من هو سكريبال؟
هو كولونيل سابق في الاستخبارات العسكرية الروسية. عمل مع الاستخبارات البريطانية (MI6) في التسعينيات وبداية الـ 2000، إلى حين القبض عليه من قبل السلطات الروسية في كانون الأول 2004. قامت روسيا بمحاكمته وسجنه بتهمة الخيانة العظمى، بسبب بيعه أسراراً عسكرية روسية إلى بريطانيا. عام 2010، حصل على عفو، ثم انتقل إلى بريطانيا في إطار صفقة تبادل جواسيس بين روسيا والولايات المتحدة، واستقر في مدينة سالزبيري الهادئة جنوب غرب إنكلترا. لا يزال هو وابنته يوليا (33 عاماً) في حالة حرجة بعد العثور عليهما فاقدي الوعي على مقعد خارج مركز للتسوق في المدينة.

ماذا قالت بريطانيا؟

رجحت بريطانيا أن تكون موسكو وراء «الهجوم الطائش والمشين» على العميل المزدوج، وفق ما قالت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي في حديثها أمام البرلمان أمس.
أكدت ماي أن «غاز الأعصاب الذي استخدم في تسميمهما هو من النوع العسكري الذي تطوره روسيا»، وأن روسيا استخدمت في السابق مجموعة غازات الأعصاب، المعروفة باسم «نوفيتشوك، ولها تاريخ في الاغتيالات التي تتم برعاية من الحكومة، وتعتبر المنشقين من أمثال سكريبال أهدافاً مشروعة».
استدعت وزارة الخارجية البريطانية السفير الروسي في لندن، أمس، للمطالبة بـ«الكشف الكامل» عن برنامج «نوفيتشوك» لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
طلبت بريطانيا من السفير توضيحاً بشأن ما إذا كان الهجوم على سكريبال عملاً مباشراً من الدولة الروسية ضد بريطانيا، أو إذا كانت الحكومة قد «فقدت السيطرة» على الغاز واستخدمته عناصر أخرى.
أعطت لندن موسكو مهلةً حتى يوم غدٍ الأربعاء للحصول على «ردّ موثوق»، وإن لم تفعل، قالت بريطانيا إنها ستخلص إلى نتيجة أن هذا العمل يرقى إلى الاستخدام «غير القانوني للقوة من قبل الدولة الروسية ضد المملكة المتحدة»، وبناء على ذلك، ستطرح مجموعة من الإجراءات للردّ.

كيف ردت روسيا؟

استدعت وزارة الخارجية الروسية، اليوم، السفير البريطاني في دليل على تصاعد حدة الخلاف الدبلوماسي بين البلدين، بعدما نفت موسكو ضلوعها في الحادث ووصفت الاتهام بأنه «استفزازي»، كما حذّرت لندن سابقاً من أن إلقاء اللوم عليها سيكون «لعبة خطيرة» يمكن أن تضر العلاقات الثنائية.
الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قال إن على لندن أن توضح موقفها قبل التحدث إلى موسكو، وفق وكالة «إنترفاكس» للأنباء، التي نقلت عن بوتين قوله: «حلّوا المسائل من جانبكم، وبعد ذلك سنتناقش معكم».
طلبت روسيا من لندن عيّنة من غاز الأعصاب الذي يقال إنه استخدم في تسميم سكريبال، لكن الطلب الروسي قوبل بالرفض من لندن.
أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده «بريئة» و«مستعدة للتعاون» مع التحقيق البريطاني.
وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، تصريحات ماي بأنها «مهزلة في البرلمان البريطاني» وأنها جزء من «معلومات وحملة سياسية تقوم على الاستفزاز».
حذّرت السفارة الروسية في لندن من أن التكهنات بشأن الهجوم على سكريبال أدّت إلى إطلاق تهديد الصحافيين الروس في بريطانيا، ويمكن أن تضر بالعلاقات بين البلدين، وأنّ «سياسة الحكومة البريطانية الحالية تجاه روسيا تعتبر لعبة خطيرة للغاية مع الرأي العام البريطاني» ولها «عواقب خطيرة طويلة الأجل على علاقاتنا الثنائية».

ما هي ردة الفعل الدولية؟

منظمة حظر الأسلحة الكيميائية: عملية تسميم العميل الروسي المزدوج السابق، سيرغي سكريبال، وابنته بغاز للأعصاب «مقلقة للغاية».
الأمين العام لـ«حلف شمالي الأطلسي»، ينس ستولتنبرغ، عبّر عن «قلق شديد» إزاء الهجوم على العميل الروسي المزدوج، مشيراً إلى أنه على تواصل مع لندن بشأن المسألة، كما اعتبر أن «أي استخدام لغاز أعصاب هو عمل مشين وغير مقبول أبداً».
أعلن وزير الخارجية الأميركي المُقال، ريكس تيلرسون، أن الولايات المتحدة متّفقة مع حليفتها بريطانيا على أنّ روسيا تقف على الأرجح خلف تسميم الجاسوس الروسي المزدوج، مشدداً على وجوب محاسبة المسؤولين عن «محاولة الاغتيال».


ماذا سيحصل الآن بين روسيا وبريطانيا؟

استدعاء السفراء يعني شرخاً عميقاً في العلاقات الثنائية، لكن الأمور قد لا تنتهي هنا، مع تنديد ستولتنبرغ من احتمال أن تلجأ لندن إلى تفعيل المادة الخامسة في اتفاقية «حلف شمالي الأطلسي»، والتي تنص على أن أي هجوم على دولة عضو في الحلف، يشكّل هجوماً على سائر الأعضاء. إلا أنّ شبكة «بي بي سي» ذكرت أن حكومة ماي رفضت تفعيل هذه المادة وستسعى إلى سبل أخرى من أجل مواجهة روسيا.
بدوره، أشار وزير الخارجية الأميركي المُقال إلى أن هناك اتفاقاً على أن «عواقب وخيمة مناسبة» سيواجها من «ارتكبوا الجريمة أو أولئك الذين أمروا بها». ورداً على سؤال عن احتمال إقدام الدول الأعضاء في «حلف شمالي الأطلسي» على رد فعل بعد تعرّض أحد أعضاء الحلف لهذا الاعتداء، قال تيلرسون إنّ «هذا الأمر سيستدعي رد فعل حتماً. أكتفي بهذا القدر».
من جهة ثانية، يعيد هذا الهجوم إلى الأذهان قضية تسميم الجاسوس السابق، ألكسندر ليتفينينكو، بغاز مشع عام 2006، والذي ألقت لندن مسؤوليته على موسكو.
أشارت ماي إلى أنه بعد اغتيال ليتفينيكو، قامت بريطانيا بطرد دبلوماسيين روس، وعلقت التعاون الأمني مع موسكو وجمّدت أرصدة أشخاص مشتبه فيهم، إضافة إلى إجراءات أخرى. لذلك، أضافت أنه «يجب أن نكون مستعدين الآن لاتخاذ المزيد من الإجراءات... لن نتساهل مع هذه المحاولة الوقحة لقتل مدنيين أبرياء على أراضينا». ولمحت ماي أيضاً إلى احتمال مقاطعة مسؤولين وشخصيات بارزة لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2018 التي ستجرى في موسكو.
من المحتمل أن تلجأ لندن إلى الدفع في اتجاه توسيع عقوبات الاتحاد الأوروبي على موسكو، وفق ما ذكرت صحيفة «ذي غارديان»، إضافة إلى العمل على توسيع الوجود الأطلسي على الحدود مع روسيا. ومن الممكن أن تقوم الولايات المتحدة كذلك، بتسمية روسيا كدولة راعية للإرهاب، وهي تؤدي إلى عقوبات أحادية الجانب على مستويات مختلفة، وخصوصاً الاقتصادية. كلّ هذه الاحتمالات تجعل من العلاقات الروسية ــ البريطانية متوترة أكثر، وكذلك بالنسبة إلى علاقة روسيا مع الغرب.