حين تسأل أيّ مدرب في عالم كرة القدم عن ما يتمناه كمدير فني، ستكون الإجابة على الأغلب الحظّ أو التوفيق. فرغم أنّ كرة القدم المعاصرة أشبه بالعلم الصحيح بالإحصائيّات الدقيقة والتوقّعات الحسابيّة التي تكاد لا تخطئ، إلّا أنّ عامل المفاجأة يقلب هذه المعطيات رأساً على عقب، منتصراً دائماً لقاعدة ثابتة: كرة القدم لعبة تحتاج لبعض الحظّ، خاصّةً عندما يتعلق الأمر بالإنجازات الكبرى. ويمكن تصنيف نبيل معلول، مدرّب المنتخب الوطنيّ التونسيّ، في هذه الفئة. ركب الرجل قطار تصفيات الترشّح لكأس العالم، وحقّق تأهلاً تاريخيّاً بعد أن ابتسم له الحظّ من أرض ملعب المنافس المباشر للمنتخب التونسيّ، منتخب الكونغو الديمقراطية، بعد اقتلاع تعادل خلال الدقائق الأخيرة من «ملحمة كروية» لا تتكرّر كثيراً، واختارها «الفيفا» من بين أفضل المباريات في التصفيات. هذا القطار الذي يسير مرفقاً بالحظّ والإنجازات، ركبه معلول مع فريق الترجّي الرياضيّ التونسيّ في موسم تحقيق الثلاثيّة الشهيرة ومشاركته في كأس العالم للأندية. حينها وجد الرجل فريقاً جاهزاً بلاعبين مميّزين وعمل كبير خلّفه المدرب السابق، وهذا تقريباً ما حصل أيضاً في رحلة تأهل المنتخب للمونديال الروسيّ. لكن، مع ذلك، لا يمكن اختصار سيرة المدرّب التونسيّ في مجرد «ضربات حظّ»، إذ له كذلك ماضٍ ثريّ يستحق الذِكر.
لاعبٌ مثير للجدل
بدأ نبيل معلول مسيرته كلاعب كرة قدم مع فريق الترجّي الرياضيّ التونسيّ، حيث تدرج في مختلف فئاته العمريّة. خاض أولّ لقاء مع فريق الأكابر عام 1981، واستمرت التجربة نحو ثماني سنوات كانت حافلة بالإنجازات. مهد ذلك لخوض تجارب احتراف خارجيّة كان أوّلها مع فريق هانوفر الألمانيّ، لكنّ مسيرته معه لم تعمّر أكثر من عامين. عاد بعدها لاعب الوسط المخضرم لفريقه الأم الترجّي، وينتقل بعدها للاحتراف خليجيّاً، تحديداً في الدوريّ السعوديّ، حيث لعب موسماً يتيماً لصالح نادي الأهلي. عاد معلول مجدداً إلى تونس عام 1994 ليدافع عن ألوان النادي البنزرتيّ لموسم واحد، وفجّر صيف السنة ذاتها مفاجأة من العيار الثقيل، حيث انضم إلى النادي الإفريقيّ، المنافس التقليديّ للترجّي، وقد عاد عليه ذلك الانتقال بالكثير من الانتقادات إلى درجة وصفه بأنّه «خائن»، من قبل جماهير فريقه الأم. أثمر الانتقال موسماً موفقاً، فاز خلاله الإفريقيّ بـ«البطولة العربيّة للأندية»، تلاه موسم آخر حصد خلاله الدوريّ المحليّ، واعتزل بعدها اللّعب. على المستوى الدوليّ، شارك معلول مع منتخب تونس في 74 مباراة دوليّة، وهو عدد مشاركات محترم في تاريخ اللاعبين الدوليّين.

المدرّب والمحلّل: «اثنان في واحد»
بعد اعتزاله اللّعب نهائياً دخل معلول مجال التدريب. كانت أولى تجاربه خارج الديار مع نادي أولمبيك خريبكة المغربيّ، ثم ترك بين عامي 1998 و2001 التدريب مؤقتاً وخاض تجربة التحليل الفنيّ مع بعض الفضائيّات العربيّة. لم يطل الأمر، عاد مرّة أخرى للتدريب. عُيّن عام 2002 مساعداً للمدرب الفرنسيّ روجي لومار على رأس الجهاز الفنيّ للمنتخب التونسيّ. من موقعه الجديد، ساهم الرجل في الفوز بـ«كأس أمم أفريقيا» عام 2004، وهي الكأس الأفريقية الوحيدة لـ«نسور قرطاج»، وهو إنجاز من المؤكد أنّ حلم كلّ مدرب أن يساهم في تحقيقه، خاصة لصالح بلاده، هنا تكرّس مرّة أخرى أثره. ترك معلول الجهاز الفنيّ للمنتخب التونسيّ ليدرب النادي الإفريقيّ ثمّ النادي البنزرتيّ. لم يطل الغياب، حيث عاد إلى المنتخب الوطنيّ لفترة قصيرة عام 2008. في كانون الأول/ديسمبر عام 2010، تولى نبيل معلول تدريب الترجّي التونسيّ مرّة أخرى، لم تكن الأخيرة، وحقق معه ثلاثيّة تاريخيّة: الدوريّ والكأس المحليّين، دوري أبطال أفريقيا، ومشاركة في كأس العالم للأندية في اليابان.
خاض تجارب احتراف خارجيّة كان أوّلها مع فريق هانوفر الألمانيّ


بعد انقطاع قصير، عاد معلول إلى الترجّي في 2012 واستمر معه لمدّة موسم، قررت بعده إدارة النادي إقالته. تولى بعد ذلك تدريب المنتخب التونسيّ، لكنّه سرعان ما أعلن استقالته يوم 7 أيلول/سبتمبر من نفس العام عقب الهزيمة أمام منتخب الرأس الأخضر ضمن تصفيات مونديال 2014، وقد كانت تلك المباراة سبب عدم تأهل الفريق. شدّ معلول الرحال إلى الخليج مرّة أخرى، فتعاقد مع نادي الجيش القطريّ لفترة قصيرة، عُيّن بعدها مدرباً لمنتخب الكويت بين عامي 2014 و2016. وحتى تكتمل الدائرة، عاد الرجل إلى المنتخب التونسيّ، وحقّق أحد أهمّ إنجازاته: الوصول إلى نهائيّات كأس العالم مع منتخب بلاده ويكون المدرب العربيّ الوحيد في هذه النسخة الروسيّة. تخلّل سنوات معلول التدريبّية عمله أيضاً كمحللّ رياضيّ في قناة «بي إن سبورتس» القطريّة. ارتباط الرجل «الوثيق» بالقناة رافقه تصريحات وأفعال أثارت جدلاً في الشارع الرياضيّ التونسيّ، من ذلك مثلاً تصريح عقب تأهل المنتخب التونسيّ لنهائيّات كأس العالم، حيث أهدى الانتصار لـ«الشعب القطريّ المحاصر»، وكان ذلك متزامناً مع بداية الأزمة الخليجيّة، وهو أمر اعتبره الكثير من التونسيّين محاولة توظيف غير مبرّرة لإنجاز مهمّ انتظره الجّمهور الرياضيّ طويلاً. كما أثار تحليله إحدى المباريات على شاشة نفس القناة، بعد تولي تدريب المنتخب التونسيّ، جدلاً واسعاً حول قدرته على التوفيق بين المهمّتين.



حصاد العقود
■ توُّج مع الترجّي التونسيّ بلقب البطولة العربيّة للأندية عام 1993، وبالدوري المحليّ في ستّ مناسبات (1982 و1985 و1988 و1989 و1993 و1994)، وكأس تونس مرتين في 1986 و1989
■ حاز في موسم 1987-1988 جائزة «الحذاء الذهبيّ» التي تمنح لأفضل هداف في الموسم
■ فاز بدوري أبطال أفريقيا مع الترجّي التونسيّ كمدرب، وشارك في بطولة كأس العالم للأندية عام 2011 (خسر في ربع النهائي أمام السد القطريّ)
■ حقق اللّقب الأفريقيّ مع المنتخب التونسيّ عام 2004 كمدرّب مساعد، وهو الوحيد مع الإسباني فيسنتي ديل بوسكي الذي شارك بكأس العالم للأندية وكأس العالم للمنتخبات
■ كمدرب أيضاً تأهل مع المنتخب التونسيّ للمونديال وهو المدير الفني للمنتخب، ليكون المدرّب العربيّ الوحيد في المسابقة