ومع صدور القرار، تتّجه الأنظار إلى طهران، وأيّ ردّ فعل ستبديه إزاء التطوّرات. وكان مسؤولون إيرانيون أعلنوا، في وقت سابق، أنه في حال التصويت على قرار يدين إيران، فإن الأخيرة ستردّ عليه "ردّاً جادّاً وحاسماً". وفي أول تعليق، وصف الناطق باسم مؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، قرار الوكالة بـ"غير البنّاء"، مؤكداً أن بلاده "لن تتراجع أمام الضغوط السياسية". وتابع: "(أنّنا) بدأنا، اعتباراً من اليوم، إجراءات في إطار اتفاقات الضمانات. والمتوقّع من الدول الغربية أن تتبنّى أسلوب التعاون، بدلاً من استغلال المنظمات الدولية وأدوات الضغط. يجب أن تكون التجربة قد برهنت لهم أن إيران لن تتخلّى عن حقوقها المسلَّم بها أمام الضغوط السياسية".
ينتهي سريان معظم القيود الموضوعة على البرنامج النووي الإيراني في تشرين الأول 2025
من جهتها، ندّدت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، "بقوّة" بالتصديق على القرار الذي اعتبرته "غير بنّاء"، و"يأتي استمراراً للسياسات الفاشلة للدول الغربية." وأكدت الوزارة أن إيران ملتزمة بمواصلة التعاون الفني مع الوكالة "في إطار حقوقها وواجباتها الدولية، تأسيساً على معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية واتفاقات الضمانات"، معتبرة أن صدور القرار "ليس له أدنى أثر على إرادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لمواصلة الاستخدام السلمي للطاقة النووية"؛ علماً أن إيران كانت خفّضت التزاماتها بموجب الاتفاق النووي ردّاً على الانسحاب الأميركي منه، وإعادة فرض العقوبات عليها، ومن أهم الإجراءات التي اتّخذتها في هذا المجال، زيادة نسبة وحجم اليورانيوم المخصّب، وكذلك تقليص عمليات المراقبة التي تمارسها الوكالة الدولية. ويبدو أن إيران تستخدم هذه الإجراءات كأداة ضغط، لدفع الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات، حتى إن السلطات الإيرانية تحدّثت، في الآونة الأخيرة، عن احتمال "تغيير العقيدة النووية"، في حال تزايُد التهديدات الموجهة ضدّها، في ما اعتبره مراقبون إشارة إلى احتمال أن تتحرّك الجمهورية الإسلامية في اتجاه تصنيع السلاح النووي.
ويحصل هذا بينما ينتهي سريان معظم القيود الموضوعة على البرنامج النووي الإيراني في تشرين الأول 2025، بما فيها إجراءات المراقبة الخاصة بالاتفاق النووي والتي أيّدها القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي. ويبدو أن الدول الغربية في صدد الضغط على إيران قبل حلول هذا الموعد، خصوصاً وسط تزايد الحديث عن إمكانية تفعيل "آلية الزناد" (إعادة وضع العقوبات الأممية) ضدّ الجمهورية الإسلامية. وكانت وسائل إعلام، بما فيها "رويترز" و"وول ستريت جورنال"، تحدّثت عن خلافات بين أميركا والدول الأوروبية الثلاث حول استصدار قرار ضدّ إيران، قيل، وفق مصادر الصحيفة والوكالة، إن واشنطن تعارضه، تجنُّباً لزيادة التصعيد مع طهران قبل الرئاسيات الأميركية. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة وافقت في النهاية على قرار الترويكا. أيضاً، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن حكومة جو بايدن شعرت بالقلق إزاء تصاعد التوتّرات النووية نتيجة ردّ فعل إيران على اللهجة القاسية لمقترح الدول الأوروبية، ولذا، فهي "طلبت من هذه الدول تعديل بعض المصطلحات المستخدمة في نص القرار، من أجل منع تصعيد الموقف في الوضع المتأزم في الشرق الأوسط".
وصودق على القرار المذكور، بعدما أجرت إيران والولايات المتحدة، خلال الأشهر الأخيرة، محادثات في العاصمة العمانية مسقط، بهدف "احتواء التصعيد" إزاء القضايا الإقليمية وكذلك النووية. وتقول مصادر مطّلعة إن ست جولات من المحادثات عُقدت بعد عملية السابع من أكتوبر، غير أنها عُلّقت عقب وفاة رئيسي، وإلى حين اتّضاح نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية. وترى أوساط في إيران أن واشنطن وحلفاءها الأوروبيين يتبعون سياسة العصا والجزرة، أي المحادثات والضغط المتزامن، ويلعبون دور "الشرطي الجيد" و"الشرطي السيّئ" مقابل إيران، لحثّها على تقييد برنامجها النووي.