خلصت دراسة بحثية إلى أن نحو 50 في المئة من السوريين القاطنين في مناطق سيطرة الحكومة السورية والمستطلعين في الدراسة، غير قادرين على نقل مطالبهم أو التواصل مع أعضاء المجالس المحلية المنتخبين عن مناطقهم، في انتخابات مجالس الإدارة المحلية التي أجريت العام الماضي.
وتناولت الدراسة التي أجراها الصحافي السوري بلال سليطين، الجوانب الرئيسية في العملية الانتخابية ونتائجها، التي سيطر عليها بشكل مطلق حزب البعث الحاكم في سوريا بنسبة وصلت إلى 80% من المقاعد في كل سوريا.

ووفق الدراسة، كانت مشاركة الأحزاب والقوى السياسية المرخصة في الترشح أدنى من 1% بينما لم تنخرط الشخصيات والقوى المعارضة في المناطق العائدة لسيطرة الحكومة أخيراً مثل درعا وريف دمشق وحمص في الاستحقاق الانتخابي سواء لناحية المشاركة في الترشح أو الإقبال على التصويت.

وأثّر الوضع الخدمي والمعيشي الحالي بشكل كبير على الحالة النفسية للمواطنين السوريين. وبحسب استطلاع رأي أجرته الدراسة، فإن الغالبية كانوا يشعرون بحالة من اليأس والإحباط من القدرة على التغيير وبالتالي غاب حافز المشاركة في الانتخابات.

وبحسب الدراسة فإن الانتخابات أفرزت تغييراً في أعضاء مجالس الإدارة المحلية على مستوى البلاد يصل إلى نسبة الثلثين على مستوى كل سوريا، وهذا يأتي ضمن التوجه لضخ دماء جديدة في مجالس الإدارة المحلية. إلا أن التنافس على مقاعد مجالس الإدارة المحلية كان شبه غائبٍ فقد تنافس 1.1 مرشح على كل مقعد متاح في درعا بينما ارتفعت النسبة إلى 1.5 في طرطوس.

وقد انعكس هذا الأمر على الحملات الانتخابية التي افتقد المواطنون حضورها في محافظاتهم وبالتالي لم يبذل المرشحون أي جهد في تعريف الناخبين بأنفسهم وتقديم برامجهم الانتخابية والتواصل معهم بما في ذلك مرشحو قائمة الوحدة الوطنية التي شكلها حزب البعث والتي تم الإعلان عنهم قبل 6 أيام من موعد الانتخابات في حين لم يعلن هؤلاء المرشحون عن مشروعهم الذي سيعملون عليه بعد الفوز بها.

كما أن 66% من المشاركين في الاستبيان قالوا إنهم لا يعتقدون أن المجالس المحلية المنتخبة يمكنها لعب دور على صعيد المصالحة الوطنية التي تحتاجها البلاد.

وتشير الدراسة إلى ضعف تمثيل النساء في هذه المجالس، إذ إن نسبة المرشحات الناجحات على مستوى سوريا كلها كانت دون 12% وهناك مجالس محلية لم تنجح فيها أية امرأة وهو ما يعكس خللاً في تمثيل النساء اللواتي تشير آخر إحصائية حكومية إلى أن نسبتهن في سوريا تصل إلى أكثر من 50% من عدد السكان.

أما على صعيد تمثيل الشباب دون سن 35 عاماً في مراكز صنع القرار ضمن المجالس المحلية والتي تسمى «المكاتب التنفيذية» فهي دون 7%، وهي نسبة ضعيفة جداً مقارنةً مع حجم شريحة الشباب في البلاد ودورها الرئيسي في عملية التنمية وبناء مستقبل سوريا.

وأشارت الدراسة إلى الدور الإيجابي الذي لعبه القضاء السوري في التعامل مع الاعتراضات التي تقدم بها المرشحون الذين وثقوا تعرضهم للظلم وقدموا إثباتات على ذلك، وكيف تدخلت الأجهزة القضائية وحكمت بإعادة الحقوق لهم وتغيير نتائج الانتخابات في بعض الدوائر وإعادتها في دوائر أخرى كما حدث في أكثر من 5 محافظات.

وخرجت الدراسة بمجموعة من التوصيات حول الحاجة لتغيير العقلية المركزية في إدارة وتوزيع القوى وتحديد أدوار المجالس المحلية وتطبيق اللامركزية قولاً وفعلاً، وضرورة الإعداد الجيد للانتخابات وتعزيز الحالة التنافسية فيها والحدّ من تدخلات الحزب الحاكم فيها، إضافة لخلق بيئة تحفيزية للمشاركة ترشيحاً وانتخاباً عبر بناء سلسلة من إجراءات بناء الثقة الضرورية خصوصاً في المناطق العائدة لسيطرة الحكومة أخيراً.

وأشارت إلى الحاجة لتفعيل الحياة السياسية في البلاد وضمان تمثيل عادل للنساء والشباب في المجالس المحلية ومواقع اتخاذ القرار. وضرورة تعزيز الدور الرقابي عليها سواء عبر استقلال اللجان المعنية بتنظيمها أو بدعم دور المجتمع المدني ووسائل الإعلام على صعيد الرصد والتوثيق ومواكبة العملية.