أثار كشف مجلة «شالنج» عن قيام فرنسا بشراء روبوتات عسكرية من شركة «روبوتيم» الإسرائيلية، قُدّرت كلفتها بمليون يورو، تساؤلات كثيرة في أوساط صناعات الدفاع في هذا البلد، إذ كيف تمكّنت شركة إسرائيلية من الفوز بهذه الصفقة، على الرغم من أن الشركات الأوروبية تُسجّل تقدّماً تقنياً معروفاً في الميدان المذكور؟ في مرحلة التقييم التقني، اعتُبر منتَج «روبوتيم» أقلّ جودة من منتَجات صناعات أوروبية أخرى، وهو ما يجعل تبرير اختياره أمراً في غاية الصعوبة. لكن يانيك كيو، المدير المساعد في «مجموعة الأبحاث والإعلام حول السلام والأمن» في بروكسل، يوضح أن جملة من الشروط تؤخذ في الاعتبار عند اختيار مثل هذه المنتجات، ليس مستوى الجودة التقنية سوى أحدها. وبحسب كيو، فإن «شروط الصناعة والملكية الفكرية وكلفة الإنتاج والثقة والاختبار الميداني جميعها مهمة. وبالنسبة للشرط الأخير، فان للشركات الإسرائيلية قدرة تنافسية عالية». وفي حالة الروبوتات العسكرية البرية التي اشترتها «الوكالة الفرنسية للابتكار في مجال الدفاع»، والمنويّ استخدامها في منطقة الساحل في صيف 2020، اتُّهمت شركة «روبوتيم» باللجوء إلى المنافسة غير العادلة، لأن سعر منتجها كان أقلّ بخمس مرات من سعر السوق، أي 50000 يورو للروبوت بدلاً من 230000 ألف يورو. اكتسحت الشركات الإسرائيلية الأسواق الأوروبية في قطاع الطائرات المسيّرة، حيث غدت إسرائيل ثاني أكبر مُصدّر لها على النطاق العالمي بعد الولايات المتحدة. «غالبية البلدان الأوروبية لم تُعِر الاهتمام الكافي للطائرات المسيّرة. وفي الفترة التي احتدمت خلالها الحروب في أفغانستان والعراق وما يرافقها من تزايد للحاجات العملياتية للجيوش، تأخّرت الصناعات الأوروبية عن تلبية هذه الأخيرة. الشركات الإسرائيلية استطاعت أن تفعل ذلك في مهل قصيرة جداً»، يضيف كيو. وهو يُذكّر بأنه على الرغم من تقدّم الصناعات الدفاعية الأوروبية في مجالَي الطيران والإلكترونيات، فإن عمليات إنتاج الطائرات المسيّرة طويلة زمنياً، بينما تمتلك إسرائيل منصّات تكنولوجية أكثر تطوراً وذات سمعة أفضل في الأسواق العالمية. آخر المنتجات في هذا المضمار هو طائرة مسيّرة صنعتها شركة «سكايلوك» الإسرائيلية، قادرة على التشويش على الطائرات المسيّرة المعادية من مسافة أقصاها 3.5 كم قبل المباشرة بتدميرها. وأصبحت فرنسا وألمانيا وبلجيكا وسويسرا من أبرز زبائن الشركات الإسرائيلية التي تُبقي الصفقات التي تعقدها طيّ الكتمان.
اكتسحت الشركات الإسرائيلية الأسواق الأوروبية في قطاع الطائرات المسيّرة


وفي تقرير أعدّه يانيك كيو حول استراتيجية التصدير الإسرائيلية باتجاه أوروبا، والنجاحات التي حقّقتها تل أبيب في ميدان الطائرات المسيّرة، يشير الخبير إلى أن عمليات بيع هذه الأخيرة «تلازمت مع اتفاقات للإنتاج والتطوير المشترك للمسيّرات مع العديد من الزبائن. وقد سمح ذلك بحصول الشركات الإسرائيلية على حدّ أدنى من الضمانات في مواجهة المنافسين المحتملين». من جهة أخرى، من المحتمل أن يموّل الاتحاد الأوروبي، عبر «الصندوق الأوروبي للدفاع» (الذي أنشئ في الأصل لمساعدة الدول الأعضاء في الاتحاد على الحصول على قدرات دفاعية استراتيجية أساسية، أو على تطويرها خلال مدة زمنية قصيرة نسبياً)، سنوياً، برامج للأبحاث والابتكار لشركات غير أوروبية تنافس أحياناً صناعات دول أعضاء في الاتحاد. وقد حصلت شركات إسرائيلية، في إطار برنامج «آفاق 2020»، على 700 مليون يورو، ما يجعل من إسرائيل الدولة الثانية بعد سويسرا المستفيدة من تمويل صناديق البحث العلمي الأوروبية. لا شكّ في أن عمليات التمويل المشار إليها إشكالية من منظور المصالح الأوروبية، لكن كيو يلفت إلى أن «دول الاتحاد لا تتكلّم جميعها بصوت واحد. الأكثر تقدّماً على المستوى التكنولوجي بينها لم تنتظر الاتحاد لكي يقيم برامج للتعاون. بعض فروع شركات أجنبية باتت جزءاً من قاعدتها الصناعية العسكرية الوطنية، وأتاحت لها تجاوزاً لتأخّرها في ميادين محددة». مع ذلك، يجزم الخبير بعدم وجود شراكة استراتيجية عامة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل اليوم، بل شراكات ظرفية، وحسب الحاجة، في ميادين محدّدة.