تقنية التحكيم بالفيديو (VAR) في الدوري الإنكليزي الممتاز باتت الشغل الشاغل للصحف والمواقع في إنكلترا، التي تكاد تخصّص زاوية لانتقاد استخدام هذه التقنية.
أسباب توجيه الانتقادات لتقنية التحكيم بالفيديو تتنوّع بين مَن لا تعجبه طريقة استخدامها، ومَن لا يريد التقنية في عالم كرة القدم.

فإذا نظرنا إلى تجربة تقنية التحكيم بالفيديو في الدوري الإنكليزي بموضوعية، ما هي إيجابياتها وسلبياتها؟

حسنات التحكيم بالفيديو
1. يجنّب الحكم اتخاذ قرار ظالم قانونياً، خاصةً ذلك الذي يغيّر مجرى المباراة، مثل أن يتسبب لاعب «ممثل» بطرد لاعب أو أن يفلت لاعب عنيف من العقاب على أرض الملعب.
2. يرفع من منسوب العدل التحكيمي، سواء على صعيد التسلل أم الأخطاء التي تلغي أهدافاً أو تمنحها.
3. يقلل من أعذار الحكّام عندما يتخذون قراراً خاطئاً، لتذهب الجملة الشهيرة، «الزاوية التي يقف فيها لم تسمح له برؤية الواقعة»، أدراج الرياح.

اقرأ أيضاً: حارس مرمى تصدّى لخمس ركلات جزاء
اقرأ أيضاً: دوري الأمم الأوروبية 2020: البطولة في موعدها.. نتائج القرعة وأبرز التصريحات

سيئات نظام التحكيم بالفيديو
عبارة «العدل التحكيمي» مثيرة للجدل طبعاً، لذلك سننطلق منها لنتحدّث عن سيئات التقنية التي دخلت إلى كل الملاعب الأوروبية:

1. تفرض «العدل التحكيمي»، الذي من شأنه أن «يظلم» كل اللعبة على صعيد الفرق، اللاعبين والجماهير. قانون التسلل واضح وعادل، إلا أن من كان يتصوّر أن تسللاً سيحتسب بفارق ميليمترات قليلة؟ أو أن يعيد الحكم اللقطة أكثر من ثلاث مرات وبالسرعة البطيئة (Slow motion) لكي يتخذ قرار منح ضربة جزاء؟ ماذا عن قدم الحارس عندما يسدّد اللاعب ضربة الجزاء؟ هل تجاوزت الخط بميليمتر واحد؟ النتيجة: هامش الخطأ يتقلّص. لكن ذلك ينسحب على «إنسانية» اللعبة.
2. تفسد المتعة، إذ يقرر الحكم أن يوقف سير المباراة في الأوقات الأكثر إثارة، ليستمع إلى قرار القيّمين على الـVAR أو يتّجه إلى الشاشة في بعض الدوريات الأوروبية. يستمر التوقّف حتى يتخذ الحكم قراراً «حاسماً». فكم من احتفال أجّلته قرارات الـVAR أو حتى ألغته بداعي تسلل «قانوني»؟
3. تضيّع وقت مباراة. ومن كان يتذمّر من «المحاضرات» التحذيرية الطويلة، التي كان يعطيها الحكّام الإنكليز للاعب عندما يرتكب لاعب خطأً، لن يكون مسروراً بالوقت الذي يضيع من فريقه في حال كان الخاسر. (أما في حال كان فريقه فائزاً فلن تكون هناك أي مشكلة!)

الخلاصة: الحكم على التحكيم
«المشكلة ليست بالـ VAR بل في طريقة اعتمادها»، صح؟ خطأ!
المشكلة هي أن المدرّبين، واللاعبين، والمحللين والجماهير يريدون استخدام التقنية بـ«مثالية». وهذا ما لن يحصل أبداً.
ما يزيد الطين بلّة هو أن الجميع يطالب بـ«مثالية» قائمة على «استنسابية» في اتخاذ القرارات، يريدون قراراً «لا يقتل روح اللعبة».
لنأخذ احتساب التسلل مثالاً، ولنضع «العواطف» جانباً، أليس قانوناً واضحاً؟سواء أكان التسلل بفارق ميليمتر أم سنتمتر أم متر، ما هو الفرق؟ هل هو أن حكم الراية لا يمكن أن يرى الحالة؟ لكن أليس هذا سبب اعتماد الـ VAR أصلاً؟ يمكن فتح نقاش طويل حول مدى «عدالة» القرارات، لكن لا يمكن لاثنين أن يتجادلا بشأن قانونيتها. بحكم قانون اللعبة: هو إما أن يكون تسللاً أو لا. ليس هناك حالة تحكيمية يطلق عليها: «تسلل، ولكن...».
عندما قرر القيّمون على كرة القدم إدخال التقنية إلى اللعبة، أرادوا بذلك أن يقللوا من هامش الخطأ ويعززوا العدالة التحكيمية المطلقة. إلا أن الحقيقة هي أن الخطأ هو جزء من اللعبة، ولكرة القدم عدالتها الخاصة بها، والتي قد لا تحتاج إلى VAR بقدر ما تحتاج إلى حكّام كفوئين ونزيهين، ونظام فعلي يحمي الفرق واللاعبين من الحكّام المنحازين أو الظالمين أو غير الكفوئين.
أما إذا كان لا بد من اعتماد الـ VAR، فعلى الجميع أن ينتظر سنوات، حتى يتم التوصّل إلى «صيغة عادلة». لكن أوَليست «العدالة» هي التي عقّدت الأمور في بادئ الأمر؟

تابع صفحة «الأخبار» - رياضة على فايسبوك