في أعقاب إصدار المحكمة العليا الأميركية، الإثنين، قراراً يقضي بأن دونالد ترامب يتمتع بـ«حصانة جزئية» من الملاحقة القضائية بصفته رئيساً سابقاً، بدا أنّ النظام القضائي نفسه الذي «أتعب» الرئيس الجمهوري السابق خلال الأشهر الماضية، قد قدّم له أخيراً «هدية» ثمينة جداً، ستمكنه، على الأرجح، من تأجيل محاكمته بتهمة محاولة الانقلاب على النتائج الرئاسية عام 2020، إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المتوقّع إجراؤها في تشرين الثاني القادم. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر مقرّبة من ترامب قولها إنّه في حال فاز الأخير في الانتخابات، فمن المرجّح أن تُسقط وزارة العدل القضية بالكامل. وطبقاً لمراقبين، يمكن فهم خلفية القرار بالنظر إلى الأغلبية المحافظة التي تسيطر على المحكمة، والتي رسّختها، في السابق، ترشيحات ترامب نفسه. وسرعان ما احتفل ترامب بقرار المحكمة، عبر منصته على موقع «تروث سوشيال»، قائلاً في منشور إنّ الخطوة هي «فوز كبير لدستورنا وديموقراطيتنا. فخور بكوني أميركياً!». وبعد ساعات من صدور القرار، بدأ محامو ترامب يقودون جهوداً لإسقاط التهم الجنائية التي وجّهتها إليه، في وقت سابق، محكمة مانهاتن، إذ طالبوا بالحصول على إذن بتقديم طلب لإلغاء الحكم. بمعنى آخر، فإنّ الرئيس السابق قد يستند إلى قرار المحكمة العليا ليحاول تأجيل صدور الحكم في التهم الـ34 الموجّهة إليه، في قضية تزوير سجلّات خاصة بهدف التستر على مبلغ مالي دفعه، قبل انتخابات عام 2016، لنجمة سينمائية، علماً أن ذلك الحكم كان من المفترض أن يصدر بعد نحو عشرة أيام تقريباً. على أنّه طبقاً لصحيفة «نيويورك تايمز»، فإنّ إسقاط التهم المشار إليها قد يكون بعيد المنال في الوقت الراهن، نظراً إلى أنّ قضية الممثلة الإباحية تتمحور حول الأفعال التي قام بها ترامب خلال الفترة التي كان فيها مرشحاً للرئاسة لا رئيساً فعلياً، فيما من المرجّح أن يجادل محاموه بأن المدّعين بنوا قضيتهم جزئياً على أدلة خلال فترة حكم ترامب. وبالفعل، بموجب الحكم الجديد الذي أصدرته «المحكمة العليا»، لا يجوز للمدّعين العامين توجيه أي اتهام إلى الرئيس بناءً على أفعال رسمية، كما لا يمكنهم حتى الاستشهاد بمثل هذه الأفعال كأدلة لتدعيم اتهامات أخرى.
في حال فاز ترامب في الانتخابات، فمن المرجّح أن تسقط وزارة العدل القضية بالكامل


على الضفة الأخرى، ندّد الرئيس الحالي، جو بايدن، بالقرار، معتبراً في كلمة متلفزة ألقاها من البيت الأبيض، الثلاثاء، أنّ ما يحصل يشكل «سابقة خطيرة»، مضيفاً أنّه كان يفترض بالمحكمة العليا ألّا تُصدر مثل هذا القرار قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية. كما اعتبر ساكن البيت الأبيض أنّ قرار المحكمة هو استكمال لـ«هجومها» في السنوات الأخيرة على الكثير «من المبادئ القانونية الراسخة في أمتنا»، وأنّه يوحي بأنّه لا يوجد «أي قيود على ما يمكن لأي رئيس أميركي أن يقوم به». على أنّ عدداً من وسائل الإعلام استغلّ كلمة بايدن، التي استمرت لنحو أربع دقائق، لاستكمال الهجوم الذي بدأ على الرئيس الديموقراطي، في أعقاب أدائه المحبط في أول مناظرة رئاسية بينه وبين ترامب الخميس، إذ أوردت شبكة «سي أن أن» الأميركية تقريراً جاء فيه أنّ ظهور بايدن التلفزيوني الأخير جاء بعد «استراحته» لبضعة أيام في «كامب ديفيد»، وفي وقت يستعد فيه لتلقّف استطلاعات الرأي التي ستظهر مدى الخطر الذي لحق بمساره المتعثّر بالفعل إلى البيت الأبيض، مشيراً إلى أنّ الخطاب لم يساهم بأي شكل في التخفيف من حدة المخاوف المحيطة بالرئيس. وأضاف التقرير أنّه بالرغم من أنّ الكلمة كانت مكتوبة على شاشة أمام الرئيس، فإنّ كلمات الأخير كانت تخرج بسرعة «كما هو الحال عادة مع كبار السن». كما أنّه غادر بسرعة من دون الإدلاء بأي تصريح إلى الصحافيين، فيما بدت حركته ثقيلة، وذكّرت المشاهدين بـ«سنّه المتقدّمة».