في توقيت تأزّمت فيه العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وتركيا، قررت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية الانتقام من إذلال أنقرة للسفير، إيتان نائيه، عبر زجّ طهران بالموضوع؛ إذ كشفت، اليوم، عن أن «تركيا باعت لإيران معدات تكنولوجية لها علاقة بالأنشطة النووية، في حين يُحظر بيعها بقرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2015». أمّا الشركة المصنعة للمعدات فهي إسرائيلية ومقرها مدينة القدس المحتلة. وعلى ضوء ذلك، طلبت الأمم المتحدة من إسرائيل فتح تحقيق في كيفية وصول مكثفات من نوع «CSP 180-300» التي تنتجها شركة «سلم باور كباسيتورز» الإسرائيلية إلى طهران.
الشركة الإسرائيلية: إذا ثبت حقاً وصول منتجاتنا لإيران، فحتماً ستكون تركيا قد غدرت بنا

أمّا رد الشركة فكان «إذا ثبت حقاً وصول منتجاتنا لإيران، فحتماً ستكون تركيا قد غدرت بنا».واللافت أن الموضوع ليس جديداً، حيث يعود تاريخه إلى شهر تموز/ يوليو من العام الماضي، وصاحبة الفضل فيه هي دولة الإمارات التي قالت في حينه إنها «ضبطت إرسالية مكثفات إلكترونية ذات علاقة بالأنشطة النووية، كانت معدّة للإرسال من أنقرة إلى طهران». وقد تقدمت بذلك إلى الأمم المتحدة للتحقيق في الموضوع. وأمس، قرّرت الشركة الإسرائيلية أن تردّ على الاتهامات عن طريق كشوف الحسابات التي تثبت أنها باعت لشركة تركية مكثفات تكنولوجية، ومن ثم قامت الأخيرة ببيعها لطهران من دون علم الشركة الإسرائيلية.
ووفق ما جاء في ردّ الشركة التي تُعدّ من كبريات الشركات الإسرائيلية في مجال تصنيع المكثفات الإلكترونية، فإنها «طبقاً للقانون الإسرائيلي، لا تبيع إيران - التي هي دولة عدو بحسب القانون- وإنما تبيع دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وتركيا... على أيّ حال في حال ثبت الدور التركي في الموضوع فحتماً ستكون تركيا قد غدرت بنا».

الإرسالية التي ضبطتها الإمارات وقالت إنها مكثفات إلكترونية مرسلة لإيران (عن الإنترنت)

الصحيفة العبرية تابعت فتح سجل مخالفات أنقرة في هذا المجال، مذكّرة بأنّ طهران تبيعها الغاز، بينما يحظر على الأخيرة الحصول على الأموال نقداً؛ حيث قام «كبار المسؤولين في الدولة التركية باللاتفاف على العقوبات الاقتصادية الأميركية عن طريق إنشاء شركات وهمية لتبييض الأموال». وقالت إن تركيا «حاولت مساعدة إيران في تجاوز العقوبات الاقتصادية، بدليل اعتقال مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي في 30 آذار/ مارس من عام 2016، تاجر الذهب التركي-الإيراني، رضا ضراب (34 عاماً)، المتهم بتبييض الأموال وانتهاك القانون الدولي لمصلحة طهران».
وقالت إنه إلى جانب ضراب اعتقل نائب مدير مصرف «خلق بنك» المملولك من الحكومة التركية، محمد أتيلاً (47 عاماً). وهو بحسب النيابة العامة الأميركية أحد المتورطين بالقضية. ولكن في وقت لاحق خلال التحقيقات، وقّع ضراب اتفاقاً مع النيابة ليكون شاهد الحق العام مقابل تخفيف العقوبة. وقد شهد ضدّ أتيلا وسبعة آخرين بينهم وزير الاقتصاد التركي السابق، جعفر كاغليان، المتهم بـ«تلقي رشوة قدرها خمسون مليون يورو من ضراب». وكانت التهمة الرئيسة الموّجهة للأخير هي أنه ساعد طهران في تجاوز بند حظر قبض الأموال نقداً من طريق إنشاء شركات وهمية تحت عنوان بيع القش، وبذلك أدخل الأموال إلى حسابات المسؤولين في «خلق بنك»، ومن ثم نقلت الأموال إلى إيران ثمناً للغاز.
ووفق شهادة ضراب فإنّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، «كان على اطلاع على الموضوع، ووافق عليه». في حين أن الأخير ردّ على الولايات المتحدة معتبراً أن اعتقال المسؤولين الأتراك إنما «يهدف إلى ضرب الاقتصاد التركي ويندرج ضمن مؤامرة يحيكها فتح الله غولن»، في إشارة إلى الداعية الإسلامي التركي المقيم في أميركا، والذي يعتبر أشد خصوم أردوغان.

سنتان ونصف سجناً لأتيلا
حكم قاضي منهاتن الفدرالي، ريتشارد برمان، على المصرفي التركي، محمد أتيلا، اليوم، بالسجن سنتين ونصف السنة، بعدما أدين في كانون الثاني/ يناير الماضي بالمساعدة في الالتفاف على العقوبات الأميركية على إيران.
وقال القاضي برمان إن «أتيلا بدا أنه ارتكب ذنباً أقل في هذه القضية من رجل الأعمال التركي- الإيراني رضا ضراب»، وذلك في إشارة إلى طلب النيابة العامة الأميركية بفرض عقوبة السجن 20 عاماً على أتيلا.
من جهتها، أعادت وزارة الخارجية التركية تأكيدها «براءة أتيلا». واستنكرت، اليوم، «المحاكمة الوهمية» التي نظمت على أساس «أدلة تم التلاعب بها وتصريحات كاذبة فبركتها منظمة فتح الله غولن الإرهابية».