانونا بشأن تهمة تمويل الإرهاب، وذلك لتجنب إدارج حركة «حماس» فيه، وفق نواب أردنيين.
وكانت الحكومة الأردنية قد أحالت، قبل أشهر، إلى البرلمان، قانون «مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب» لإقراره بما يتماشى مع مكافحة الإرهاب وتمويله، لكن أعضاء المجلس صوتوا على مقترح تقدمت به النائبة، رولا الحروب، يلغي نص المادة الرابعة في القانون الذي أحالته الحكومة للبرلمان، إذ كانت ترى أن غسل الأموال وتمويل الإرهاب «مطلق»، دون تحديد الجهات الإرهابية التي يشملها القانون. وقالت الحروب، إن «إقرار المادة على النحو الذي جاءت به الحكومة يعني اعتبار حماس حركة إرهابية، كما يرى أن تحويل الأموال من الأردن لأي مواطن في فلسطين تربطه صلة بحماس، بالانتماء أو بالقرابة لأحد أعضائها، إرهاب، وهو أمر لا بد من الانتباه إليه، لأن الأردن مرجعه في ذلك قانون عربي استرشادي لا يرى حماس إرهابية».
مع ذلك، يبقى إقرار المادة معلقاً بقرار أعضاء مجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان)، لأن الدستور الأردني في مادته (91) يشترط «عرض رئيس الوزراء مشروع كل قانون على مجلس النواب الذي له حق قبول المشروع أو تعديله أو رفضه، وفي جميع الحالات يرفع المشروع إلى مجلس الأعيان، ولا يصدر قانون إلا إذا أقره المجلسان، ووافق عليه الملك».
(الأخبار)