في منطقة بلودان بريف دمشق، لن تتوه عن «مخبز الصمّ» أو «مخبز العادل»، إذ سيدلّك معظم أبناء البلدة وضيوفها على طريقه، وكأنه نقطة علام.
لهذا المخبز حكاية لا تشبه حكايات غيره، فهو انطلق قبل نحو أربعين سنة، ويعمل فيه ويديره ثلاثة إخوة من الصُمّ والبُكم، ولدوا بهذه الإعاقة، ومن ثم انضم إليهم حفيد أحدهم الذي ولد بالإعاقة نفسها.

في المخبز لا تسمع سوى صوت التنّور وأدوات الطبخ، فالجميع يتواصل بيديه وإيماءات الوجه، أصحاب العمل ومعهم العامل الوحيد الذي يسمع، والذي تعلم لغة الإشارة بالعِشرة، وأصبح الوسيط في كثير من الأحيان مع الزبائن أو بقية المتاجر والمحلات، بخاصة أن اثنين من الإخوة لا يجيدون القراءة والكتابة.

تخبرنا زوجة أبو محمد أحد أصحاب الفرن، بأن زوجها وإخوته تعلموا هذه المهنة مذ كانوا صغاراً، و«اختارت عائلتهم لهم هذه المصلحة لأنهم يستطيعون العمل فيها بمفردهم من دون الحاجة للبقاء أجراء عند الآخرين، ولأن التواصل فيها محدود مع الزبائن والأصناف محدودة أيضاً».

وتضيف بأن زوجها وإخوته «أقاموا علاقة ممتازة مع الجوار الذين اعتادوا التكلم معهم بلغة الإشارة أيضاً حتى أتقنوها، كما أنهم اكتسبوا سمعة حسنة مع الزبائن»، وعندما يتعذر التواصل بالإشارة يستعينون بالعامل الموجود معهم أو بالكتابة في حال وجود الأخ الأصغر أو الحفيد، أو يستعينون بزوجاتهم اللواتي يعملن معهم لمساعدتهم.

يؤكد أحد الزبائن الذين التقت بهم «الأخبار» أنه اعتاد وعائلته زيارة هذا المخبز «من حوالي الأربعين سنة. ولا تشكلّ اللغة أي عائق بينهم بل على العكس، نرسل الطلبات عبر واتس آب أو نكتبها على ورقة ونحصل على النتيجة المرغوبة وبالوقت المحدد على خلاف الكثير من أصحاب المحلات السامعين الذين لا يوجد عائق بالتواصل معهم لكنهم لا يقدمون النتيجة المرغوبة».