كلّما أُعلن عن مشاريع جديدة في الشمال السوري كلّما تصاعَد خطاب الكراهية ضدّ اللاجئين في تركيا
في هذا الوقت، لوحظ تصاعد خطاب الكراهية ضدّ السوريين في تركيا بشكل كبير خلال العامين الماضيين، وذلك بعد التغيّرات التي شهدتها تركيا، منذ التحوّل إلى النظام الرئاسي، وما تبعه من انتخابات. وترافقت تلك التغييرات مع تصاعد الاتهامات لـ«العدالة والتنمية» باستخدام ورقة اللاجئين لتمرير مشاريعه، خصوصاً في ظلّ حملة تجنيس انتقائية للاجئين السوريين نفّذتها الحكومة التركية، من دون وجود أرقام دقيقة حول عدد المجنَّسين، باستثناء تصريحات الداخلية التركية العام 2019، والتي ذكرت أن عدد المجنّسين يفوق السبعين ألف شخص. وأضيفت إلى ما تَقدّم الأزمة الاقتصادية التي ولّدتها جائحة «كورونا»، متسبّبةً بتراجع عدد السياح بنسبة تجاوزت الـ60% العام الماضي، ونحو 40% في الربع الأول من هذا العام، وفق إحصاءات «معهد الإحصاء التركي»، وهو ما رفع، بدوره، حدّة الانتقادات ضدّ اللاجئين. وأظهر استطلاعٌ أجراه مركز الدراسات التركي في جامعة «قادر هاس»، أن نسبة الرفض التركي للاجئين السوريين وصلت إلى 67% العام 2019، بعدما كانت نحو 57% العام 2016. ويمكن ملاحظة تزامن ارتفاع هذه النسبة مع الإعلان عن مشاريع البناء التركية، بالإضافة إلى عمليات نقل اللاجئين بشكل قسري إلى الداخل السوري، وهو ما أكدته تقارير أصدرتها منظمة «العفو الدولية» (أمنستي) العام 2019، ومنظمة «هيومن رايتس ووتش» في العام نفسه أيضاً.
وخلال الأعوام القليلة الماضية، أمّنت الفصائل السورية التابعة لتركيا الحماية الجزئية لهذه المشاريع في الشمال السوري، إلّا أنها عجزت عن فرض حالةٍ من الأمان يمكن أن تشجّع اللاجئين السوريين على العودة والسكن فيها. وهي إشارة التقطها زعيم «هيئة تحرير الشام»، أبو محمد الجولاني، الذي بدأ يفرض نفسه بديلاً من تلك الفصائل، و«شريكاً» يمكن لأنقرة أن تثق به، وهو ما أفصح عنه بشكل مباشر خلال لقاء قبل نحو ثلاثة أشهر عندما قال إن «المرحلة الحالية هي مرحلة إعداد وبناء مؤسسات»، داعياً إلى «توحيد الفصائل المعارضة»، التي اعتبر أنها فشلت في فرض الأمن في مناطق شمال حلب، مقارنة بالأوضاع في إدلب (التي تسيطر عليها الهيئة)، الأمر الذي اعتبرته مصادر معارضة تمهيداً لتوسيع دائرة سيطرة «الهيئة» بعد أن تمكّنت من القضاء على معظم الفصائل التي كانت تنافسها في إدلب. وأظهرت الخريطة التي عرضها الرئيس التركي أمام الأمم المتحدة قبل عامين، مشاريع يجري العمل عليها بشكلٍ متوازٍ ضمن مراحل متّفق عليها، وذلك في الشريط الحدودي الشمال الشرقي لسوريا وصولاً إلى إدلب، حيث نفوذ الجولاني، الذي يبدو أنه أدرك حجم تلك الاستثمارات، وما يفوته منها في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة في شمال حلب، خصوصاً مع إصرار تركيا على استكمال مشاريعها، وتوقّعاتها بنقل نحو 800 ألف لاجئ إلى الداخل السوري خلال العامين، الجاري 2021 والمقبل 2022، وفق تصريحات مديرية الهجرة التركية.