بين عامَي 2007 و2021 مشوار طويلٌ مشاه الأنصار في طريق كرة القدم اللبنانية. مشوار شائك وشاقّ لإحراز اللقب الذي رفعه عام 2007 للمرة الثالثة عشرة والأخيرة، قبل أن ينتقل إلى صفوف المتفرجين. شاهد العهد وهو يحرز اللقب لسبع مرات، والصفاء ثلاث مرات والنجمة مرتين. جلس يتفرّج على أخصامه ومنافسيه وهم يحتفلون بالألقاب ويصعدون إلى منصات التتويج. جلس الأنصار مع جمهوره يتحرّقون للحظة التي يرفعون فيها كأس البطولة المحلية الأغلى. جاء نبيل بدر رئيساً قبل سنوات طويلة صارفاً ملايين الدولارات لإحراز اللقب، لكنه لم ينجح، حتى جاء عام 2021. حقّق الأنصار وجمهوره ورئيسه وإدارته وجهازه الفني ولاعبوه لقب بطولة لبنان. لم يخطف الأنصار لقب بطولة لبنان من أي منافس عادي. ولم يخطف رئيسه نبيل بدر اللقب من أي رئيس عادي. خطف الأنصار اللقب من النجمة وفاز عليه في المباراة الفاصلة. خطف بدر اللقب من رئيس نادي النجمة أسعد صقال. خطفه من منافسه الرئيسي على جميع الصعد: رياضياً، سياسياً، نقاطاً لدى المرجعية السياسية، وحتى إعلامياً. خطف الأنصار وبدر الأضواء أمس من النجماويين، فتحوّل الانتصار إلى انتصارات على عدة مستويات. فبمجرّد فوز الأنصار على النجمة في أي مناسبة «قصّة»، فكيف الحال إذا كان الفوز يعني إحراز اللقب. حينها يصبح ما حدث «قصّة كبيرة». بل أكثر من ذلك بكثير. تاريخٌ في تاريخ، وقصة كتبها الأنصاريون بأحرف من عذاب وجهد وعمل شاقّ قبل أن يصعدوا إلى منصة التتويج.
النجمة يكسب الاحترام
بطلٌ غير متوّج. عبارة تُستخدم غالباً لتوصيف فريق لم يحرز اللقب لكنه كان على مستوى المنافسة. صحيحٌ أنها عبارة معنوية. فالتاريخ والسجلات لا تذكر الأبطال غير المتوّجين، لكنها عبارة تفي صاحبها حقّه معنوياً. تنطبق عبارة «بطل غير متوّج» على فريق النجمة هذا الموسم. قدّم «النبيذي» موسماً استثنائياً، وكان قريباً جداً من منصة التتويج. أزاحه الأنصار في الأمتار الأخيرة وصعد مكانه. لكن هذا لا يمكن أن يمحو ما قدّمه النجماويون طوال موسم كامل. عاد «الحرس القديم» إلى النجمة. من المدرب موسى حجيج إلى القائد عباس عطوي مروراً بخالد تكه جي وانتهاء بمحمد غدار. توليفة نجماوية تجمع بين عناصر الخبرة والشباب. «خلطة» أعطت مفعولها طوال الموسم حتى المباراة الأخيرة. بدا أن الاعتماد على اللاعبين المتقدّمين في السن الذين يتمتعون بخبرة كبيرة هو سيف ذو حدّين. استفاد الفريق من خبرتهم في مباريات عديدة، لكن حين احتاج إليهم في المباراة الأهم لم يجدهم. غابوا بسبب الإصابة، فـ«العمر له حق». هذا لا يقلل من مجهود باقي اللاعبين، لكن في النهاية لم يحرز النجمة اللقب وخاب أمل جمهوره وهو يشاهد فريقه وصيفاً وخاسراً. وصيفٌ خلف نادٍ، وخاسرٌ منه. ليس خلف أيّ ناد أو خاسراً من أي فريق. هو خلف الأنصار. خلف الغريم التقليدي والخصم التاريخي. واقع يضاعف حجم المرارة لدى النجماويين مهما تعددت عبارات المواساة. مرارة ظهرت أمس على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل الصمت المطبق الذي لفّ أوساط النجماويين. لكنها ليست نهاية المشوار. فإذا كان النجمة قد خسر اللقب فهو كسب احترام الجميع على الصعيد الفني، ولاعبين واعدين يبشرون بمستقبل كبير لفريق ليس صعباً عليه أن يحرز «التاسعة» ويعتلي منصة التتويج في أقرب فرصة.
يمكن اعتبار النجمة بطلاً غير متوّج بعد الموسم الكبير الذي قدّمه لاعبوه حتى لو لم يحرزوا اللقب


مستوى ضعيف
مباراة النجمة والأنصار على ملعب جونيه البلدي كانت عرساً كروياً في كلّ شيء، إلا فنياً. لم ترتقِ المباراة إلى مستوى نهائي دوري. أمرٌ قد يكون مبرراً في ظل الضغط العصبي الكبير على اللاعبين. أي خطأ قد يكون «قاتلاً». انتهت المباراة بفوز الأنصار (2-1) على النجمة. قد يكون سيناريو المباراة من الأمور الشيقة فيه. فأن يتقدّم النجمة بهدف رائع لحسين عواضة بعد ثلاث دقائق على بداية المباراة ويصبح اللقب نجماوياً حتى تلك الحظة، أمرٌ أكثر من مفاجئ. هو أمرٌ صاعق. صدمة نجح الأنصاريون في تخطيها واستيعابها، سواء عبر التبديل الموفّق للمدرب الألماني روبرت ياسبرت بإشراك كريم درويش بدلاً من يوسف عنبر وإرجاع نصار نصار أحد نجوم المباراة إلى مكانه الرئيسي كظهير أيمن، أو من خلال تراجع النجماويين غير المبرر. نجح الأنصار في إنهاء الشوط الأول متعادلاً بعد هدف جميل من أحمد حجازي المتألّق، الذي استغل خطأ القائد علي حمام بتغطية التسلل. التقط الأنصاريون أنفاسهم وعاد اللقب إلى جعبتهم. فواقع الترتيب يشير إلى أن الأنصار يكفيه التعادل للفوز باللقب، في حين أن النجمة يحتاج إلى الفوز.
في الشوط الثاني، واصل المستوى الفني تراجعه مع ازدياد الضغط العصبي. لم تنجح تبديلات مدرب النجمة موسى حجيج في تغيير واقع الفريق، حافظ الأنصار على النتيجة متعادلة حتى ضرب البديل أنس أبو صالح ضربته وسجّل الهدف الثاني برأسية يعجز أي حارس عن صدّها. عزّز الأنصار حظوظه باللقب، واضعاً النجمة في وضع حرج مع حاجته إلى هدفين كي يفوز باللقب.
أمرٌ لم يكن صعباً لولا وجود الحارس نزيه أسعد. لعب الأخير دور البطل وتألّق في صدّه لعدد من الكرات، أبرزها كرة لخالد تكه جي ورأسية لمحمود سبليني. لم يسمح أسعد للنجماويين بالاقتراب من عملية «قلب طاولة» فتصدّى للكرات حتى انتهت المباراة بفوز للأنصار سيبقى التاريخ يذكره إلى الأبد.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا