الدوحة | لم ينتهِ كل شيء بالنسبة إلى منتخب لبنان في مشوار التصفيات الآسيوية، إذ إن عدم حصوله على بطاقةٍ مؤهلة إلى الدور الثالث لتصفيات كأس العالم 2026، لا يعني أنه سيخوض مباراته الأخيرة أمام بنغلادش اليوم الثلاثاء، من دون أي هدف مهم.المواجهة التي ستقام عند الساعة السابعة مساءً بتوقيت بيروت على استاد خليفة الدولي في العاصمة القطرية الدوحة لها أهمية معيّنة، ستدفع منتخب لبنان إلى السعي نحو تحقيق الانتصار المطلوب.
النقطة الأولى في هذا الإطار تتمحور حول تسجيل نتيجة إيجابية في ختام مباريات «رجال الأرز» ضمن المجموعة التاسعة للتصفيات، وذلك بعد مرحلةٍ مضطربة شهدت انطلاق المشوار مع جهازٍ فني واستكماله مع آخر، فكانت النتيجة أمام بنغلادش ذهاباً (1 ـ 1) بمنزلة ضربةٍ موجعة أثقلت منتخبنا بالضغوط حتى لقائه الأخير مع فلسطين الذي انتهى بتعادلٍ سلبي ثانٍ مع «الفدائي»، ما منح الأخير بطاقة التأهل إلى الدور الثالث للمرة الأولى في تاريخه.
لذا، ينتظر الجمهور اللبناني فوزاً مقنعاً أمام بنغلادش، وهو انتصارٌ مطلوب من أجل الحاضر والمستقبل، ففي الشق الأول، يستطيع لاعبو لبنان استغلال الفرصة لتحقيق نتيجةٍ لافتة تعطيهم فوزاً ضرورياً قبل استكمال التصفيات الآسيوية من بوابة الملحق المؤهل إلى نهائيات البطولة القارية. أما في الشق الثاني، فالفوز الذي نتحدث عنه سيمنح لبنان المركز الثالث في المجموعة، وبالتالي سيضعه في التصنيف الأول عند سحب قرعة الملحق ليتفادى بالتالي مواجهة منتخباتٍ قوية قد تتواجد في هذا الملحق أيضاً، أمثال سوريا، الكويت، كوريا الشمالية، إندونيسيا، إضافةً إلى طاجيكستان، وغيرها...
انتصار مطلوب لأنه سيضع لبنان في التصنيف الأول عند سحب قرعة الملحق ليتفادى بالتالي مواجهة منتخباتٍ قوية


كذلك، لا بدّ من القول إنّ أي فوز في هذه المرحلة الصعبة سيؤسس للمرحلة المقبلة، إذ صحيح أن الخيبة كانت حاضرة بفعل عدم العبور إلى الدور الثالث للتصفيات المونديالية، ولكن الملحق سيكون مساحةً لبدء عملية بناء منتخبٍ جديد معزّز بوجوهٍ شابة وأخرى مغتربة لدمجها سويّاً وفقاً لنظام لعبٍ يساعد المنتخب على تحقيق الانتصارات مستقبلاً.
وهذه الفرصة ستكون متاحة أمام منتخباتٍ عادية المستوى، إذ بعد ضمان 18 منتخباً التأهل إلى البطولة القارية، سيتمّ توزيع 24 منتخباً على 6 مجموعات، على أن يتأهل بعدها أصحاب الصدارة في هذه المجموعات إلى نهائيات كأس آسيا 2027.

اعتزال معتوق
ولا يمكن إغفال أن السبب الثالث والمهم للفوز هو تكريم قائد المنتخب وهدافه التاريخي حسن معتوق (122 مباراة دولية و23 هدفاً)، في مباراته الأخيرة بألوان لبنان، وذلك عبر جعل هذه المناسبة سارّة رغم الغصّة بانتهاء مشوار ابن الـ 36 عاماً على الساحة الدولية.
معتوق الذي سجّل قبل سنة هدفه الـ22 أمام بنغلادش في بطولة اتحاد جنوب آسيا، لديه دور مهم في هذه المباراة، إذ إن المنتخب البنغالي لا يتمتع بوجود نوعية لاعبين مهاريين، بل إن جلّ اعتماده هو على التكتل الدفاعي والانطلاق في الهجمات المرتدة مستنداً إلى سرعة عدد من لاعبيه، ما يجعل الحاجة واضحة إلى مهارات الرقم 7 لخلق فوضى في دفاع الخصم، وفتح الطريق أمام تسجيل الأهداف التي غابت في المباريات الثلاث الماضية.

(طلال سلمان)

وتحدّث معتوق إلى «الأخبار» عن هذه المناسبة غير العادية، قائلاً: «لقد سمعت من لاعبين سابقين أنه عندما يحين وقت الاعتزال ستشعر به وتتخذ القرار من دون تردد». وأضاف: «لقد حانت اللحظة بعد سنواتٍ عدة من التضحية من أجل المنتخب الذي كنت فخوراً بتمثيله، وقد يكون أفضل شيءٍ حدث لي في مسيرتي».
كما كشف: «طبعاً سأستمر في الملاعب حيث لا زلت أشعر بأنني أرغب في اللعب والاستمتاع بالكرة، لكن لا أسقط فكرة تواجدي يوماً ما مع المنتخب بعد اعتزالي عبر دورٍ مختلف».
لا شك في أن فراغاً كبيراً سيتركه «أبو علي» مع تركه للمنتخب اللبناني. فراغٌ فني على اعتبار أنه من الصعب إيجاد خليفة له يتمتع بمستواه، إضافةً إلى فراغٍ قيادي كونه من العناصر التي اعتُبرت مثالاً للاعب الخلوق والمحترم، ما يترك تأثيراً على المجموعة المتواجدة حوله.
إذاً يترك حسن معتوق المنتخب بعد 18 عاماً من التألق والنجومية، منهياً مسيرة دولية مثالية، كان خلالها أفضل سفيرٍ للبنان ولكرته، ووجهاً معروفاً في كل أنحاء القارة الأكبر، واسماً مرادفاً لمنتخبنا الذي قد ينتظر سنوات طويلة من أجل إيجاد جوهرة مثله.