عشية فرض الحزمة الثانية من العقوبات، خرجت حشود من المتظاهرين الإيرانيين لإحياء ذكرى السيطرة على السفارة الأميركية في طهران، في أعقاب سقوط الشاه عام 1979. ندّد المتظاهرون في الذكرى هذا العام بالعقوبات المُنتظرة، مردّدين هتافات معادية للولايات المتحدة، منها «الموت لأميركا». وأحرق الآلاف من الطلاب الأعلام الأميركية ومجسّماً لـ«العم سام» وصوراً للرئيس دونالد ترامب، خارج المجمع الذي كان يضم ذات يوم السفارة الأميركية. وكان طلاب إيرانيون قد اقتحموا مبنى السفارة، في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1979 بعد قليل من سقوط الشاه، واحتجزوا 52 أميركياً رهائن لمدة 444 يوماً. وخلال التجمع، اليوم، قال قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، إن الجمهورية الإسلامية «ستقاوم الحرب النفسية» والعقوبات الأميركية على قطاعها النفطي وستتغلب عليها.
وأضاف: «أميركا شرعت في حرب اقتصادية ونفسية كملاذ أخير... لكن مؤامراتها وخططها للعقوبات سيجري التغلب عليها عن طريق المقاومة المستمرة».
وكان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، قد قال في كلمة يوم أمس، إن سياسات ترامب تواجه معارضة في أنحاء العالم. وأضاف خامنئي أن هدف أميركا هو إعادة الهيمنة التي كانت تفرضها (قبل 1979) لكنها فشلت، مشيراً إلى أن «أميركا هُزمت من قبل الجمهورية الإسلامية طيلة الأربعين عاماً الماضية».
وتدخل ثاني حزمة من العقوبات الأميركية على إيران حيّز التنفيذ، يوم غدٍ، وتستهدف على وجه الخصوص قطاع الطاقة، ما يجعلها الأشدّ على طهران. العقوبات الجديدة تأتي استجابةً لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق حول الملف النووي مع إيران، والذي أعلنه في أيار/ مايو الماضي.

الحزمة الأقسى من العقوبات
تفتح بورصة النفط العالمية غداً على وقع حزمة جديدة من العقوبات الأميركية بحق إيران، تطال على وجه الخصوص صناعة النفط في البلاد وتعاملات مالية.
وتُعدّ إيران ثالث أكبر منتج للنفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك»، وتعتمد على مبيعات الخام كمصدر رئيس للنقد الأجنبي. تنتج طهران 3.45 مليون برميل يومياً فيما يتراوح متوسط صادراتها بين 2 إلى 2.2 مليون برميل يومياً.
حزمة العقوبات الأولى التي أُعيد فرضها، طالت منع طهران من شراء النقد الأجنبي من الخارج، وقيود على تجارة المركبات والطائرات، وأخرى على واردات سلع غذائية وتقييد صادرات السجاد.
لكن العقوبات على قطاع النفط تُعدّ الأقسى على طهران، تتمثل في مسّ عصب الاقتصاد ممثلاً في الصناعة النفطية وصادراته، وتعاملات شركات الخام الأجنبية (منتجون ومستوردون)، مع نظيرتها الإيرانية.
وكانت واشنطن قد أعلنت أول من أمس، إعفاء 8 دول من عقوبات النفط المرتقبة. هذا الإعفاء سيمنح طهران أسواقاً كان من المفترض أن تغلق بوجهها، لكنها (أي الأسواق)، لا تكفي أمام رغبة إيران بمنع حصول أي خفض في الصادرات.
وبعد ستة أشهر على انسحابها من الاتفاق الدولي مع إيران الموقع في 2015، أكدت واشنطن الجمعة إعادة فرض عقوباتها على طهران ابتداء من الاثنين المقبل.
وكانت دول الاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا وألمانيا الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران قد أبدت أسفها للقرار الأميركي الأخير.

نتنياهو يشكر ترامب
في هذا الوقت، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إعادة ترامب فرض عقوبات اقتصادية على إيران، بـ«المبادرة التاريخية».
وقال في بيان صدر عن مكتبه يوم أمس، «شكراً للرئيس ترامب على هذه المبادرة التاريخية. العقوبات آتية حقاً». وأضاف: «منذ سنوات أوجه نداءات لإعادة فرض العقوبات بالكامل على النظام الإيراني الدموي والقاتل الذي يهدد العالم بأسره». رئيس الوزراء الإسرائيلي تابع في البيان أن العقوبات الأساسية التي فرضتها واشنطن «بدأت تظهر آثارها حيث ينهار الريال ويتراجع الاقتصاد الإيراني والنتائج بديهية».