يبدو أن مكالمة المدير المالي لـ«فايسبوك»، ديفيد وينر، الهاتفية حول انخفاض هوامش الربح لسنوات هي التي كبّدت البورصة الأميركية أكبر خسارة يومية في تاريخها، بخسارة الشركة 119 مليار دولار، بعدما هوى سهمها 19% مع افتتاح التداول أمس. إذ إن ما صرّح به وينر حول نتائج التقرير الفصلي للشركة، بدا سلبياً بالمقارنة مع تعليق مؤسس «فايسبوك» ورئيسها التنفيذي، مارك زوكربرغ. علماً بأن الأخير لم يستعرض تفاصيل التنبؤات السلبية، تلك التي أدت أمس إلى انخفاض سعر أسهم الشركة بمقدار 24% في تداولات ما بعد الإغلاق، لتبلغ خسارتها نحو 130 مليار دولار، فضلاً عن خسارة زوكربرغ 16.8 مليار دولار.
يوم الأربعاء، أطلع وينر محلّلين بحقيقة ما قد تواجهه الشركة من ضغوط على هوامش أنشطتها لسنوات عدة. واستعرض ــ بصراحة مطلقة ــ أرباح «فايسبوك» المخيّبة للآمال في الربع الثاني من العام الجاري، نتيجة زيادة الإنفاق على تقوية مستويات حماية خصوصية روّاد العملاق الأزرق، وانخفاض في كبريات أسواق الإعلانات في العالم.
وقال في المكالمة الهاتفية: «على مدى السنوات المقبلة، نتوقّع أن تتجه هوامشنا التشغيلية صوب نسب مئوية في منتصف الثلاثينات». عقب مكالمته الهاتفية، خفضت 16 شركة سمسرة أسعارها المستهدفة لسهم «فايسبوك»، بينما أوصى محللون بالاحتفاظ بالسهم أو بيعه. ونتيجة لذلك، هوى السهم نحو 19.6 في المئة إلى 174.78 دولاراً، وهي خسارة، إذا استمرّت، ستقلّص قيمة الشركة بنحو 124 مليار دولار، أو ما يعادل نحو 4 أمثال القيمة السوقية لـ«تويتر».
وسرعان ما أدى الهبوط الحاد لسهم «فايسبوك» إلى انخفاض مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» الأوسع نطاقاً بنسبة 1.6%، وهو أحد المؤشرات الرئيسية لبورصة «وول ستريت»، وتُدرج فيه أسهم شركات التكنولوجيا.

سقوط «فايسبوك»: أسباب (غير) مباشرة
عملياً، تظهر النتائج المالية لـ«فايسبوك» برسم الربع الثاني من العام الحالي، أن سريان قانون أوروبي جديد لحماية الخصوصية، وتوالي فضائح الخصوصية المرتبطة بملف شركة «كامبريدج أناليتكا»، بدأت تضرّ بالأداء المالي لعملاق شركات التواصل.
من جانبٍ آخر، تحدثت وكالة «بلومبرغ»، في تقرير نشر أمس، عن اعتماد «فايسبوك» سياسية حذر مفرط مُتعمَّدة، مبررةً بذلك صراحة الشركة التامة لدى إعلانها انحدار هوامش أرباحها في السنوات المقبلة. وفي إطار محاولتها الكشف عن أسباب سقوط الشركة الكبير والسريع في آن، رجّحت «بلومبرغ» أن تكون الشركة قد أعادت خفض سقف توقعاتها بشأن أرباحها إلى مستوى غير مألوف، لكي تتمكّن من تجاوز تلك التوقعات السلبية بسهولة شديدة لاحقاً، تماماً كما فعلت في عام 2017.
وفي هذا الإطار، نقلت «بلومبرغ» عن محلل الأسهم لدى شركة «MoffettNathanson-LLC»، مايكل ناثانسون، الذي أثار احتمال أن تتحدث «فايسبوك» عن آفاقها «لتفادي المزيد من الضغوط القانونية». وفق ناثانسون، كلّما كانت المؤشرات المالية لـ«فايسبوك» سيئة، فإن احتمال تعرضها لمزيد من الضغوط والإجراءات القانونية الصارمة من قبل «السياسيين والسلطات القانونية في جميع أنحاء العالم» لكونها «ناجحة وقوية جداً»، سيتقلّص.