كما كان متوقعاً، اتخذ مرشّح «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، محرّم إينجه، من «يكفي T A M A M» شعاراً لحملته الانتخابية الرئاسية، قبيل الانتخابات المبكرة التي تجرى في تركيا في 24 حزيران/ يونيو المقبل، لتصبح حملةُ المعارضة الرئيسية في البلاد مبنيةً على «الحرية والتسامح». نشر إينجه على تويتر صورة الشعار الجديد «يكفي حالاً»، موضحاً في تغريدة أن «صراعنا هو صراع من يريدون استبدال الظلم بالحرية؛ الكره بالحبّ والتسامح».
جاء اختيار إينجه للشعار بعيد انتشاره الواسع عبر موقع «تويتر»، منذ يوم أمس، حتّى أصبح من أكثر الوسوم تداولاً على الموقع، بحوالى مليوني تغريدة. انتشرت الكلمة كردّ على ما قاله الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس، في خطاب أمام كتلته البرلمانية، إذ رأى أنه «إذا قالت الأمة يكفي، سنتنحّى عن السلطة».
انتقد الحزب الحاكم بدوره من أسماهم «أبطال لوحة المفاتيح (الكيبورد)» بعد الانتشار الواسع الذي حقّقته حملة «يكفي» التي انضمّ إليها، إضافة إلى السياسيين الأتراك، بعض من مشاهير هوليوود، مثل الممثل إيلايجا وود.
جاءت هذه الحملة في محاولةٍ لتحدّي الحظر الإعلامي المفروض على المعارضة التي تسعى لإيصال صوتها بكل الطرق، وهو أمر كان قد أشار إليه إينجه في إحدى التغريدات بالقول إنه «إذا استمر الحظر الإعلامي الذي فرضه القصر (الرئاسي) على المعارضة، فسننظّم تجمعاتنا أمام (مقار) قنوات التلفزة».
من جهته، قال الحزب الحاكم إنّ الحملة الإلكترونية انتشرت بفعل حسابات وهمية على «تويتر» تحرّكها «جماعة فتح الله غولن»، المتهمّ بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز 2016، و«حزب العمال الكردستاني» الذي تصنّفه أنقرة إرهابياً، وفق ما قال المتحدّث باسم «العدالة والتنمية»، ماهر أونال. اعتبر أونال أن «أبطال الكيبورد» لا يعرفون معنى «صناديق الاقتراع. سنراكم في ليل 24 حزيران/ يونيو».
لاحقاً، حاول مناصرو أردوغان إطلاق هاشتاغ مناهض، «استمرار (Devam)»، في محاولةٍ لنشره على نطاق واسع بمواجهة حملة المعارضة، لكنّه لم يحظَ بانتشار مماثل، على رغم محاولات وسائل الإعلام الموالية للحكومة استخدام التعبير على حساباتها بكثرة.
تزامناً مع إطلاق شعار حملته، زار إينجه، اليوم، مرشّح «حزب الشعوب الديموقراطي» ورئيسه السابق، صلاح الدين دميرتاش، في سجنه. كان إينجه قد تعهّد زيارة ولقاء جميع المرشحين للرئاسة، من ضمنهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان الذي أعرب عن استعداده للقائه في مقرّ «العدالة والتنمية».
التقى المرشح محرم إينجه بمرشحي الأحزاب المعارضة الآخرين من بينهم ميرال أكشنير مرشحة حزب الخير(أ ف ب )

لكن أردوغان قد رفض، قبل يومين، دعوة إينجه إلى مناظرة تلفزيونية بينهما قبل الانتخابات المبكرة، مضيفاً أنه لا يريد «المشاركة في مناظرات، خصوصاً تلفزيونية. لا أريد أن أدعو شخصاً آخر يسجل نقاطاً على حسابي».

تحديات حقيقية
في الأثناء، أمام الرئيس التركي أزمة حقيقية لمواجهتها، قد تضرّ بشعبيته، مع تسجيل الليرة التركية، اليوم، مستوى قياسياً منخفضاً جديداً مقابل الدولار بعدما سحب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، وهي خطوةٌ لم تقبلها تركيا. انتقد أردوغان قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، اليوم، قائلاً إن «الولايات المتحدة ستكون الخاسرة إذا لم تلتزم اتفاقاً وقّعته». مساء أمس، كتب المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين على تويتر أن «الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة من الاتفاق النووي هو قرار سيتسبّب بعدم الاستقرار وبنزاعات جديدة».
مع تراجع الليرة التركية، زادت مخاوف المستثمرين الذين تتركز أنظارهم على قدرة البنك المركزي على محاربة التضخم. لامست الليرة التركية 4.3519 دولار، مع العلم أنها فقدت نحو 13 في المئة من قيمتها أمام نظيرتها الأميركية منذ بداية العام. كذلك، فإنّ حالة عدم اليقين السياسي الذي أنتجته الدعوة إلى انتخابات مبكرة، زادت من الضغوط على العملة التركية.
في مؤشر على خطورة الموقف، ترأس أردوغان، اليوم، في المجمع الرئاسي «اجتماع التنسيق الاقتصادي» لبحث التطورات في البلاد. .

المعارضة ضد ضرب سوريا؟

في مقابلةٍ مع «سبوتنيك»، أمس، قال مسؤول العلاقات الخارجية في «حزب الشعب الجمهوري»، أوزتورك يلماز، إنه يأمل ألا يقوم «العدالة والتنمية» بمزيدٍ من العمليات العسكرية عبر الحدود في سوريا والعراق، قبل الانتخابات المبكرة، بهدف رفع مستوى تأييده وحزبه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة. عبّر يلماز عن أمله بأن «لا تستخدم تلك العمليات العسكرية بهدف استغلالها داخلياً لقلب التوازن الانتخابي لمصلحة الحزب الحاكم»، معتبراً أنه في حال وجود «مصلحةٍ قومية» لإطلاق تلك العمليات، «فنحن نتفهم وندعم»: «يجب أن تكون العمليات العسكرية مرتبطة مباشرةً بمصالحنا القومية وليست مبنية على المصلحة الشخصية أو الاستغلال السياسي الداخلي». بناءً على ذلك، رأى يلماز أنه من الضروري تقديم طروحات جديدة لحلّ المشكلات من جذورها وتخفيف معاناة الناس، خصوصاً في موضوع الاقتصاد الذي هو الآن بحالة سيئة جدة، ولذلك فإنّ «حزب الشعب الجمهوري» يطمح لإحداث تغييرات تحقق استقراراً اقتصادياً وسياسياً في تركيا.


في وقتٍ سابق، اجتمع أردوغان مع المسؤولين المعنيين بالشؤون الاقتصادية بعد لقائه الأسبوعي الاعتيادي مع رئيس الوزراء بن علي يلدريم. شارك في اللقاء نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الشؤون الاقتصادية محمد شيمشك، ووزير المالية ناجي أغبال، ورئيس البنك المركزي مراد جتين قايا، ورئيس مجلس أسواق المال علي فؤاد طاش كسانلي أوغلو.
يأتي ذلك مع تكرار مسؤولين في الحكومة التركية نية بلادهم استكمال مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إذ قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده باعتبارها «جغرافياً وتاريخياً دولة أوروبية، تساهم في إرساء أمن واستقرار وازدهار أوروبا». بيّن جاويش أوغلو أن تركيا تبذل الجهود اللازمة لنيل العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، معرباً عن أسفه وقلقه جراء بدء الاتحاد بالابتعاد عن قيمه الأساسية في السنوات الأخيرة.

محاكمة الجنرالات
طلبت النيابة التركية اليوم، إنزال عقوبة السجن 252 عاماً بحق كل متهم من الجنرالات العسكريين السابقين المتهمين بقيادة انقلاب تموز/ يوليو 2016 الفاشل. هذه المحاكمة الجارية في أنقرة هي الأكبر في سلسلة محاكمات تعقد في أرجاء البلاد بحق عشرات آلاف المتهمين بالمشاركة في الانقلاب الفاشل ضد الرئيس رجب طيب أردوغان
تتهم السلطات التركية العديد من الموقوفين في هذه القضية بقيادة «مجلس السلام في الوطن»، وهو الاسم الذي يعتقد أن مدبري الانقلاب أطلقوه على أنفسهم ليلة الانقلاب. يمثل في القضية أكثر من 220 متهماً من بينهم القائد السابق للقوات الجوية، أكين أوزتورك، ومحمد ديسلي شقيق القيادي البارز في الحزب الحاكم سابان ديسلي، والكولونيل علي يازجي المستشار العسكري السابق لأردوغان.
وفق وكالة «الأناضول»، فإن النيابة طلبت عقوبة السجن المشدد 252 عاماً لتلك الشخصيات وأعضاء آخرين في «مجلس السلام في الوطن»، مع العلم أن السجن المشدّد مدى الحياة عقوبة مستحدثة في تركيا بعد إلغاء عقوبة الإعدام.
طرح أردوغان في وقت سابق إعادة تطبيق عقوبة الإعدام بحق المشتبه فيهم في الانقلاب الفاشل، من دون اتخاذ إجراءات ملموسة لتطبيق ذلك، فيما طالبت النيابة بإدانة المتهمين عن «سفك الدماء» في ليلة الانقلاب، داعيةً إلى إنزال عقوبة السجن 55,800 سنة للمتهمين جميعاً.
تزامناً مع ذلك، طلبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من تركيا رفع حالة الطوارئ «على الفور» لضمان صدقية الانتخابات الرئاسية والتشريعية المبكرة في 24 حزيران. وفق المفوض السامي لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين، فإنه «من الصعوبة بمكان أن نتخيّل كيف يمكن إجراء انتخابات تتّسم بالصدقية في بيئة تتعرّض فيها الآراء المعارضة للحزب الحاكم لعقوبات قاسية».
فرضت حالة الطوارئ في تموز 2016 بعد أيام على محاولة الانقلاب، ويتم تجديدها باستمرار منذ ذلك الحين، حصلت خلالها عمليات «تطهير» غير مسبوقة، مع توقيف 50 ألف شخص وعزل 140 ألفاً ومنعهم من ممارسة وظائفهم، شملت معارضين وسياسيين وصحافيين وأكاديميين.

إينجه:«صراعنا هو صراع من يريدون استبدال الظلم بالحرية»(أ ف ب )