أعلنت قيادة تحالف العدوان بدء هجومها للسيطرة على ميناء الحديدة، غرب اليمن، على الرغم من تواصل الضغوط الأممية والدولية لمنع هذا الهجوم، والتحذيرات من عواقب إنسانية «كارثيّة» ستنجم عن إحدى أكبر المعارك خلال سنوات الحرب الثلاث.وبعد ساعات على بدء الهجوم، طلبت المملكة المتحدة، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، اجتماعاً عاجلاً للمجلس، الذي يُتوقع أن يبحث هذا الملف، غداً، وذلك للمرة الثانية خلال أسبوع.
يأتي ذلك في وقت أكد فيه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، في بيان، أن المفاوضات مستمرّة لتجنّب مواجهات دامية في مدينة الحديدة. وقال: «أشعر بقلق عميق من التطورات العسكرية في الحديدة»، مضيفاً: «لدينا اتصالات دائمة مع كل الأطراف المشاركة للتفاوض بشأن ترتيبات للحديدة تستجيب للمخاوف السياسية والإنسانية والأمنية لكل الأطراف المعنيين». وأكد أنه «ليس هناك حل عسكري للنزاع». وقال: «أدعو الأطراف إلى الانضمام بشكل بناء إلى جهودنا من أجل تجنّب أي مواجهة عسكرية في الحديدة. كما أدعو الأطراف إلى أن يبرهنوا ضبط النفس ويمنحوا فرصة للسلام».
وشدد مبعوث الأمم المتحدة على أن «تصعيداً عسكرياً سيكون له عواقب خطيرة على الوضع الإنساني الكارثي في البلاد، وسيؤثر على جهودي لاستئناف المفاوضات السياسية من أجل تسوية سياسية تشمل كل أطراف النزاع في اليمن». وأضاف: «أكرر التزام الأمم المتحدة الحازم التوصل إلى حل سياسي لإنهاء النزاع في اليمن».
النداءات الدولية لم تكن، منذ البداية، محلّ اهتمام لدى «التحالف» الذي حشد مقاتليه حول المدينة الاستراتيجية تمهيداً لاقتحامها، علماً بأنَّ ميناء الحديدة يمثّل شريان حياة لغالبية اليمنيين، وتدخل عبره 80 في المئة من المساعدات الإنسانية.
وبحسب وكالة الإمارات الرسمية للأنباء، فقد رفعت «قوات المقاومة اليمنية» المشتركة «جاهزيتها القتالية إلى الدرجة القصوى استعداداً وتأهباً لمعركة تحرير مدينة الحديدة من قبضة ميليشيات الحوثي». الوكالة نقلت عن مصدر في هذه القوات قوله إن «قوات كبيرة» وصلت إلى مشارف مدينة الحديدة «معزّزة بتسليح متطور ومتكامل وعزيمة قتالية عالية لتواصل انتشارها على خطوط المواجهة لبدء معركة الحسم ودحر ميليشيات الحوثي والمخطط الانقلابي في اليمن».
في السياق ذاته، نقلت «رويترز» عن مصادر عسكرية محلية قولها إنّ مئات المقاتلين اليمنيين ودبابات وإمدادات عسكرية إماراتية وصلت، أول من أمس، لتعزيز قوات، منها إماراتية وسودانية، في منطقة الدريهمي على بعد عشرة كيلومترات جنوب الحديدة. وقالت المصادر إنّ القوات «المؤلفة من انفصاليين من الجنوب ووحدات محلية من منطقة ساحل البحر الأحمر وكتيبة يقودها ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله، صالح، باتت على أبواب مطار الحديدة».
تأتي العملية التي أطلق عليها التحالف اسم «النصر الذهبي»، بعد انتهاء «مهلة» الـ 48 ساعة ليل الثلاثاء ــ الأربعاء، التي حدّدتها الإمارات للمبعوث الأممي، مارتن غريفيث، «لإقناع الحوثيين بالانسحاب من مدينة الحديدة ومينائها»، وفق ما نقلت «لو فيغارو» الفرنسية عن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش.
(تصميم سنان عيسى)

أمّا خالد بن سلمان، السفير السعودي في واشنطن، فاعتبر أنّ «السبيل الأمثل لمعالجة مسألة الحديدة والأوضاع الإنسانية فيها وفي اليمن بشكل عام هو (...) الانسحاب من الحديدة، وتسليمها للحكومة الشرعية اليمنية».
ورداً على الهجوم، أفادت قناة «المسيرة» اليمنية، نقلاً عن مصدر لم تسمه، قوله إنّ القوات البحرية التابعة لـ«أنصار الله» استهدفت بصاروخين بحريّين بارجة للتحالف قبالة سواحل الحديدة، وأشار المصدر إلى أنّ «بوارج أخرى تراجعت بعد اشتعال النيران في البارجة المستهدفة، التي كانت تحمل قوات تم إعدادها لتنفيذ إنزال في سواحل الحديدة».
ولإضفاء «شرعية» على الهجوم، نعَت حكومة عبد ربه منصور هادي المفاوضات السياسية، وقالت في بيان إنها ماضية «نحو إعادة الشرعية إلى كامل التراب الوطني، بعدما استنفدت كافة الوسائل السلمية والسياسية لإخراج الميليشيا الحوثية من ميناء الحديدة»، معتبرةً أنّ «تحرير الميناء يمثّل بداية السقوط للحوثيين»، و«يؤمن الملاحة البحرية في مضيق باب المندب... وسيقطع أيادي إيران التي طالما أغرقت اليمن بالأسلحة التي تسفك بها دماء اليمنيين الزكية»، بحسب البيان.
في غضون ذلك، ومع بدء المعركة، دعت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم، جميع الأطراف في الحرب اليمنية إلى حماية المدنيين. وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ليز غراندي، لـ«رويترز»: «بموجب القانون الإنساني الدولي، يتعيّن على أطراف الصراع بذل كل جهد ممكن لحماية المدنيين وضمان حصولهم على المساعدات التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة».
وفي جنيف، قالت المتحدثة باسم الصليب الأحمر، ماري كلير فغالي، إنّ «من المرجّح أن يفاقم الهجوم وضعاً إنسانياً كارثياً بالفعل في اليمن».
وكانت الأمم المتحدة قد سحبت، أول من أمس، كل موظفيها الدوليين من الحديدة، محذرةً من تعريض حياة ملايين السكان للخطر في حال جرت معركة في المدينة بسبب احتمال توقف تدفّق المساعدات.
(أ ف ب )

هادي يلتقي ابن زايد
على خطّ موازٍ، التقى الرئيس اليمني المستقيل، عبد ربه منصور هادي، في الإمارات، ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، مساء أمس، بعد فترة من الجفاء بين البلدين. وبحث الطرفان «سبل تعزيز العلاقات والتعاون والتنسيق المشترك بين البلدين، إضافة إلى تطورات الأوضاع على الساحة اليمنية»، وفق الوكالة الإماراتية الرسمية للأنباء.
وقال ابن زايد إن «التحالف العربي بقيادة السعودية (..) أكثر قوة وتقدماً وإنجازاً في اليمن لبسط الاستقرار وحفظ الأمن وتحرير الأرض من أجل أن يبدأ اليمن الشقيق مرحلة جديدة من السلام والبناء والتنمية»، فيما أشاد هادي بدور التحالف، بقيادة السعودية، ومساهمات الإمارات الكبيرة في مساندة اليمن.
من جهته، وضع مدير مكتب هادي، عبد الله العليمي، اللقاء في إطار «تنظيم الجهود المشتركة لإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة اليمنية». وأضاف في تغريدة عبر «تويتر» أنّ اللقاء يمثّل «تتويجاً لجهود كبيرة ومشكورة تبذلها السعودية قائدة تحالف دعم الشرعية لتوحيد كافة الجهود لتحقيق أهداف التحالف».

«الغوا مؤتمر باريس»
دعت حوالى 15 منظمة غير حكومية دولية، اليوم، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الضغط على السعودية والإمارات لتجنب هجوم على الحديدة، معتبرة أنه «لا يمكن تصور الإبقاء» على مؤتمر باريس «الإنساني» حول اليمن في 27 حزيران المقبل، إذا جرى هذا الهجوم.
وفي رسالة إلى ماكرون، عبّرت هذه المنظمات عن «قلقها من التدهور السريع في الأزمة اليمنية»، وقالت إنّها «تلتمس» من ماكرون أن «يفعل ما في وسعه للضغط على الإمارات والسعودية من أجل تجنب هجوم على مرفأ الحديدة».
وقالت إن «هجوماً على المدينة ستكون له على الأرجح عواقب كارثية على السكان المدنيين». وأضافت «ندعوكم إلى القول علناً إن فرنسا لا يمكنها مواصلة دعم طرف في النزاع قد يهاجم الحديدة».
وبين المنظمات الموقّعة: الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان، و«كير أنترناشيونال»، و«نورويجن ريفوجي كاونسل»، و«ريليف انترناشيونال»، و«هانديكاب انترناشيونال»، وفرع «أوكسفام» في فرنسا، و«أكسيون كونتر لا فان» و«أطباء بلا حدود».