في أولى زياراته الخارجية بعد تثبيت الكونغرس تعيينه، يقوم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو المعيّن أخيراً بجولة «شرق أوسطية»، يزور فيها السعودية، وإسرائيل، الى جانب الأردن، سيبحث خلالها الاتفاق الموقَّع مع طهران لتقييد برنامجها النووي. الجولة التي تُظهر عزم بومبيو، ومن خلفه الإدارة الأميركية، على حشد القوى لمواجهة إيران، بدأها بزيارة الرياض، حيث التقى مساء أمس السبت، العاهل السعودي الملك سلمان، وولي العهد محمد بن سلمانبعد اللقاءات التي عقدها في الرياض مع المسؤولين السعوديين، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي عادل الجبير، إن «إيران تعمل على زعزعة المنطقة، وتدعم الميليشيات والجماعات الإرهابية، وتعمل كتاجر سلاح، إذ إنها تسلح المتمردين الحوثيين في اليمن، وتقوم بحملات قرصنة إلكترونية. كما تدعم نظام الأسد القاتل». وتابع بومبيو قائلاً: «على العكس من الإدارة السابقة، نحن لا نتجاهل إرهاب إيران الواسع النطاق».
من جانبه، دعا الجبير في المؤتمر الى «تحسين الاتفاق النووي مع إيران»، وقال: «تؤيد المملكة العربية السعودية جهود تحسين الاتفاقية النووية الإيرانية»، وأوضح قائلاً: «نعتقد أن المدة التي يكون فيها حد لكمية تخصيب اليورانيوم يجب أن تلغى وتكون بشكل أبدي»، «نعتقد أنه يجب أن يكون هناك تكثيف في موضوع التفتيش للمنشآت النووية الإيرانية» تابع الجبير. بومبيو من جهته، طمأن السعودية الى أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي، «إذا لم يتم التوصل الى اتفاق مع الشركاء الأوروبيين لإصلاحه لضمان عدم امتلاك طهران أسلحة نووية أبداً».

«طفح الكيل منكم!»
لم يقتصر الحديث في الرياض على الملف النووي الإيراني، إذ كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن «صبر واشنطن نفد في ما يخص النزاع بين قطر والدول الخليجية الأخرى، وأن وزير الخارجية الأميركي سيبلغ القادة السعوديين رسالة بسيطة مفادها: لقد طفح الكيل فتوقفوا». وأشارت الصحيفة إلى أن الوزير الأميركي طلب من نظيره السعودي «فك الحصار عن اليمن والسماح بالسلع الغذائية والتجارية والوقود بالوصول الى هذا البلد الذي يعاني كارثة إنسانية زادتها سوءاً أخطاء الغارات الجوية السعودية». وقالت «نيويورك تايمز» إنه فيما «تبحث السعودية عن حفر خندق على طول حدودها مع قطر، وإلقاء نفايات نووية قربها، يصل وزير الخارجية الأميركي الى الرياض، حاملاً رسالة بسيطة: لقد طفح الكيل». لقد سعى سلف بومبيو، ريكس تيلرسون، بحسب الصحيفة، الى «حلّ النزاع مع قطر»، الذي تشارك فيه السعودية والإمارات ومصر والبحرين، «لكنه لم ينجح». «كان السعوديون، المراقبون بحرص لديناميكيات السلطة في واشنطن، يعرفون أن تيلرسون كان على علاقة متوترة مع الرئيس ترامب، وبالتالي تجاهلوه، وخاصة لأن ترامب كان يقف إلى جانب السعوديين في الأيام الأولى للنزاع. لكن بومبيو أقرب إلى ترامب، وبالتالي هو شخصية ملائمة». وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال ما يقرب من 11 شهراً منذ بدء الحظر عليها، أنفقت قطر ملايين الدولارات في حملتها في واشنطن والتي أتت ثمارها هذا الشهر بـ«عقد زعيمها، تميم بن حمد آل ثاني، اجتماعاً مع ترامب في مكتبه في البيت الأبيض، أعرب فيه الرئيس عن دعمه بقوة لهذا البلد الصغير».

نتنياهو: «بومبيو صديق حقيقي»
عقب لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم قال بومبيو إن واشنطن «لا تزال قلقة بشدّة بسبب التصعيد الخطير للتهديدات الإيرانية تجاه إسرائيل والمنطقة».
في المقابل، كان نتنياهو أعلن أنه «ينوي مناقشة الاتفاق النووي الإيراني والعدوان المتنامي لطهران عند لقائه وزير الخارجية الأميركي في وقت لاحق الأحد»، ووصف بومبيو بأنه «صديق حقيقي لإسرائيل»، مشيراً إلى أنه سيناقش معه «الملف النووي لطهران، ووجود قواتها في سوريا»، كما جدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي شكره للرئيس الأميركي دونالد ترامب على قراره بنقل السفارة إلى القدس، وأضاف: «كما قلت مسبقاً، هناك دول أخرى ستنضم إلى الولايات المتحدة» في قرارها.
يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيعلن في 12 أيار/ مايو، ما إذا كانت واشنطن ستعيد فرض العقوبات على طهران على خلفية برنامجها النووي، ما يضع مصير الاتفاق التاريخي الذي أبرم عام 2015 على المحكّ. من جهتهم، أكّد القادة الإيرانيون مراراً أنهم لن يقبلوا بتعديلات على الاتفاق، كما أنهم سينسحبون منه فور انسحاب الولايات المتّحدة، علماً بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كان قد دعا مراراً إلى تبديل الاتفاق المبرم أو إلغائه. وبعد محادثات أجراها يوم الجمعة الماضي في بروكسل مع شركاء بلاده في حلف شمالي الأطلسي، بدا وزير الخارجية الأميركي كأنه يلمح إلى أن ترامب ينوي إلغاء الاتفاق النووي.
نتنياهو سيناقش مع بومبيو الوجود الإيراني في سوريا (أ ف ب )