يتسابق الأوروبيون والأميركيون، ومعهم "حلف شمال الأطلسي"، على إطلاق المواقف والتصريحات الداعمة لأوكرانيا، والمهاجِمة لروسيا، حتّى وصل الأمر برئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، إلى التلويح بطرد موسكو من مجلس الأمن الدولي، فيما هدّدت الولايات المتحدة، أيضاً، بطردها من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. خطوات وتهويل وصراخٌ خبط عشواء، من دون أيّ نتائج عملية على الأرض، سوى في زيادة الضغط عبر العقوبات، بينما وجدت الولايات المتحدة 12 دبلوماسياً روسياً، تمكّنت من خلالهم من التنفيس عن غضبها، عبر طردهم، متّهمة إياهم بـ"التجسُّس".وجاء في بيان للمتحدثة باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، أنّ "الولايات المتحدة أبلغت الأمم المتحدة والبعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة، أنّها باشرت إجراءات طرد 12 عميل استخبارات في البعثة الروسية استغلّوا" صفتهم الدبلوماسية في الولايات المتحدة، لكي يمارسوا "أنشطة تجسّّس على أمننا القومي". وشدّدت المتحدثة على أنّ التدبير كان قيد التحضير "منذ أشهر عدة"، في إشارة يبدو أنّ الهدف منها تمييز الخطوة عن الردّ الأميركي على الحرب التي تشنّها روسيا على أوكرانيا.
وكان مساعد السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز قد أكّد أنّ قرار الولايات المتحدة طرد الدبلوماسيين الروس يرتبط بممارستهم "أنشطة لا تنسجم" مع صفتهم. وجاءت تصريحات ميلز، في مستهل اجتماع لمجلس الأمن خُصّص للتداعيات الإنسانية لهذا النزاع، وقد طلب من المندوب الروسي فاسيلي نيبنزيا، التركيز على هذا الموضوع بعدما أبلغ المشاركين في الاجتماع بالقرار الأميركي. وأعلن نبينزيا أنّ واشنطن طلبت من الدبلوماسيين الاثني عشر المغادرة، بحلول السابع من آذار، لكنّه رفض توضيح ما إذا كان القرار الأميركي يشمله.
على الجهة ذاتها، اقترح وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، استبعاد موسكو من عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وقال في كلمة عبر الفيديو أمام المجلس: "يمكننا بشكل عقلاني أن نتساءل ما إذا كان ينبغي السماح لدولة عضو في الأمم المتحدة تحاول الاستيلاء على دولة عضو أخرى في الأمم المتحدة، بينما ترتكب انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان، وتتسبّب في معاناة إنسانية هائلة، بالبقاء في هذا المجلس".
في هذه الأثناء، اتّهم رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، روسيا بـ"الإرهاب الجيوسياسي"، فيما أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، أنّ مصير الاتحاد الأوروبي على المحك في الحرب الأوكرانية.
طردت واشنطن 12 دبلوماسياً روسياً متهمة إياهم بالتجسّس على أمنها القومي


وتعهّدت رئيسة المفوضية بأنّ الاتحاد الأوروبي سيُقدّم 500 مليون يورو، على الأقلّ، من الميزانية الأوروبية، للمساعدة الإنسانية في أوكرانيا "سواء في البلاد أو على اللاجئين"، وذلك في خطاب أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في بروكسل.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد طلب، أمس، من الأوروبيين أن "يثبتوا أنهم مع أوكرانيا"، مطالباً بانضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي. وقال متوجّهاً عبر الفيديو إلى أعضاء المجلس الأوروبي: "نحن نحارب لبقائنا، لكننا نحارب أيضاً لنكون أعضاء متساوين في أوروبا، لذا أثبتوا أنّكم معنا، وأثبتوا أنكم لن تتخلّوا عنّا وأنّكم فعلاً أوروبيون". وردّ رئيس المجلس الأوروبي، بعد لحظات، قائلاً: "سنتحمّل مسؤولياتنا".
على مستوى التصريحات البريطانيّة، أكّد رئيس الوزراء، بوريس جونسون، خلال زيارة لبولندا، أنّ الغرب سيواصل الضغط على نظام بوتين، إلى أجل غير مسمى. وقال للصحافيين: "لم يحسن فلاديمير بوتين تقدير وحدة وعزم الغرب وباقي العالم". وأضاف: "سنواصل الضغط الاقتصادي، إنّه بكلّ وضوح يؤثّر بشكل كبير للغاية. نحن على استعداد لتكثيفه ومواصلته طالما دعت الحاجة".
جاء ذلك بينما قرّرت وزارة الخزانة البريطانية إدراج "سبيربنك"، أكبر مصرف تسليف روسي، على قائمتها للكيانات الروسية الخاضعة لعقوبات على خلفية غزو أوكرانيا، محذّرة من أنّ تكاليف غزو أوكرانيا سترتفع بالنسبة إلى الكرملين.
كذلك، اتّخذ المتحدث باسم جونسون موقفاً أكثر تقدّماً، إذ أعلن أنّ الحكومة البريطانية منفتحة على طرد روسيا من مجلس الأمن الدولي، وهي من الأعضاء الدائمين فيه. وقال للصحافيين: "رئيس الوزراء لم يتّخذ موقفاً من ذلك بعد. لكن يمكننا القول إننا نريد عزل روسيا دبلوماسياً، وسندرس كلّ الخيارات التي تفضي إلى ذلك".
إلى ذلك، اتهم الأمين العام لـ"حلف شمال الأطلسي"، ينس ستولتنبرغ، بوتين بأنّه "دمّر السلام" في أوروبا. وفي مؤتمر صحافي في بولندا، أوضح ستولتنبرغ، الذي كان برفقة الرئيس البولندي أندريي دودا، أنّ "الرئيس بوتين دمّر السلام في أوروبا، والحلف يدين العدوان الوحشي وغير المبرر لأوكرانيا"، متّهماً بيلاروس أيضاً بالسماح بذلك.
وتابع: "إنّ التزامنا بالمادة 5 بند دفاعنا الجماعي صلب. سنحمي كلّ شبر من أراضي حلف شمال الأطلسي". إلّا أنّه لفت إلى أنّ "حلف شمال الأطلسي" "لا يبحث عن نزاع مع روسيا"، ولن يرسل جنوداً أو طائرات إلى أوكرانيا، داعياً موسكو إلى "الانسحاب من أوكرانيا فوراً".