دمشق ـ الأخبارقنوات التلفزة السورية الرسمية أو الخاصة المتبنية لموقف الحكومة، لا تجد حرجاً في التحدث عن «قرار محور المقاومة»، ولا عن رجال الجيش السوري و»رجال الوعد الصادق» عند الحديث عن المعركة النوعية التي تدور الآن في جنوبي سوريا.
الأمر نفسه يمكن ملاحظته في حديث أي مسؤول سوري عن المواجهات التي تستهدف مباشرة منع إسرائيل من تحقيق أيّ من أهدافها في التوغل داخل الاراضي السورية، ومنع الآخرين الذين يجتمعون في حلف يضم المجموعات المسلحة والاردن والسعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا، والذين يسعون الى احتلال سهل حوران، والتقدم صوب حصار دمشق بغية إسقاطها وإسقاط موقعها.

وفي حديث المسؤولين السوريين قفزة نحو الحديث المباشر عن مسؤولية عمان المباشرة عمّا يحصل في الجنوب، وسيل من المعطيات حول التعاون الامني والعسكري الميداني الذي تقوده حكومة الملك في عمان بالتعاون مع إسرائيل والآخرين بغية «اقتطاع الجنوب عن سوريا». ويقول هؤلاء: سابقاً، كنا نتجنّب توجيه النقد الى حكومة الاردن، لأننا كنا نأمل أن تراجع سياساتها، وكانت أولويتنا في مكان آخر، لكن بعد الذي حصل، وتولّي الاردن أوسع عملية تدريب ونقل لآلاف المقاتلين الى داخل الاراضي السورية، والتنسيق العملياتي مع العدو الاسرائيلي في مدّ المجموعات المسلحة بالمعلومات والعتاد والعديد، لم يعد هناك من مجال للسكوت. ومثلما تقرر أن العملية العسكرية باتت أمراً محسوماً لطرد المسلحين، فإن الكلام السياسي الصريح مع الحكومة الاردنية صار إلزامياً أيضاً.
ويوضح مسار العملية العسكرية القائمة في الجنوب الآن أن الهدف الرئيسي هو إعادة تثبيت المواقع الاستراتيجية وتوجيه ضربات قاسية الى المجموعات المسلحة في أكثر من منطقة هناك، ثم تكون المرحلة الثانية التي تهدف الى توسيع أماكن انتشار الجيش السوري وحلفائه في تلك المنطقة، والفصل تماماً بين ريفي القنيطرة ودرعا، وتأمين الطريق الدولية بين دمشق والجنوب، وقطع الاتصال مع المجموعات المسلحة المنتشرة في الريف الجنوبي للعاصمة دمشق. ويبدو أن العملية حققت هدفها الاول بأكثر مما كان متوقعاً، وسوف تشهد الايام القليلة المقبلة على المراحل الاخرى، وسط عملية استنفار من جانب الحكومة السورية وحلفائها حيث أرسلت التعزيزات الاضافية، ومحاولة للملمة المجموعات المسلحة تحت قيادة واحدة، بعد الانهيارات التي أصابتها والخلافات التي دبّت بين قياداتها.
من سياق الاحداث، يتضح أن قيادة محور المقاومة قررت إعلان مرحلة جديدة في المواجهة هنا، سواء لناحية القرار بتجاوز أي خطوط حمر تضعها إسرائيل على الوجود في مناطق الجولان المحررة وبضرب المجموعات المتعاونة مع الاحتلال هناك، أو لناحية تحقيق الضربة الاستباقية لأي محاولة دخول عسكرية من جانب القوات الاردنية بحجة توفير مناطق آمنة على الحدود مع سوريا.
هذا القرار استوجب نقل مجموعات لبنانية وإيرانية تقاتل تحت قيادة حزب الله والحرس الثوري الايراني للعمل مع الجيش السوري في تلك المنطقة. ولم يكن الأمر مموّها ولم يتم حجبه. حتى إن الاستطلاع الجوي الاسرائيلي الذي يقدم المعطيات الى حليفه الاردني وبقية الحلفاء صوّر مدرعات ومجموعات ترفع علناً الشعارات التي تدل على أنها من حزب الله ومن الحرس الثوري الايراني، وهو أمر بالغ الدلالة في ضوء المواجهة التي فتحت على مصراعيها مع العدو بعد جريمة القنيطرة.
ومع أن إسرائيل استنفرت كل أجهزتها الامنية والعسكرية لأجل رصد التطورات الميدانية على الارض، إلا أنها لم تحرك ساكناً على الارض مباشرة، وهي تعرف أن أي تدخل عسكري مباشر من جانبها سيقود الى مواجهة تتجاوز الاطار التقليدي الذي كان قائماً في المرحلة السابقة.
في سوريا، كل حدث جنوبي ينعكس مباشرة على كل الشمال. هكذا هي المناخات في العاصمة، وفي أماكن أخرى، حيث يتوقع أن ينتقل الجيش السوري بعملياته الهجومية الى مناطق جديدة، لطالما كان الكل يعتبر أنها حسمت من حيث السيطرة والادارة لمصلحة المجموعات المسلحة.