الكرة الأرضية تجتمع كلّها في فريقٍ واحد ضد خصم واحد، وفي مباراةٍ حاسمة إلى حدٍّ كبير. محظوظٌ هذا الفريق الأرضي فهو اليوم «الفريق الحلم» كونه يبدو معزّزاً بأفضل نجوم كرة القدم حول العالم، والذين بلا شك يمكنهم هزيمة ذاك الفريق الذي يعتمد أسلوباً «خشناً ووسخاً» ليصيب الكل من دون رحمة أو استثناء.​لن نخسر المعركة لأن كرة القدم علّمتنا عدم الاستسلام حتى مع بلوغ أي مباراة الدقيقة الـ 90. هو أمر أتقنه الألمان غالباً، وهي مسألة تحملها كل الشعوب في الوقت الحالي، ساعيةً إلى إلحاق هزيمة قاضية ونهائية بحق وباء «كورونا» الذي لا يزال يسجل الإصابات في صفوفها.​
من هنا، تحرّك نجوم الرياضة وكرة القدم على وجه التحديد، فهم أرسلوا رسالة واضحة إلى مشجعيهم الذين ربما حلم كل واحد منهم باللعب أمام مئات آلاف الأشخاص، فقد جاءت الفرصة اليوم لينغمسوا في تحدٍّ أمام الملايين. هو تحدي البقاء على قيد الحياة ومساعدة الآخرين للنجاة وعدم خسارة الفريق العالمي لهم.​
إذاً هي المساعدات التي أطلّت بأشكالٍ مختلفة عكست فعلاً الوجه الإنساني لنجوم الكرة والدور المهم الذي تلعبه اللعبة الشعبية الأولى في العالم داخل المجتمعات، انطلاقاً من رأس الهرم أي «الفيفا» الذي بادر إلى تقديم 10 ملايين دولار أميركي إلى منظمة الصحة العالمية التي يمكن تشبيهها بمدرب الفريق الذي يعطي تعليماته للاعبيه من أجل الوصول إلى النتيجة الأفضل، وهو أمر أساسي حالياً في المعركة المفتوحة مع «كورونا»​.
وإذا كان الاتحاد الدولي معروفاً أصلاً بمبادراته الإنسانية التي خصّ بها كل المنضوين تحت لوائه ودائماً من خلال كرة القدم التي جعل منها رسالةً إنسانية. هي الإنسانية التي تجلّت بأبهى صورها من خلال الكرة وروحها الجماعية، فكان المنتخب الألماني مثالاً صارخاً لهذه المقولة عندما واجه أفراده الأزمة بجمع 2.5 مليون يورو بفضل نجومٍ مثل القائد مانويل نوير، ليون غوريتسكا، جوشوا كيميتش، طوني كروس، مارك - أندريه تير شتيغن، إيلكاي غوندوغان، وماتياس غينتر، وذلك بدعمٍ مباشر من الاتحاد الالماني الذي يعدّ أكبر الاتحادات عالمياً لناحية عدد اللاعبين الموقّعين على كشوفات فرقه.​

دعم مادي ومعنوي
الأمر لم يتوقف عند الجانب المادي بل لجأ مدرب «المانشافت» يواكيم لوف إلى توجيه رسالة توعية إلى الناس لتغيير نمط حياتهم بعد وقوع الكارثة التي توقّعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن تصيب 70% من الألمان. كما أن لوف مع مدير المنتخب أوليفر بيرهوف أبديا استعدادهما لتقديم راتبيهما من أجل المساهمة في مكافحة الوباء.​
ألمانيا ورغم أنها كانت الأخيرة بين كبار القارة كروياً التي تأثّرت كرة القدم فيها بوصول الـ«كورونا» إليها، كان التحرك فيها واسعاً، ففي موازاة مبادرة المنتخب الألماني، كان بعض لاعبيه أنفسهم مثل كيميتش وغوريتسكا يجمعون 2 مليون يورو بمبادرة عنوانها «نركل كورونا»، إضافةً إلى نصف المبلغ جمعه النجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي وزوجته.​
تبرّع لاعبو كرة القدم في أوروبا بأكثر من 10 ملايين دولار حتى الآن لدعم القطاع الصحي


والأكيد أن ألمانيا لا تحتاج الآن إلى المساعدة بقدر ما تحتاج إليها إيطاليا، وهي أكثر البلدان التي سُجّلت فيها إصابات في أوروبا. لكن الصدمة التي أصابت الكل هناك وخصوصاً فرق الـ«سيري أ» التي تبيّن أن هناك لاعبين مصابين في صفوفها، لم تمنع نجومها من القيام بمبادرات لمساعدة المستشفيات والطواقم الطبية التي تحتاج إلى أجهزة التنفس وغيرها من المستلزمات الطبية بأعدادٍ ضخمة، فكان نجم نابولي لورنزو إينسينيي مبادراً بتقديمه 100 ألف يورو للنظام الصحي، بينما تبرّع رئيس يوفنتوس أندريا أنييلي مالك شركات «فيات»، «كرايسلر»، و«فيراري»، إضافةً إلى شركات أخرى، بـ10 ملايين يورو بين مبالغ مالية وأجهزة مساعدة. والخطوة الأخيرة كانت حاضرة أيضاً في مبادرة بطل العالم السابق للدراجات النارية فالنتينو روسي الذي قدّم 20 وحدة من أجهزة التنفس للمرضى.​
وفي وقتٍ شرع فيه نادي روما في إطلاق حملة لجمع التبرعات وقام بإرسال مستلزمات الوقاية بمختلف أنواعها إلى مستشفيات العاصمة، تحرّك النجوم الكبار مجدّداً وعلى رأسهم نجم ميلان السويدي زلاتان إبراهيموفيتش الذي فتح الباب لمساعدة الأطباء في المدينة الشمالية عبر تبرّعه بمبلغ 100 ألف يورو، هادفاً للوصول إلى المليون يورو، ومهدداً الوباء بشكلٍ طريف بقوله: «إذا لم يأتِ كورونا إلى زلاتان فإن زلاتان سيأتي إليه»، في إشارةٍ منه إلى الحملة التي يقوم بها للقضاء على الفيروس المستجد.​
أما نجم يوفنتوس البرتغالي كريستيانو رونالدو فقد وضع إمكاناته في تصرّف بلاده من خلال فتحه الباب أمام استخدام الفندق الذي يملكه في حال دعت الحاجة إلى استقبال المرضى. لكنه لم يكتفِ بهذه الخطوة بل إنه سيقوم بالتبرع ودعم خطوة مدير أعماله جورجي منديش الذي قام بتقديم تجهيزات إلى المستشفيات على نطاق واسع.​
واتسعت الرقعة طبعاً في إيطاليا مع إطلاق كل فرق الدرجة الأولى حملات لجمع التبرّع يتوقّع أن تصل مبالغها إلى الملايين التي قدّم مالك ميلان السابق ورئيس الوزراء السابق سليفيو برلسكوني 10 ملايين منها إلى لومبارديا الموبوءة، وذلك لتأمين 400 سرير لغرف العناية المركّزة، والتي لم تعد تحتمل أعداد المصابين.​
والمساحة الطبيّة المؤمّنة هي مشكلة فعلاً، وهو ما دفع نادي تشلسي الإنكليزي ومالكه الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش إلى تقديم الفندق الخاص بالنادي لمدة شهرين إلى العاملين في القطاع الطبي.​
المصيبة جمعت الكل وحوّلتهم إلى فريقٍ واحد بالفعل، فها هو «كورونا» يوحّد غريمَي مدينة مانشستر أي السيتي واليونايتد حول قضية وطنية واجتماعية فتقاسما 100 ألف جنيه استرليني لمدّ «بنك الغذاء» بالمساعدة لكي لا تكون الأزمة في مكان وتصبح في مكانٍ آخر مع ارتفاع عدد العاطلين عن العمل ومنسوب الفقر.