رضخ الغرب وليّن موقفه إزاء المبادرة الروسية لتجنّب عدوان أميركي على سوريا، فيما حلفاؤه العرب، وتحديداً الخليجيين، وخلفهم الأتراك، لم يستوعبوا الصدمة بعد. يريدون ضربة عسكرية بأيّ طريقة وتحت أيّ مسمى أو ذريعة. مجلس التعاون الخليجي رأى في الاقتراح الروسي بوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت الرقابة الدولية أنه لن ينهي إراقة الدماء في سوريا.
ورأى وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، الذي تتولى دولته رئاسة الدورة الحالية للمجلس، أنّ الاقتراح الروسي يعتبر نوعاً من «المماطلة» تؤخر حلّ الأزمة. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده، أمس، عقب اجتماع الدورة العادية لمجلس التعاون الخليجي على المستوى الوزاري في مدينة جدة السعودية.
وتابع: «فالمسألة (المبادرة) تتعلق بسلاح واحد، ونرجو ألا نضيع وقتنا في التسويف والمماطلة أو التأخير في ما يتعلق بإيجاد حل لهذا الموضوع، وهو إيقاف نزيف الدم السوري، فنرجو الأخذ في الاعتبار أهمية عدم التأخير والتسويف والمماطلة».
وفي تعليقه على تهديد الرئيس السوري بشار الأسد بأنّ المنطقة معرضة لضربات انتقامية إذا ما ضُربت بلاده، قال آل خليفة: «ليس هناك أي خشية من هذا الأمر، ولكنْ هناك وعي تام بهذه الأخطار التي تهدد دولنا إذا ما حدث تصاعد في الشأن السوري، ونحن مستعدون، ولكن نأمل ألا يصل الموضوع لهذه الدرجة».
ونفى وزير الخارجية أي اتصالات خليجية مع أميركا من أجل التعجيل بهذه الضربة، و«إنما هناك اتصالات مكثفة مع دول العالم لوقف نزيف الدم السوري بشكل عاجل».
وأوضح أنّ «سياسة دول الخليج لم تمل يوماً إلى أي خيار عسكري، نحن نسعى دائماً إلى السلام واستقرار المنطقة». في موازاة ذلك، أشار وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، إلى أنّ الأسد ومن يقفون معه ويساندونه، لم يعرفوا حدوداً في ارتكاب المجازر ضد المدنيين العزل. وأكد، خلال لقاء تلفزيوني، أنّ السماح للرئيس السوري بإضاعة الوقت والتماطل، يمثل ضوءاً أخضر له بارتكاب مجازر أخرى. وأضاف «إذا وافق النظام السوري على وضع الأسلحة الكيميائية تحت مراقبة المجتمع الدولي، فهذا أمر مرحب به من الجميع، لكن هناك جريمة كبيرة وقعت في سوريا، ما يقرب من 1700 شخص لقوا حتفهم بسبب السلاح الكيميائي، والعدد يزداد يومياً، ويجب أن يعاقب مرتكبو هذه الجريمة أمام القضاء الدولي، حتى لا تتكرر هذه المجازر مرة أخرى».
وأفاد داوود أوغلو بأنّ «عمليات القتل في سوريا لم تقع بالسلاح الكيميائي فقط، فهناك ما يقرب من 120 ألف قتيل، وأكثر من 200 ألف آخرين مفقودين في سوريا، نتيجة استخدام أسلحة غير كيميائية، وهذه جرائم ضد الإنسانية، ويجب أن يقدم بشار الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية».
من ناحيته، قال نائب الأمين العام للجامعة العربية، أحمد بن حلي، إنّ الأخيرة ستجتمع غداً الأربعاء (اليوم) في مقرها في القاهرة لمناقشة المبادرة الروسية بشأن الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وتأتي هذه الدعوة بعد تصريحات الأمين العام للجامعة، نبيل العربي، أمس، أكد فيها تأييده للمبادرة الروسية، مشدداً على موقف الجامعة المتمسك بإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، ومعرباً عن أمله في إمكانية الخروج بنتائج إيجابية من خلال مباحثات بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا.
إلى ذلك، أعلنت الجزائر ترحيبها بالمبادرة الروسية التي تقضي بوضع مخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية تحت رقابة
دولية.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية، قال الناطق باسم وزارة الخارجية، عمار بلاني، إن الجزائر «تدعم كل المبادرات الهادفة لإبعاد شبح الحرب في سوريا؛ ولذلك تحيي المبادرة الروسية التي ستساهم في بروز ديناميكية جديدة لحل الأزمة السورية».
في المقابل، اعتبر «الائتلاف» المعارض، أنّ موافقة دمشق على المقترح الروسي «مناورة سياسية تصب في باب المماطلة غير المجدية، والتي ستسبب مزيداً من الموت والدمار للشعب السوري، ومزيداً من التهديد لدول وشعوب المنطقة».
ورأى الائتلاف، في بيان أمس، أن «مخالفة القانون الدولي تستوجب رداً دولياً حقيقياً ومتناسباً مع حجمها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسقط جرائم الحرب بالتقادم عن مرتكبيها، فالجرائم الجنائية ضد الإنسانية لا تسقط بتقديم تنازلات سياسية، أو بتسليم الأداة التي ارتكبت بها تلك الجرائم».
ويعقد «الائتلاف» يومي الجمعة والسبت المقبلين اجتماعاً طارئاً لهيئته العامة في اسطنبول لمناقشة تطورات المشهد السوري، وموضوع تشكيل الحكومة الموقتة، حسبما أفاد عضو المكتب الإعلامي للائتلاف، سونير أحمد.
(الأخبار، أ ف ب)