صنعاء | على وقع الأنباء عن فشل المفاوضات في مسقط، يحاول العدوان زيادة الضغط على الجيش و«أنصار الله»، عبر الترويج لقرب «معركة مأرب». يتزامن ذلك مع تصعيد غير مسبوق على الجبهة الحدودية واقتحامات لمواقع في العمق السعودي، تؤكد «أنصار الله» أنها «أول الغيث».
وفيما يروج إعلام التحالف لانتهاء الإعداد لـ«معركة مأرب» لمواجهة الجيش و«أنصار الله» في إحدى أغنى المحافظات اليمنية، بعد إدخال قوات إماراتية من شرورة ومن معسكر عصب عبر عدن، تتجه الأنظار إلى الجنوب السعودي، تحديداً إلى نجران وجيزان اللتين أصبحتا في مرمى النيران اليمنية بصورةٍ شبه كاملة. ويراهن اليمنيون على أن التطورات على الحدود ستؤتي ثمارها في المسار السياسي للأزمة، بالتزامن مع التأثير على أكثر من صعيد داخل السعودية التي لا تزال تتعاطى مع ما يجري في المناطق الجنوبية بسياسة التعتيم والتكتم.

أدخل العدوان
قوات من شرورة ومن عدن استعداداً لـ«معركة مأرب»


في مأرب، أكد مصدر ميداني لـ«الأخبار» أن الجيش و«اللجان الشعبية» متقدمون، مشدداً على أن جبهة مأرب هي الجبهة الداخلية الاكثر تقدماً بين الجبهات، رغم ما يحظى به مقاتلو «القاعدة» و«الاصلاح» من دعم معلن من قبل العدوان ومن قبل التنظيم في حضرموت، مقللاً من أهمية ما يتناقله إعلام العدوان من حديث حول الاستعدادات والمدد الكبير الذي وصل الى مأرب خلال الايام الماضية. وعلمت «الأخبار» أن خطة التحالف تقوم على إمطار الجيش و«اللجان» بوابل من القصف الجوي قبل ٢٤ ساعة من الدخول البري، على غرار ما جرى في المحافظات الجنوبية، ومن ثم قيام ٣ مجموعات من القوات تسمى «الصقور» بالتقدم، بينما تبقى القبائل خلف الصقور للسيطرة على الأرض. وأفادت أنباء بأنه، استعداداً للمعركة، تم الايعاز إلى الشركات النفطية بتقليص أعداد العاملين فيها بما لا يؤثر في الانتاج، مع إبقاء الموضوع في الاطار السري.
وفي موازاة التطورات الداخلية، تواصل القوات اليمنية تصعيدها على الحدود، مسيطرة خلال اليومين الماضيين على أكثر من 13 موقعاً في محيط مدينة الخوبة في جيزان، بحسب إعلان وزارة الدفاع اليمنية. ويقول عضو المكتب السياسي في «أنصار الله»، ضيف الله الشامي، إن التقدم في الحدود والمناطق الواقعة تحت السيطرة السعودية وتصعيد العمليات في داخل تلك المناطق، يأتيان في سياق الرد الطبيعي على العدوان وعلى تماديه في قتل اليمنيين وتدمير مقدراتهم، مؤكداً أن «التصعيد مستمر ولا سقف له»، وأن «الخطوات تمضي بشكل تصاعدي».
وبعد مرور نحو ستة أشهر على بدء العدوان على اليمن وإعلانه المتكرر تدمير القدرات العسكرية للجيش اليمني و«أنصار الله»، نفذ الأخيران عدداً من العمليات العسكرية النوعية بدأت بإطلاق صواريخ «سكود» مرتين على قاعديتن استراتيجيتين في العمق السعودي، هما قاعدة خميس مشيط وقاعدة السليل، وانتهت بإطلاق صاروخ باليستي من نوع «توشكا» على أهم قاعدة بحرية في جيزان، إضافة إلى كون العمليات التصعيدية على الحدود هذه الأيام تدل على أن «أنصار الله» لا تزال قوية وقادرة على تغيير المعادلة وقلب الموازين. وتابع الشامي أن «التحرك يأخذ شكلاً تصاعدياً، فهو في كل فترة يبرز نوعاً من المفاجآت والتكتيك»، معتبراً أن العدو منذ الوهلة الأولى ألقى بثقله واستخدم كل قوته والأسلحة المحرمة دولياً، ولم يعد لديه ما يفاجئ اليمنيين به، مؤكداً أن العدوان لم يعد أمامه سوى الذهاب إلى الانهيار.
وفي حين اعترفت السعودية أول من أمس بمقتل قائد اللواء 18 ومجموعة من ضباط اللواء بما سمّتها «مقذوفات عشوائية»، أوضحت وزارة الدفاع أن الجيش و«اللجان» اقتحموا مقر اللواء وسيطروا عليه ودمروا الكثير من معداته وقتلوا قائده ومجموعات من الضباط والجنود. ويوم أمس، أعلنت السلطات السعودية مقتل ثلاثة جنود سعوديين في جيزان جراء تبادل لإطلاق النار وقذائف مدفعية وهاون وراجمات صواريخ، فيما لقي آخر حتفه في حادث سير في آليته العسكرية. من جهتها، أعلنت القوات المسلحة السعودية مقتل جنديين متأثرين بجروحهما بعد إصابتهما خلال العمليات العسكرية على الحدود مع اليمن، من دون تحديد ما إذا كانا من مصابي جيزان. وفي حادث آخر، أعلنت القوات المسلحة مقتل جندي سعودي «إثر حادث عرضي نتيجة سقوطه من آلية عسكرية».
وفيما أكد مصدر في «الاعلام الحربي» خلوّ مناطق واسعة داخل جيزان ونجران وعسير من الوجود العسكري السعودي، يعتقد الشامي أن القوات اليمنية استطاعت أن تثبت أنها هي من يمتلك زمام المعركة «ونحن من يبادر وليس العدو الذي أصبح في مأزق بعدما ألقى بكل خياراته وكشف كل أوراقه وفعل أقصى ما يستطيع من قصف وتدمير وقتل»، لافتاً إلى أن الجيش السعودي بات عاجزاً حتى عن استعادة معسكر أو موقع سيطر عليه الجيش و«اللجان» داخل عمق أراضيه.
ويرى الشامي، الذي يشغل منصب رئيس وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ»، أن الانهيارات في صفوف الجيش السعودي وتساقط مواقعه بشكل متسارع في أيدي الجيش و«اللجان» لهما خلفيات كثيرة، أهمها الفرق بين الجيش اليمني والجيش السعودي. ويوضح: «هناك عدد كبير من أبناء الجيش السعودي رفضوا الخدمة، وبعضهم طلبوا إجازات غير مقتنعين بهذه المواجهة، لأنهم يؤمنون بأنها ظالمة، ولذلك تركوا مواقعهم العسكرية، وعدد كبير من الجيش الذي لا يزال يقاتل لاحظنا أنه يفر من المواجهة للسبب نفسه، لعدم وجود الاقتناع والقضية التي يمكن أن يقاتلوا لأجلها»، لافتاً إلى أن الجيش السعودي ليس صاحب تجربة في الحرب ولا قضية تدفعه إلى التضحية مقارنة بالجيش اليمني. ويرى أن الجنود السعوديين الذين يرغمون على القتال يهربون من المعارك خوفاً من الموت، وهو ما يفسر التهديد بالفصل الذي عمّمته قيادة الجيش قبل يومين بتهمة الفرار من الزحف، حسب توصيفهم.
إلى ذلك، أسقط الجيش و«أنصار الله» طائرة استطلاع إماراتية، في منطقة مكيراس بين أبين والبيضاء، وهي الطائرة الثالثة التي يسقطها الجيش اليمني و«اللجان» خلال أيام.