أحد قادة «الصقور» والمحافظ المتشدّد السيئ السمعة و«العدواني»، جون بولتون، سيخلف الجنرال اتش آر ماكماستر، الذي خلف بدوره مايكل فلين، ليصير ثالث مستشار للأمن القومي في غضون 15 شهراً، بينما يعيد دونالد ترامب ترتيب فريق السياسة الخارجية، خلف شعار «أميركا أولاً».تعيين بولتون لم يكن مفاجئاً، خصوصاً بعد التسريبات الصحافية التي أفادت بذلك، وبعد تداول اسمه في بداية ولاية دونالد ترامب، لتولّي حقيبة «الخارجية»، قبل منحها لريكس تيلرسون، وأخيراً لمايك بومبيو.

عرّاب الحروب الاستباقية
على غرار وزير الخارجية المُعيّن، مايك بومبيو، والمندوبة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، يمثّل بولتون جزءاً من أولئك الذين يدعون إلى الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران؛ وهو موقف يتناسب مع وعود ترامب الانتخابية الذي هدّد بالانسحاب من الاتفاق، في حال عدم تعديله لجهة تشديده.
يعَدّ جون بولتون من صقور «المحافظين الجدد»، وأحد مهندسي الحرب على العراق في عام 2003، عندما كان نائباً لوزير الدفاع في إدارة جورج دبليوم بوش، إذ إنه أكّد قبيل غزو العراق بعام واحد: «نحن واثقون من أنّ صدام حسين لديه أسلحة دمار شامل مخبّأة. هناك صلة قوية بين أنظمة محور الشر في العراق وإيران وكوريا الشمالية». وبين العامين 2005 و2006 عُيّن هذا الأخير مندوب واشنطن (الصدامي) لدى الأمم المتحدة.
ومع اقتراب القمة المرتقبة بين ترامب والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، كتب بولتون مقالاً في نهاية شباط/ فبراير الماضي في صحيفة «وول ستريت جورنال»، عبّر فيه عن موقفه بوضوح بقوله: «إنّه لمِنَ المشروع تماماً أن تردّ الولايات المتحدة على التهديد» الذي تمثله كوريا الشمالية «من خلال أن تكون البادئة بتوجيه ضربة»، متسائلاً: «كم من الوقت على أميركا أن تنتظر قبل أن تتحرك لإزالة هذا التهديد؟».
تعليقاً على اللقاء المزمع، قال بولتون في حديث إذاعي: «يجب أن تكون جلسة قصيرة، حيث يقول ترامب لكيم: أخبرني أنك بدأت في نزع السلاح النووي بالكامل، لأنه لن يكون هناك مفاوضات مطوّلة. يمكنك أن تخبرني الآن، أو سنبدأ التفكير في شيء آخر».
لقي تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي ترحيباً كبيراً في إسرائيل(أ ف ب )

«اللياقة الدبلوماسية»
عُرف بولتون بتصريحاته العدائية؛ إذ:
علّق على الاتفاق النووي الإيراني في عام 2016، معتبراً أنّ «الصفقة النووية الإيرانية كانت أسوأ فعل استرضاء في التاريخ الأميركي»، ودعا إلى تغيير النظام في الجمهورية الإسلامية لـ«منعها من حيازة سلاح نووي».
عن عراق ما بعد الغزو: «لست نادماً»، «ما زلت أعتقد بصوابية قرار إطاحة صدام صحيح، لكن أسوأ القرارات بعد عام 2011 على الإطلاق، كان قرار سحب القوات الأميركية من العراق».
خلال اجتماعٍ للأمم المتحدة عام 1994، علّق على المنظمة الدولية بالقول: «لا توجد أممٌ متحدة. هناك مجتمع دولي يمكن قيادته من وقت إلى آخر بالقوة الوحيدة الحقيقية الباقية في العالم، وهي الولايات المتحدة، وذلك كلما تناسب هذا الدور مع المصالح الأميركية وكلما استطعنا جعل الآخرين يسيرون معنا».
عن إصلاح الأمم المتحدة: «لو كُلفت إعادة هيكلة مجلس الأمن الدولي، لخفضت عدد الدول دائمة العضوية إلى واحدة فقط، هي الولايات المتحدة، لأن ذلك هو التعبير الحقيقي عن ميزان القوة في العالم».


«خطرٌ حقيقي»
«وول ستريت جورنال»: «منتقدو بولتون يقولون إنه عدواني، لكن في الواقع إنه مباشر وكل من يستمع إليه سيعرف مواقفه الحقيقية، وأول مهمة له ستكون إعداد ترامب للقاء تاريخي مع كيم جونغ أون، لذلك يجب على كوريا الشمالية أن تعلم أن التسويف لن ينجح مع الولايات المتحدة حالياً».
«واشنطن بوست»: «ترامب أضاف متعصباً آخر إلى البيت الأبيض». وأشارت إلى أن غالبية الرؤساء يختارون في البداية الأيديولوجيين الأنقياء، ثم بعد التعرض للانتكاسات الحتمية يستبدلون بهم أشخاصاً أقل أدلجة وأكثر كفاءة ومهنية، أما ترامب فقد فعل العكس، فعزل كل من كان بإمكانهم التخفيف من تطرفه واستبدل بهم متشددين متعصبين: «بولتون متوحش أرهب محللي الاستخبارات ودفعهم إلى اصطناع أدلة على أن كوبا تطوّر برنامجاً لحرب بيولوجية، وأن العراق يطور أسلحة دمار شامل». أضافت أن ما يفتقده بولتون من كفاءة ومهنية يعوّضه بتطرفه الأيديولوجي.
«فورين بوليسي»: «رغم شغفه بالتدخل الخارجي والمواجهة مع أيّ دولة، لا يرغب بولتون كثيراً في تصدير القيم الأميركية مثل الديموقراطية وحقوق الإنسان، ويشارك ترامب في تجاهله للمعاهدات الدولية واحتقاره للمنظمات المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي».
«نيويورك تايمز»: في مقال موقع من هيئة تحرير الجريدة، اعتبرت أنّ بولتون «يمثّل خطراً حقيقياً»، «هناك أشخاصاً محددين سيقودون البلاد إلى مزيد من الحروب، وبولتون واحد من هؤلاء».

«الفريق الأكثر تشدداً»
الرئيس السابق لمكتب الاستخبارات في وزارة الخارجية الأميركية، كارل فورد: «أنا محافظ مثل جون بولتون، لكن الأضرار والأذى الشخصي الذي يسببه لا يستحق الثمن الذي يدفعه».
العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ، راند بول: «أنا قلق من أن ترامب سيعين واحداً متهوراً، لأنه يؤمن بالتدخل المطلق والكامل في الدول الأخرى».
العضو الجمهوري في الكونغرس لي زيلدين: بولتون «رجل يتمتع بمؤهلات استثنائية... لن تحدث تسربيات بعد اليوم من مجلس الأمن القومي».
السيناتور الجمهوري ليندساي غراهام: «نبأ سار لحلفاء أميركا، ونذير شؤم لأعدائها».
السيناتور الديموقراطي، إد ماركي، نائب رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: تعيين بولتون «خطوة بالغة الخطورة للشعب الأميركي، ورسالة واضحة من ترامب بأنه يصعّد من أجل الاشتباك العسكري». «بولتون لعب دوراً حيوياً في تسييس المعلومات الاستخباراتية التي قادتنا خطأً لشنّ حرب على العراق... ليس بوسعنا السماح لصقر حرب متشدد ارتكاب خطأ جديدٍ وقيادتنا لصراع مرير آخر».
عضو مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور الديموقراطي، بيروني ساندرز: «بولتون كان جزءاً من فريق ضلّل الولايات المتحدة لشنّ حرب كارثية على العراق، ودعم العمل العسكري ضد كوريا الشمالية وإيران، وكان متطرّفاً إلى حد لا يُمكن تصديقه عندما كان سفيراً لدى الأمم المتحدة عام 2005، وبالتأكيد هو الشخص الخطأ ليكون مستشاراً للأمن القومي».
الدبلوماسي آرون ديفيد ميلر: «مع تعيين جون بولتون، سيكون فريق ترامب للسياسة الخارجية الأكثر تشدداً وأيديولوجية والأقل براغماتية في الذاكرة الحديثة، في وقت تتطلب فيه التحديات على الساحة الدولية الحزم، ولكن أيضاً المرونة والبراغماتية».


الصديق «القوي» لإسرائيل
رحب وزراء إسرائيليون بتعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي؛ إذ قالت وزيرة العدل الإسرائيلية اليمينية المتشددة، وهي من حزب «البيت اليهودي»، في بيان: «يواصل ترامب تعيين أصدقاء حقيقيين لإسرائيل في مناصب عليا، جون بولتون أحد البارزين منهم، ويتمتع بخبرة واسعة ولديه تفكير أصيل استثنائي». وأضافت: «هذا تعيين ممتاز... لقد اتضح أن إدارة ترامب هي الأكثر ودية لإسرائيل على الإطلاق». أما وزير التعليم، نفتالي بينيت، فوصف، عبر حسابه على «تويتر»، هذا التعيين بأنه «عظيم»، وقال إنّ «بولتون خبير أمني استثنائي ودبلوماسي متمرّس وصديق قوي لإسرائيل».
وزير البيئة، زئيف الكين، من حزب «الليكود» الحاكم، قال: «هو بلا شك صديق مقرّب لإسرائيل منذ سنوات عدة، بما فيها سنوات عمله في منصب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. ليس لدي أي شك في أننا سنكون مرتاحين للعمل معه».