تصاعد العنف خلال اليومين الماضيين في احتجاجات «السترات الصفراء» (Gilets Jaunes) التي تعمّ فرنسا منذ أسبوعين، إذ اندلعت مواجهات بين مئات المتظاهرين وقوات الأمن الفرنسية في قلب باريس وفي عدد من المحافظات، ما أسفر عن إصابة 110 أشخاص بينهم 20 من قوات الأمن. على إثر ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أنّه «لن يرضى أبداً بالعنف»، بالتزامن مع إلقاء السلطات الأمنيّة القبض على أكثر من 400 شخص في أنحاء مختلفة من البلاد.
ماكرون: لن أرضى أبداً بالعنف
أكد الرئيس الفرنسي أنه لن يرضى «أبداً بالعنف» الذي اندلع في باريس يوم أمس، لأنّه «لا يمتّ بصلة إلى التعبير عن غضب مشروع». وقال ماكرون من بيونس آيرس في ختام قمة مجموعة العشرين، إنّ أيّ قضية «لا تبرّر مهاجمة قوات الأمن ونهب محال تجارية وتهديد مارة أو صحافيين وتشويه قوس النصر».
ماكرون أضاف أنّ «مرتكبي أعمال العنف هذه لا يريدون التغيير، لا يريدون أيّ تحسّن، إنّهم يريدون الفوضى: إنهم يخونون القضايا التي يدّعون خدمتها ويستغلّونها. سيتمّ تحديد هوياتهم، وسيحاسَبون على أفعالهم أمام القضاء». وفي مستهل مؤتمره الصحافي الذي رفض خلاله الإجابة عن أسئلة الصحافيين حول هذه القضية، أعلن أنّه دعا إلى اجتماع وزاري مع الأجهزة المعنية صباح غدٍ (الاثنين) لدى عودته إلى باريس.
في الوقت ذاته، قال: «سأحترم الاحتجاج على الدوام، سأستمع إلى المعارضة على الدوام، لكنّني لن أرضى أبداً بالعنف».
من جهته، أعرب رئيس الوزراء الفرنسي، إدوار فيليب، عن «صدمته» لما شهدته باريس من أعمال عنف، وذلك بعد أسبوعين من بدء احتجاجات حركة «السترات الصفراء» رفضاً لزيادة الضرائب وتراجع القدرة الشرائية.
(جوفري فان دير هاسيلت - أ ف ب )

«ماكرون = لويس السادس عشر»
ويوم أمس، اندلعت مواجهات بين مئات المتظاهرين وقوات الأمن الفرنسية في قلب باريس التي شهدت إحراق سيارات وتكسير واجهات زجاجية وإقامة متاريس، وذلك على هامش تظاهرة جديدة لحركة «السترات الصفراء».
وشهدت أحياء باريسيّة أعمال عنف على نطاق واسع سُجّل بعضها في محيط نصب قوس النصر في جادة الشانزيليزيه، حيث أُحرقت سيارات وتم تخريب ممتلكات عامة وتعرّضت محال للنهب.
كذلك، شهدت العاصمة الفرنسيّة مساءً، تجمّعات عند قوس النصر وشارع ريفولي وحديقة «تويلري» التي تعرّضت للتخريب. وكتب أحدهم على قوس النصر «السترات الصفراء ستنتصر»، بينما كتب آخر على دار الأوبرا «ماكرون = لويس السادس عشر»، آخر ملوك فرنسا قبل الثورة. وفي جادة الشانزيليزيه حيث انتشرت قوات الأمن بكثافة، أبدى متظاهرون سلميّون خشيتهم من أن تطغى المواجهات على تحرّكهم.
وقال وزير الدولة الفرنسي لدى الداخلية، لوران نونيز، لمحطة «بي أف أم» التلفزيونية: «نعمل على استعادة النظام الجمهوري»، مؤكداً أنّه «لا يخلط بين المخرّبين والمتظاهرين السلميين».
أما رئيسة بلدية الدائرة الثامنة في باريس اليمينية جان دوستير، فقد علّقت على هذه الأحداث بالقول: «نحن نشهد حالة تمرّد».
بدورها، تحدّثت زعيمة اليمين المتطرّف مارين لوبين، عن «حالة تمرّد».
واتّهم عددٌ من القادة، بينهم زعيم اليسار المتطرّف جان لوك ميلانشون ولوبن، الحكومة بأنّها سمحت بحصول أعمال العنف لضرب مصداقية غضب شعبي تعجز عن تهدئته.
وفيما أعلنت الشرطة الفرنسية، اليوم، توقيف 458 شخصاً في جميع أنحاء البلاد، 412 منهم في العاصمة باريس، امتدّت المواجهات إلى محافظات فرنسية عدّة، حيث سجّلت ظهر أمس، مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في بوردو وتولوز وتارب وأوش. وفي مناطق أخرى في جنوب غرب فرنسا، وضعت عوائق للحدّ من حركة المرور أو وقفها تماماً. وحصلت مواجهات في ستراسبورغ ومرسيليا أقلّ حدّة مما شهدته العاصمة.

(عبد المنعم عيسى - أ ف ب )

«السترات الصفراء» في هولندا
وبعدما امتدّت حركة الاحتداد إلى بلجيكا المجاورة حيث شارك نحو 600 شخص كانوا في تظاهرة بالعاصمة بروكسل، اعتراضاً أيضاً على ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة الضرائب، امتدّ الحراك يوم أمس، إلى هولندا، بالتزامن مع تنظيم الحراك ذاته في فرنسا الاحتجاج الثالث له في غضون أسبوعين، اعتراضاً على ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف المعيشة. وكانت قوات مكافحة الشغب في بلجيكا، قد استخدمت خراطيم المياه، أول من أمس، لتفريق محتجّي «السترات الصفراء».
أما في هولندا، فقد تجمّع متظاهرون في شوارع عدد من المدن، على رأسها لاهاي، نيميغن، ماستريخت، ألكمار وغيرها، استجابة للدعوات التي تمّ تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي للاحتجاج على سياسات الحكومة.
وتظاهر نحو 200 شخص من أنصار السترات الصفراء أمام البرلمان الهولندي في مدينة لاهاي، ما دفع بالشرطة الهولندية إلى إغلاق مبنى البرلمان، بحسب ما نقلت وكالة «أسوشيتيد برس» الأميركية.
وفي السياق، تداولت وسائل إعلام محلية أنباء تفيد بتوقيف الشرطة متظاهرَين اثنين في مدينة لاهاي، وثالث كان يقود تظاهرة في مدينة ماستريخت، جنوبي البلاد.