الدوري عرف إيجابية تمثّلت باستعادة العنصر الأجنبي ومن ثم الجمهور ولو بأعدادٍ محددة، لكنّ العديد من السلبيات ضربته، منها توقفه بسبب ارتباطات المنتخب، ومنها بسبب المشكلات التي وصلت إلى المحاكم، ومن ثم وصلت الأمور إلى عدم إمكانية تتويج العهد باللقب بعدما جاءت الاستعدادات للانتخابات النيابية لتوجّه صفعةً إلى الاحتفالات التي كان يُنتظر أن يطلقها الفريق البطل في ملعب صيدا البلدي بحضور مشجّعيه. لكن بفعل قرار إبعاد الجمهور عن الملاعب لأسبابٍ أمنية سيؤجل تسليم الكأس إلى الرابعة بعد الظهر من يوم السبت في حفلٍ يقيمه العهد على ملعبه في الأوزاعي.
بطبيعة الحال، لا حديث عن مباريات العهد مع البرج (ملعب صيدا)، أو الأنصار مع شباب البرج (ملعب العهد)، أو شباب الساحل مع التضامن صور (ملعب صور)، إذ إن صورة سداسية الأوائل لن تقدّم أو تؤخر، تماماً كما هو حال مباراة طرابلس والنجمة (ملعب طرابلس) في سداسية الأواخر، بل إن كل الأنظار ستتركز على نتيجة مباراتين محددتين في هذه السداسية، تجمع الأولى بين الإخاء الأهلي عاليه وسبورتينغ، والثانية بين الحكمة والصفاء.
من سيهبط إلى الثانية؟
سبورتينغ كان قد عاد إلى حيث أتى قبل أسابيع ملتصقاً بالمركز الأخير، لتدور «البطاقة السوداء» الثانية في محور ثلاثة فرق هي الحكمة، الإخاء والصفاء.
هذه الفرق خاضت سباقاً مريراً في الأسابيع القريبة الماضية للهروب من قاع الترتيب، فقلبت الطاولة في أكثر من مرّة على المصير الصعب بتحقيق كل واحدٍ منها انتصارات مهمة، وضعت الحكمة أمام هذين الأخيرين بفارق نقطتين.
وبما أن كل الترشيحات تصبّ في مصلحة الفريق الجبلي لتخطي سبورتينغ اليوم، يتوقّع كثيرون أن يكون النزال المرير هو الأخير بين أبناء الأشرفية ونظرائهم القادمين من وطى المصيطبة، حيث التعادل يكفي الأخضر، بينما يحتاج الأصفر إلى الفوز ولا شيء سواه.
مواجهةٌ صعبة لكنها باتت حديث الجميع حتى إنها كسرت التقليد المتّبع تلفزيونياً بنقل المباراة الأخيرة في الموسم للفريق المتوّج باللقب، إذ سيخرج النقل المباشر على الهواء من ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونيه، حيث سيضع الحكماويون كل ما يملكونه من أجل الحفاظ على نظافة شباكهم، وبالتالي عدم العودة إلى الدرجة الثانية. هم بدوا في أمان قبل أسابيع قليلة بسلسلة انتصارات طويلة قبل أن يتعثّروا أخيراً بتعادلٍ مع طرابلس وبخسارةٍ مع النجمة.
90 دقيقة بين بحمدون وجونيه ستكون مليئة بالكثير من التوتر والشدّ والدموع في نهايتها
طبعاً يستحق الحكمة البقاء بالنظر إلى الكفاح الكبير الذي أظهره للبقاء بعد عودته إلى دوري الأضواء، وبعدما قدّم إلى الكرة اللبنانية وجهاً أجنبياً مميّزاً هو السنغالي بوكونتا سار الذي تمكّن من تسجيل الأهداف من أنصاف الفرص.
سار أعاد إلى الأذهان صُور الأجانب المميّزين الذين قدّمهم الحكمة طوال تاريخه الذي يعود إلى أيام الاستقلال كونه تأسّس في عام 1945. وتاريخه الكبير يعرفه رجاله الذين يستبسلون في سبيل قميصه.
لكن أيضاً يستحق الصفاء البقاء ويتمنى كثيرون هذا الأمر انطلاقاً من عراقته كما هو حال خصمه، فهذا النادي غريب عن الدرجة الثانية، إذ منذ تأسيسه في عام 1948 ارتقى إلى مستوى التحديات ليصل إلى أعلى مستوى من المنافسة على الألقاب حتى تُوّج بثلاث بطولات في الدوري (مواسم 2011-2012، 2012-2013، و2015-2016)، ولقب في كأس لبنان (موسم 2012-2013)، وآخر في الكأس السوبر (2013)، إضافةً إلى لقبين في كأس النخبة (2009 و2012).
يستحقها الصفاء أيضاً لاعتبارات عدة منها ما عاناه منذ انطلاق الموسم وقبله في ظل ضعف الإمكانات المادية وتالياً الفنية ووسط تغيّر أسماء المدربين، حتى وصلت الراية إلى يدَي نجم الأنصار السابق مالك حسون الذي حسّن من وضع الفريق بلا شك انطلاقاً من إعادة الروح القتالية إليه، ليعزّز بالتالي حظوظه في البقاء بين أقرانه الذين اعتادوا على الاحتفاظ بكراسيهم في دوري الكبار.
أسئلةٌ كثيرة يُمكن أن تُطرح قبل «مواجهَتي البقاء»، أوّلها هل سيفجّر سبورتينغ مفاجأة ويُنقذ العريقين الحكمة والصفاء، أم «سيصفّي» أحدهما الآخر وتفتقده البطولة في الموسم المقبل؟ الإجابة تحتاج إلى 90 دقيقة ستكون مليئة بين بحمدون وجونيه بالكثير من التوتر والشدّ والدموع في نهايتها.