أعلن نادي البرج، أمس الثلاثاء، توقيع عقدٍ مع اللاعب محمد الحايك. واحدةٌ من مجموعة صفقات أبرمها النادي تحضيراً للموسم المقبل، لكنّ هذه الصفقة تحديداً، حازت على اهتمامٍ جماهيريّ وإعلاميّ، نظراً إلى الطريقة التي تمّت بها.
نحن في عام 2023. الحديث عن قضيّة لاعب منتخبٍ أوّل، كان يرتبط بعقدٍ أبديّ مع ناديه القادر على التحكّم بمصيره؛ البقاء في النادي، بغضّ النظر عمّا إذا كان له دورٌ فيه أم لا، أو الانتقال إلى نادٍ آخر، أو المكوث في البيت، أو دفعه إلى اعتزال اللعب. ذلك يحصل، وفقاً للعقود الأبديّة التي يوقّعها اللاعبون مع أنديتهم في الاتحاد اللبناني لكرة القدم، الذي لم يعمل حتّى اليوم على تحرير اللاعبين بشكلٍ كليّ. قضية محمد الحايك لا تخصّ نادي العهد الذي كان يلعب له، بل ثمّة مثلها في معظم الأندية، إن لم يكن في كل الأندية بمختلف الدرجات التي تشارك فرقها فيها. بعض هذه القضايا دفعت لاعبين إلى الاعتزال في سنٍّ مبكرة، وبعضها الآخر سمحت للأندية بأخذ اللاعبين «رهينة»، إلى يومنا هذا.

القضيّة بدأت مع انتقال اللاعب محمد الحايك إلى نادي التضامن صور في الموسم الماضي، قادماً من العهد. الصفقة تمّت بعدما أعطى العهد «استغناء» اللاعب إلى التضامن، كون أن النادي لم يكن قادراً على إعارته، لأنه استنزف عدد الإعارات القانونيّ المسموح به. هكذا، ينتقل اللاعب إلى النادي الجديد، ليلعب معه موسماً واحداً، قبل أن يُسلِّم النادي الجديد الاستغناء إلى النادي الأم، ليعود اللاعب من حيث جاء ويُسجَّل مجدداً على كشوفاته في اتحاد الكرة. انتهى الموسم، وحصل الحايك على استغنائه من التضامن صور. هكذا، أصبح مشطوباً عن كشوفات الناديين، ومن المفترض، وفقاً للاتفاق، أن يعود إلى العهد ليُسجّله مجدداً على كشوفاته، لكن ما حصل هو أن اللاعب رفض أن يعود دون توقيع عقدٍ احترافيّ. وبحسب المعلومات، فإن الحايك لم يكن يمانع أن يلعب للعهد مجدداً، شرط تقديم عقدٍ له بقيمة ماليّة محدّدة، وهو ما رفضته الإدارة، التي فضّلت عدم التعليق على القضيّة بالاتصال مع «الأخبار». فوراً، انتشرت قضيّة اللاعب على وسائل التواصل الاجتماعي. في الحالة الطبيعية، يُمكن للحايك أن ينتقل إلى أي نادٍ يشاء، طالما أن استغناءه بين يديه، كلاعبٍ سبق أن وقّع عقداً احترافياً وانتهت مدّته. لكن وفق المعلومات، باشرت إدارة العهد الاتصال بإدارات الأندية الأخرى، متمنية عدم توقيع عقدٍ مع الحايك، وهو أمرٌ حصل بالفعل مع إدارة البرج، إذ اتصل رئيس العهد تميم سليمان، برئيس البرج فادي ناصر، لإبلاغه عدم التوقيع مع اللاعب. يحصل ذلك، وفق اتفاقٍ مُبرمٍ بين الأندية في لبنان، يُدعى «gentlemen agreement» أو «ميثاق شرف»، يكون اللاعب ضحيّته الأولى. هكذا، تمنّع عدد من الأندية التواصل مع الحايك، على الرغم من رغبتها التعاقد معه، قبل أن يتم الاتفاق بينه وبين البرج.

يقول رئيس البرج فادي ناصر في اتصالٍ مع «الأخبار» إنه لا يعرف شيئاً عن ما يُسمّى «gentlemen agreement»، وأن إدارته لم تقم بأي عملٍ غير قانوني. «لا أعلم متى حصل هذا الاتفاق بين الأندية، لكنه لم يكن على أيامي. شخصياً لم أعرف بقضيّة الحايك سوى بعد إصابة لاعب فريقنا يوسف عنبر (قطع بالرباط الصليبي)، الأمر الذي دعانا إلى البحث عن لاعبٍ في مركزه». الهدف الأوّل لدى البرج، كان ظهير العهد حسين دقيق، وهو الذي شارك مع الفريق في البطولة العربيّة. «طلبنا التعاقد مع دقيق، لكنّ العهد طلب مبلغاً خيالياً ولم يتم الاتفاق بيننا. لاحقاً حصل تواصل بين الحايك وأحد اللاعبين في فريقنا، وبحسب معرفتي، فإن اللاعب طلب من العهد توقيع عقدٍ احترافيّ، تصل مدته إلى 5 سنوات، لكن العهد لم يوافق. توقيعنا العقد مع الحايك قانونيّ وليس سرقة، ونحن رفعنا الظلم عنه»، يشرح ناصر، الذي يضيف بأنه مستعد لـ«تخزيق» العقد مع اللاعب، في حال قدّم العهد عقداً له.

يعتذر الحايك عن التعليق على الموضوع، لكنّ ناصر يقول: «ضميري مرتاح»، معتبراً أن مثل هذه القضية تُعد ظلماً بحق اللاعب، ويُعطي مثَلاً عن لاعبٍ سابقٍ في ناديه، يُدعى محمد صفوان، لعب في الفئات العمرية وكان مُسجّلاً على كشوفات النادي في الاتحاد اللبناني، لكنه عبّر للإدارة عن «عدم ارتياحه»، فأعطاه الرئيس الاستغناء، لينضم لاحقاً إلى النجمة، كما يؤكّد أن أحداً لا يُمكنه الضغط عليه، في سؤاله عن إذا ما كان هناك ضغط من خارج نادي العهد لعدم التوقيع مع اللاعب.

الحقيقة، أن الـ«Gentlemen agreement» لم يبدأ في لبنان، ولم ينتهِ أساساً، لكنْ هنا، له شكلٌ آخر، أكثر عبوديّة. هذا الاتفاق، يمكن أن ينشأ بين النادي واللاعب أيضاً، ليس بين الأندية حصراً، على ظهور اللاعبين. ما فعله محمد الحايك قد يكون شخصياً، هدفه الأساسيّ أن يحصل على أبسط حقوقه: عقد. لكنّ خطوته هذه، تفتح الباب أمام لاعبين آخرين لـ«التمرّد» على أنديتهم التي ترفض تحريرهم، أو، قد تُغلق باباً فُتح لهم، في حال وجدت هذه الأندية سبيلاً جديداً للتحكّم بمصير اللاعبين، تحت غطاءٍ اتحاديّ.