تزامناً مع بدء الزيارة الرسمية لمستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، لموسكو، أعلن الكرملين اليوم أن روسيا ستضطرّ الى الردّ بالمثل إذا بدأت الولايات المتحدة تطوير صواريخ جديدة بعد الانسحاب من معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة.
روسيا مجبرة على الرد
جاء الردّ على لسان المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بسكوف، الذي قال إنّ الخطوة الأميركية ستجعل العالم أكثر خطورة، مضيفاً إنّ روسيا ستضطرّ الى التحرك من أجل استعادة توازن القوة العسكرية إذا انسحبت واشنطن من المعاهدة وشرعت في تطوير صواريخ جديدة. وأوضح بيسكوف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكّد مراراً أن انتهاء المعاهدة سيجبر روسيا على اتخاذ إجراءات محدّدة لحماية أمنها. ووفق بسكوف، فإنّ هذا الانسحاب المقرّر يعني أن الولايات المتحدة ستبدأ علناً في «تطوير هذه الأنظمة في المستقبل، وإذا تم تطوير هذه الأنظمة، فإن هناك إجراءات ضرورية من دول أخرى، وفي هذه الحالة روسيا، لإعادة التوازن في هذا المجال». وأشار أيضاً إلى أن هناك فترة مدّتها ستة أشهر أمام الولايات المتحدة للانسحاب من المعاهدة بعد التقدّم بإخطار رسمي بانسحابها، لكنّها لم تقم بذلك بعد.

موسكو ستطلب تفسيراً
في الأثناء، بحث أمين مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، مع بولتون المعاهدة الروسية ــــ الأميركية حول الصواريخ. وأفادت السفارة الأميركية في موسكو، اليوم، عبر صفحتها في «تويتر»، بأنّ باتروشيف كان أول مسؤول روسي التقى بولتون بعد وصوله إلى موسكو، أمس. وفي ختام محادثاتهما، أشار الناطق باسم مجلس الأمن الروسي، يفغيني أنوخين، إلى أن الجانبين «أكّدا على أهمية مواصلة الاتصالات على مستوى مجلسي الأمن، وكذلك على مستوى وزارات ومؤسسات معينة للدولتين حول قضايا الأمن».
وفي وقت سابق اليوم، قال مجلس الأمن الروسي، إنّ اللقاء تناول قضايا الأمن الدولي والتعاون بين موسكو وواشنطن في هذا المجال. ومن المقرّر أن يجري جون بولتون محادثات مع مسؤولين كبار في موسكو في وقت لاحق اليوم، وأن يلتقي بوتين غداً. وسيلتقي بولتون، أحد «صقور» الإدارة الأميركية، وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف مساء اليوم، كما يتوقَّع المسؤولون الروس أن يشرح لهم المستشار الأميركي موقف واشنطن من المعاهدة النووية. في هذا السياق، أكد بيسكوف أن قرار ترامب الانسحاب من المعاهدة سيكون موضوعاً للمناقشة، مضيفاً إن موسكو تبحث عن تفسير مفصّل للأسباب التي دفعت واشنطن إلى اعتزام الانسحاب من المعاهدة.

الولايات المتحدة هي المذنبة
يأتي ذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن واشنطن ستنسحب من المعاهدة لأن روسيا «تنتهكها»، علماً بأن هذه المعاهدة التي وقّعها الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشيف عام 1987، تلزم البلدين بإزالة الصواريخ النووية والتقليدية القصيرة والمتوسطة المدى. وعلّل ترامب قراره بـ«عدم احترام روسيا المعاهدة ونشرها منظومات صواريخ يتجاوز مداها 500 كلم». وشدّد ترامب في لقاءٍ في نيفادا على أنّ «موسكو لم تحترم المعاهدة، وبالتالي فإنّنا سننهي الاتفاقية الموقعة بيننا». وتابع الرئيس الأميركي: «لا أعرف لماذا لم يتفاوض الرئيس (باراك) أوباما عليها أو ينسحب منها... نحن لن نسمح لهم بانتهاك اتفاقية نووية والخروج وتصنيع أسلحة، (في حين) أنّنا ممنوعون من ذلك».
في المقابل، نفى بيسكوف الاتهامات التي ساقها ترامب ضد بلاده، معتبراً أنّ الولايات المتحدة هي التي كانت تقوّض المعاهدة بشكل مطرد. وتابع: إن «بوتين قال مرّات عدة إنّ الولايات المتحدة تتّخذ فعلياً إجراءات تعمل على تآكل شروط هذه المعاهدة»، وذلك في إشارة إلى الطائرات المسيّرة الهجومية والأنظمة المضادة للصواريخ القادرة على تدمير صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.
يذكر أن زيارة بولتون كانت مقررة قبل إعلان ترامب عزمه على الانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى، كما تكتسب أهميتها من كونها أول زيارة يقوم بها مسؤول أميركي كبير لموسكو منذ أشهر عدة. لكن إعلان ترامب أضفى عليها مزيداً من الأهمية.