شكّلت استقالة وزير البيئة الفرنسي، نيكولا أولو، مباشرةً على الهواء ومن دون إبلاغٍ مسبق للحكومة ورئيسها، ضربةً موجعةً للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لتضاف إلى مشكلات متفاقمة يواجهها منذ تسلّمه السلطة في أيار/ مايو العام الماضي. فاجأ أولو المذيعين الذين كانوا يجرون مقابلة معه عبر إذاعة «فرانس إنتر» بإعلانه قرار الاستقالة، قائلاً إنه اتخذ «قرار مغادرة الحكومة» لأنه شعر بأنه يعمل «بمفرده» لمعالجة التحديات البيئية داخل الحكومة. وأكد أنه لم يبلغ ماكرون ولا رئيس الوزراء إدوار فيليب بنيته الاستقالة.
أضاف النجم التلفزيوني البالغ من العمر 63 عاماً، والذي برز كناشط بيئي، أن ماكرون أقنعه بالانضمام إلى الحكومة العام الماضي، لكنه اختلف مراراً مع باقي الوزراء بشأن السياسات، واصفاً قراره بأنه «صادق ومسؤول». كذلك رأى أن الخطوات «الصغيرة» التي تقوم بها فرنسا في مجال البيئة، ليست كافية.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة، بنجامين غريفو، لقناة «بي إف إم» الإخبارية، إن «أسس اللياقة كانت تقتضي تنبيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء».

عوائق العهد
تتزامن استقالة أولو مع بدء ماكرون، اليوم، زيارة للدانمارك تهدف إلى الترويج لأجندته بشأن الاتحاد الأوروبي، في ظلّ جهود دبلوماسية حثيثة يقوم بها لإقناع شركائه الأوروبيين بالحاجة إلى اتحاد أوروبي أكثر تكاملاً، في وقت تحقّق فيه الأحزاب القومية مكاسب في أنحاء القارة.
المشكلة أن هذه الاستقالة تأتي بعد صيف حافل لماكرون، حيث واجه خلاله أكبر فضيحة سياسية في ولايته بعدما انتشر تسجيل مصور أظهر مساعداً أمنياً له يرتدي خوذة للشرطة وهو يضرب متظاهراً في باريس.
يضاف إليها تباطؤ النمو الاقتصادي المستمر منذ عقود وارتفاع نسب البطالة في فرنسا، وسعي ماكرون إلى إصلاح الاتحاد الأوروبي. كذلك، تواجه الحكومة الفرنسية صعوبات في وضع موازنة لعام 2019 جرّاء تراجع النمو الاقتصادي، حيث أعلن رئيس الحكومة، إدوار فيليب، نهاية الأسبوع الماضي، التخلي عن هدف خفض العجز في الموازنة.

غدر ووعود كبيرة
منذ شباط/ فبراير الماضي، تحدّثت تقارير عن قرب تقديم أولو استقالته بعد تسرّب تقارير إعلامية عن اتهامه من قبل حفيدة الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران باغتصابها في التسعينيات. نفى أولو الاتهامات بشدة، معتبراً أنها تسيء إليه وإلى عائلته.
كذلك، واجه انتقادات من ناشطين في مجال البيئة اتهموه بالفشل في التأثير بحكومة ماكرون بشكل كافٍ بعدما خسر معارك أمام نظرائه في وزارتي الزراعة والاقتصاد. شعر أولو بخيبة أمل أيضاً جراء تراجع الحكومة عن هدف خفض مساهمة الطاقة النووية في مزيج الطاقة في الدولة بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2025، في وقت اعتبرت فيه مفاوضات الاتحاد الأوروبي بشأن المبيدات مصدر إزعاج آخر بالنسبة إليه.
يأتي ذلك فيما يُعدّ سجل ماكرون المتعلق بالبيئة غير واضح، إذ جعل مكافحة الاحتباس الحراري من أولويات سياسته الخارجية وألغى مشروع إقامة مطار مقترح في غرب فرنسا لأسباب عدة، بينها المخاوف البيئية.
لكن معارضي ماكرون استغلوا الاستقالة، فقال زعيم حزب «الجمهوريين» اليميني، لوران فوكييه، إنه لا يتفق «بالضرورة مع أولو في آرائه، لكن يمكنني أن أتفهم شعوره اليوم بأنه تعرض للغدر كغيره الكثير من الفرنسيين جراء الوعود الكبيرة التي سمعها والشعور في النهاية بأنه لم يتم الإيفاء بها».