سبّبت فضيحة «اختراق البيانات» التي أُثيرت قبل أيام ضد «فايسبوك»، هزّةً إعلامية ومادّية للموقع الأزرق الذي خسر في يومٍ واحد نحو 37 مليار دولار أميركي من قيمته السوقية. في أكبر تراجعٍ في يوم واحد هذا العام، شهدت أسهم الشركة الأميركية هبوطاً حاداً، في وقتٍ يتفاعل فيه الجانب القانوني الذي طال «فايسبوك» بعدما تبيّن أنها سرّبت بيانات الملايين من مستخدميه لشركة «كامبريدج أناليتكا» للاستشارات السياسية، بغرض استخدامها في الانتخابات الرئاسية عام 2016.
نصيب مؤسس «فايسبوك» ورئيسها التنفيذي، مارك زوكربيرغ، من الخسارة المالية، خلال 48 ساعة، هو تسعة مليارات دولار، فقدها من حصته الشخصية في أسهم الشركة. ويمتلك زوكربيرغ حوالى 400 مليون سهم من أسهم «فايسبوك»، أي ما يعادل نسبة 16 في المئة من أسهم الشركة، وكانت قيمة تلك الأسهم تبلغ 75 مليار دولار يوم الجمعة الماضي، قبل أن تهبط إلى 66 ملياراً.
وهوَت أسهم «فايسبوك» 4.7 في المئة، بعدما سجّلت تراجعاً بحوالى سبعة في المئة أمس، وسط قلق المستثمرين من أن تواجه أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم غرامات باهظة، أو أن يتسبب تضرر سمعتها في انصراف المستخدمين والمعلنين عنها.


تحقيقات أميركية وأوروبية
القضية التي تُعدّ أكبر فضيحة في تاريخ العملاق الأميركي، باتت موضع تحقيقات قضائية من قبل أكثر من جهة. في الولايات المتحدة، تجري لجنة التجارة الاتحادية الأميركية تحقيقاً، وهي الهيئة التنظيمية المسؤولة عن حماية المستهلك. يبحث التحقيق في ما إذا كانت شركة «فايسبوك» قد سمحت لـ«كامبريدج أناليتكا» بالحصول على بعض بيانات مستخدميها، فيما رحّب البيت الأبيض بهذه التحقيقات.
وقال نائب المتحدث باسم البيت الأبيض لقناة «فوكس نيوز»، راج شاه، إن الرئيس دونالد ترامب «يعتقد أن خصوصية الأميركيين يجب أن تحظى بالحماية، وإذا أراد الكونغرس أو وكالات أخرى بحث الأمر فسنرحب بذلك».
كذلك، قررت السلطات الأوروبية والبريطانية المكلفة حماية المعطيات، التحقيق في القضية، إذ قالت المفوضية الأوروبية إن السلطات ستبحث هذا الموضوع في اجتماع في بروكسل لمجموعة الـ29.
وفي بريطانيا، طلب مكتب مفوض الإعلام من الهيئة المستقلة المكلفة تنظيم القطاع وحماية المعطيات الشخصية، الإذن في التحقيق داخل الشركة المعنية حتى يمكنه «تفتيش الخوادم وإجراء عملية تدقيق في المعطيات».
من جهتها، أوضحت رئيسة المكتب، اليزابيث دينهام، أنها طلبت من «فايسبوك» أن توقف تحقيقها بشأن شركة «كامبريدج أناليتكا» لأنه يمكن أن يؤثر على تحقيق المكتب.
في هذا السياق، استدعت لجنة في البرلمان البريطاني، يوم أمس، مؤسس شركة «فايسبوك»، مارك زوكربيرغ، لاستجوابه في هذه القضية.


«اتفاق 2011»
عام 2011، قامت «فايسبوك» بتسوية دعاوى اتهمتها بانتهاك خصوصية مستخدميها، ووافقت على اتخاذ إجراءات لتحسين حماية بيانات المشتركين وعددهم 800 مليون. وذكر موقع «بلومبرغ» أن مسؤولي لجنة التجارة الاتحادية يبحثون حالياً في ما إذا كانت الشركة قد انتهكت ذلك الاتفاق. بموجب تلك التسوية، قبلت «فايسبوك» الحصول على موافقة المستخدمين على تعديلات معينة على إعدادات الخصوصية، في إطار تسوية اتهامات اتحادية بأنها خدعت المستهلكين وأجبرتهم على تبادل معلومات شخصية أكثر مما كانوا يرغبون. وإذا وجدت اللجنة أن «فايسبوك» انتهكت بنود مرسوم الإقرار بالموافقة، فهي تملك السلطة لتغريمها آلاف الدولارات عن كل يوم خلال فترة الانتهاك.
وكالة «رويترز» نقلت عن نائب مسؤول الخصوصية في «فايسبوك»، روب شيرمان، قوله «ما زلنا ملتزمين بشدة بحماية معلومات العملاء. نحن نقدر الفرصة للرد على أي تساؤلات ربما تطرحها لجنة التجارة الاتحادية».


كوغان «كبش فداء»
بعد إثارة الفضيحة، حمّلت «فايسبوك» الأكاديمي البريطاني ألكسندر كوغان الذي أنشأ تطبيقاً على الموقع، مسؤولية خرق البيانات. فالتطبيق الذي قام بتحميله 270 ألف شخص أتاح الوصول ليس فقط إلى بياناتهم الشخصية وإنما لبيانات أصدقائهم أيضاً. وأضافت أن كوغان انتهك سياسته بعد ذلك بنقله البيانات إلى «كمبريدج أناليتكا».
لكن كوغان قال إن «فايسبوك» و«كامبريدج أناليتيكا» استخدماه كـ«كبش فداء»، وإن الشركة بالغت في دقة البيانات. وقال كوغان في حديثٍ إلى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «كنا نعتقد بأننا نقوم بشيء عادي».
وتابع أن «كمبريدج أناليتكا بالغت في مدى دقة البيانات»، مضيفاً أن البيانات كانت على الأرجح ستضرّ بحملة ترامب.