بدوره، يقول الشيخ رفيق إبراهيم، وهو من فعاليات الجولان، لـ«الأخبار»، إن «رجال الدين والحركة الوطنية عقدوا اجتماعاً في مقام اليعفوري (أبو ذر الغفاري)، وقرّروا مواجهة مشروع المراوح، وإطلاق الحَرَم الديني والاجتماعي على كلّ مَن يتعامل مع هذا المشروع وأدواته»، لافتاً إلى «الدور التاريخي الإيجابي لرجال الدين في مواجهة مشاريع الاحتلال ومؤامراته، منذ الأيام الأولى لاحتلال الجولان». أمّا الشيخ قاسم محمود الصفدي، فيؤكّد أن «التعاون مستمرّ بين رجال الدين والشباب على العمل لإفشال كلّ مخطّطات العدو، الذي سعى دائماً إلى تهويد الجولان بكلّ الوسائل»، فيما يوضح الأسير المحرَّر، عماد سامي المرعي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «رفض مشروع المراوح العملاقة من قِبَلنا، جاء نتيجة دراسة وفهم عميق لخطورة هذا المشروع»، مُبيّناً أن «السبب الأوّل والأساسي هو مصادرة أراضينا التي تُعدّ مصدر عيش وصمود؛ إذ إن هذه المراوح، من ناحية عددها وحجمها، ستقضم أكثر من أربعة آلاف دونم صالحة للزراعة، وستُحوّلها إلى كتل اسمنتية لا يمكن إزالتها، كما أنها ستكون سبباً رئيسيّاً للقضاء على الطيور وتدمير المناطق الخضراء وقتل الأشجار والخُضَر».
يمثّل مشروع «الطاقة البديلة» أحد أوجه العدوان على الجولانيين وأراضيهم ومستقبلهم فيها
ويمثّل مشروع «الطاقة البديلة» أحد أوجه العدوان على الجولانيين وأراضيهم ومستقبلهم فيها، من ضمن المخطَّط الأوسع لإفراغه من سكّانه الأصليين. وهو مخطّط لا يشذّ عن سياق السياسة الاستيطانية الإحلالية التي اتّبعها الاحتلال منذ نشوئه، والقائمة على تمكين ذاته ككيان متفوّق في مجمل العناصر الأساسية للحياة، كالقوّة العسكرية والاقتصاد الإنتاجي. وفي هذا السياق، رأى العدو أن إحدى أهمّ حروبه غير المعلَنة يجب أن تتركّز على محاربة عناصر صمود أهل الأرض وعوامل بقائهم، واضعاً «الزراعة» على رأس القائمة، بوصْفها الوسيلة التي يعتمدها معظم السكّان الأصليين في تحصيل قوتهم اليومي، وأيضاً كمصدر إنتاج اقتصادي عبر بيع المحاصيل، فضلاً عن أن الحفاظ عليها وتناقلها عبر الأجيال يعمّقان وعي الارتباط بالتراب الوطني. هكذا، وفي مقابل دعم السلطات الإسرائيلية المستوطنين بالوسائل كافة ليزرعوا كلّ أرض احتُلّت، وتوفير البنية التحتية الكاملة اللازمة لهم لتطوير القطاع الزراعي، جرت محاربة القطاع المذكور لدى السكّان الواقعين تحت الاحتلال، بهدف تهشيمه وجعله بلا جدوى اقتصادية، وبالتالي القضاء عليه.
وعلى مستوى الجولان خصوصاً، حيث تُعدّ الأرض بالنسبة إلى المزارع كأبنائه، والحفاظ عليها من أدبيّات التربية والثقافة الموروثة، دأَب العدو، منذ مطلع الثمانينيات، على محاولة تحويل «الجولانيين» من مزارعين مستقلّين إلى سكّان مرتبطين بالسوق الإسرائيلية. وبما أن هؤلاء يشتهرون بزراعة التفاح المميّز والمطلوب، فقد صبّت سلطات الاحتلال تركيزها على هذه الزراعة، متحكّمةً لسنوات في سعر العرض والطلب، بحيث أفقدت الناتج السنوي من التفاح قيمته الحقيقية، ساعيةً بذلك لدفْع السكان إلى ترك الزراعة، وبالتالي القضاء على عصب وجودهم. ومع هذا، حافظ الجولانيون على أراضيهم، وطوّروها وابتكروا حلولاً لمشاكل الريّ بصناعة خزانات تعتمد على تجميع مياه الأمطار، كبديل من مصادر المياه التي استولى عليها العدو. لكن حتى تلك الخزانات تعرّضت لمحاولات هدمها وتغريم أصحابها بتهمة «سرقة مياه السماء»، التي هي وفقاً للمنظور الصهيوني حقّ للاحتلال. وبالتوازي مع ما تَقدّم، بدأ الكيان العبري، في السنوات الأخيرة، الدفْع نحو تنفيذ مشروع «الطاقة البديلة» داخل الأراضي الزراعية المملوكة لأهالي الجولان، وهو ما استثار غضباً عارماً تُرجم بسلسلة خطوات؛ أبرزها تقديم الاعتراضات القانونية للجهات المعنيّة، وتوقيع عريضة شعبية محلّية شملت أكثر من 5500 توقيع، بالإضافة إلى اعتراض رسمي من قِبَل 18 جمعية زراعية، وتنفيذ عدّة وقفات احتجاجية وإضراب ليوم واحد، فضلاً عن إطلاق حملة إعلامية للتعريف بمخاطر المشروع. وفي أعقاب مصادقة الحكومة الإسرائيلية على المخطّط، وقعت أوّل مواجهة بين الأهالي وقوّات الاحتلال التي كانت تتولّى حماية فريق من الشركة المنفِّذة لدى محاولته دخول الأراضي المستهدَفة. والظاهر أن المواجهة نفسها ستتجدّد فصولاً اليوم في حال إصرار سلطات العدو على وضع المشروع على سكّة التنفيذ.