يعدّ أنطوان شارتييه من الأسماء العريقة في الرياضة اللبنانية، فتجربته تعود الى عشرات السنين، وخصوصاً على الصعيد الإداري، ما أوصله الى رئاسة اللجنة الأولمبية حالياً. وهذا ما يثير الاستغراب حين تعلم أن الاتحاد الذي يرأسه يعاني مشاكل ومعارضات، أما الأغرب، فهو الهمس عن وجود مخالفات وأندية وهمية... وغموض مالي.وقد يكون من الطبيعي أن تحصل خلافات داخل البيت الواحد، لكن أن تصل الأمور الى انفراط عقد الاتحاد والتشكيك في نزاهة رئيسه، فهذا أمر يستوجب التوقف عنده.
القصة بدأت في 12 شباط الماضي حين استقال رئيس اتحاد الرقص الرياضي مع عدد من الأعضاء هم أمين الصندوق خاجيك طوركوميان (خانيتو) وأمين السر حبيب عطا الله (نادي NAMELESS) وغالينا هيدوس (نادي النورس). وجاءت استقالة شارتييه بعد الضغط عليه وتهديده باستقالة أعضاء أكثر، وهو ما دفع شارتييه الى الاستقالة رفضاً للابتزاز، وفاتحاً المعركة على مصراعيها، التي بدأت بوادرها بعد الجمعية العمومية التي عُقدت في 27 كانون الأول 2010، حيث «كسرت الجرة» بين الأعضاء وصولاً الى فرط الاتحاد والتوجه الى انتخابات جديدة حددتها الوزارة في 26 الجاري.

تغيّرات في المعارضة

وقد تبدلت الأمور، حيث تراجع خاجيك عن معارضته وانتقلت حدموس الى منطقة الوسط ليبقى نادي (NAMELESS) وحيداً مع رئيسه بيار ديب (ترأس الاتحاد من 2000 حين تأسس حتى عام 2003) وزميله حبيب عطا الله.
لكن ما هي الملاحظات المسجّلة على أداء شارتييه منذ وصوله الى رئاسة الاتحاد عام 2005، ولماذا جاء التحرك بعد 5 أعوام؟
يلخّص الثنائي ديب ـــــ عطا الله المشكلة في ثلاث نقاط رئيسية. أولاً وجود 5 أندية وهمية من أصل 12 نادياً يضمها الاتحاد (11 يحق لها التصويت وSTAR DANCE لا يحق له). وهذه الأندية الوهمية هي بودا، ديكاتلون، ليدرز، سبرينغ هيل والقلب الأقدس. ويرى ديب أن هذه الأندية لا يحق لها التصويت انطلاقاً من مادة في النظام الداخلي للاتحاد، تمنع الأندية غير المشاركة في بطولة لبنان من المشاركة في الانتخابات.
أما النقطة الثانية، فهي الغموض الذي يلف عمل الاتحاد على الصعيد المالي، إن من ناحية غياب العقود مع الرعاة، أو من ناحية عدم وضوح كيفية صرف الموازنة والأموال الاتحادية.
أما النقطة الثالثة، فهي الأموال الموجودة في ذمة الاتحاد، التي هي دين لنادي NAMELESS، والبالغة قيمتها 4800 دولار، كما يقول ديب وعطا الله.
ولا تتوقف ملاحظات ديب عند ما ذكر، إذ يتطرق الى الكيدية التي يتعرض لها نادي NAMELESS من جانب شارتييه إن على صعيد المشاركات الخارجية، أو عدم الاهتمام بنتائج لاعبيه إعلامياً، وخصوصاً نجله جان بيار ديب في مشاركته الخارجية في فرنسا، إضافةً الى أن لاعبي المون لاسال «بسمنة ولاعبي ناديه بزيت». فشارتييه يشرف شخصياً على مونتاج البطولات التي تعرض على شاشة الـ OTV ليبرز لاعبيه كما يقول ديب، الى جانب عدم دفع المبلغ المالي المستحق لناديه (4800 دولار) من جانب الاتحاد، الذي يعود إلى سنوات مضت.
رد شارتييه بالوثائق
من هذه النقطة الأخيرة ينطلق رئيس الاتحاد أنطوان شارتييه حين تسأله عن أسباب المشكلة في اتحاده قائلاً «كل المشكلة تكمن في أن ديب يضغط للحصول على الأموال، وهو أبلغنا أنه سيتوقف عن معارضته حين يحصل على المال».

ممتاز، لماذا لا تعطونه ماله؟

يجيب شارتييه «لأن مطالبته بمبلغ الـ 4800 دولار كدين له غير شرعية، إذ ليس هناك أي مستند صادر عن الجمعية العمومية للاتحاد يظهر أن له أموالاً أو ديوناً. والمبلغ الذي يتحدث عنه يعود الى التسعينيات، وحينها لم يكن الاتحاد قد أنشئ بعد وبالتالي لا يمكن إلزامه بهذه الديون. وهذه المسألة طُرحت مراراً على الجمعية العمومية، وعلى أشخاص كانوا حاضرين منذ تأسيس الاتحاد، ولم يتذكر أحد مثل هذا المبلغ، وخصوصاً أن الدين مذكور في محضر لجنة إدارية في 2001/6/16، ولم يُعرض على الجمعية العمومية عام 2001 كي يجري تثبيته، كما أن البيان المالي لهذه الجمعية في أيلول 2001 لم يتضمن أيّ ذكر للدين المدوّر، إضافة الى أن الجمعية العمومية برئاسة كارلا الزغبي وأمينة السر نايفة صفير رفضت اعتماد الدين، وخصوصاً أن إدراجه في ديون الاتحاد غير قانوني لكونه حاصلاً قبل تأسيس الاتحاد، كما أن كل ما يملكه ديب هو قرار إداري في عام 2003 لا محضر رسميّ من جمعية عمومية في عام 2003، وفي البيان المالي لعام 2004، و2005 وصولاً الى عام 2010 ودون اعتراض من ديب».
واللافت أن البيانات المالية منذ عام 2005 كانت مفصلة وشفافة وتتضمن جميع الأموال حتى المقدمة كهبة من شارتييه.
وينتقل شارتييه الى النقطة الثانية وهي الأندية الوهمية التي لا تملك لاعبين، ليؤكد أنه يقدم بعض اللاعبين إلى الأندية كي يحصلوا على فرصتهم باللعب، متحدياً إثبات أن أي لاعب شارك في الموسم نفسه باسم ناديين، كما أن أمين السر حبيب عطا الله يجب أن يؤدّي دوره حينها ويوقف اللاعب.

وهمية أو غير وهمية؟

وتبدو الأندية الوهمية مبهمة في القضية، إذ إن محضر الدعوة الى الجمعية العمومية (4314/د بتاريخ 2010/12/6) في شهر كانون الأول الماضي والموقّع من عطا الله نفسه يتضمن أسماء جميع أندية الاتحاد، على اعتبار أنها شاركت في بعض بطولات الاتحاد. وهذه هي إحدى الوثائق التي ارتكزت عليها الوزارة في الدعوة الى الانتخابات وتسمية الأندية التي يحق لها التصويت، كما ارتكزت الوزارة الى الكتابين الواردين من 8 أندية تدعوها فيه إلى تحديد موعد للانتخابات (838/د) وكتاب يؤكد فيه الروزنامة السنوية للاتحاد والموقع أيضاً من عطا الله (839/د). وجرى استثناء نادي الليدرز لعدم مشاركته في بطولات الاتحاد لعام 2010 وفقدان مقره، وكذلك نادي النورس لحين تسوية أوضاعه الإدارية.
وارتكزت الوزارة أيضاً على النظام الداخلي للاتحاد المصدّق عليه في 13/1/2010، الذي يحدد أنواع البطولات التي ينظمها الاتحاد، وإجبارية المشاركة في هذه البطولات، وخصوصاً بالنسبة إلى الترفيع، بالتالي يحق للأندية المشاركة في التصويت طالما أنها شاركت في بطولات الاتحاد. ورغم وجود عدد من المواد التي تُشرّع مشاركة الأندية المُعترض عليها، لا يلغي هذا مادة أخرى وحيدة تفرض مشاركة الأندية في بطولة لبنان تحديداً كي يحق لها المشاركة في الجمعية العمومية، وبالتالي الانتخابات.
هذه الانتخابات التي اضطرت الوزارة إلى الدعوة اليها بعدما انتهت المهلة المسموحة للاتحاد خلالها بالدعوة اليها، لكن لماذا لم يدعُ الاتحاد إليها؟
أمين السر حبيب عطا الله يفيد أن شارتييه لم يحدّد الموعد، وهو أمر ينفيه شارتييه، ليبرز مراسلات تفيد بدعوة عطا الله إلى الاجتماع لتحديد موعد، وهو ما حصل وجرى اقتراح يوم 9 آذار من جانب عطا الله، الذي أعدّ كتاباً، كان لشارتييه بعض الملاحظات عليه، فطلب منه الاجتماع لتعديل بعض الأمور لكن الاجتماع لم يُعقد.

الإدارة المالية

أما الجانب المالي وكيفية التعاطي معه من جانب شارتييه فيظهر فيه رئيس الاتحاد بصورة «الرجل القوي والواثق بما يقوم به». فكل شيء موثّق ومذكور في البيانات المالية. وقد يسجل على شارتييه أنه لم يُوقّع عقوداً مع الشركات التي ترعى بطولات الاتحاد، والتي يرى شارتييه أنه يتفق معها بالكلمة ولا وجود لأموال نقدية بل تقديمات عينية كالميداليات والكؤوس والثياب وغيرها.
وهذا ما يؤكده رافي ممجوغليان (صاحب محلات رافي سبور)، في اتصال مع «الأخبار»، كاشفاً أنه قدّم ميداليات الى اتحاد الرقص بعد طلب من شارتييه «الشخص الآدمي والمعروف، ولم يكن هناك أموال نقدية دُفعت للاتحاد» كما يقول رافي.
وغياب العقود قد يعدّه البعض خطأ ولو بحسن نية، إذ إنّ العمل الاتحادي يتطلب أوراقاً رسمية، وهو أمر قد يقوم به شارتييه.
أما من ناحية المصاريف وإدارة الأموال الاتحادية، وخصوصاً المساعدة من وزارة الشباب والرياضة (30 مليون ليرة في مطلع عام 2009)، إضافة الى مداخيل البطولات، فيظهر شارتييه جميع المصاريف، التي هي بمعظمها لإعداد المنتخب، من مدرب أجنبي (7 آلاف دولار) ومشاركات اللاعبين واللاعبات الخارجية، وجميعها مذكورة في البيان المالي السنوي الموجود في المجلد الضخم الذي يصدره الاتحاد سنوياً، والمتضمن جميع أمور الاتحاد، وهو أمر لافت ونادر في الرياضة اللبنانية.
أما بالنسبة إلى الكيدية، فهذا أمر يثير السخرية لدى شارتييه، الذي ينطلق من مشاركة نجل ديب في دورة خارجية، يعدّها رئيس الاتحاد غير رسمية «وليست بطولة عالمية كما يشيع والده»، فيما إشرافه على المونتاج التلفزيوني هدفه ضبط الموسيقى على إيقاع الرقصات بطريقة صحيحة كي لا يحصل تضارب بين الموسيقى وأداء الراقصين.



الوزارة

بعد تعقّد الأمور في اتحاد الرقص الرياضي كان لا بد للمدير العام للوزارة زيد خيامي من التدخل، فهو عيّن موعد الانتخابات، بعد اجتماع مع رئيس نادي NAMELESS بيار ديب، الذي تفيد المعلومات أنه سيتوجه الى القضاء إذا لم يحصل على حقّه، أما في حال خسارته، فهو سيعقد مؤتمراً صحافياً سيكون «جرصة» كما قال. وتفيد مصادر في الوزارة أن تحرّكها سيكون بعد الانتخابات عبر تعديل النظام الداخلي لتسوية وضع المواد المتضاربة، إضافةً الى إجراء مسح لأندية اتحاد الرقص للوقوف على حقيقة تلك الأندية وشطب غير الفاعلة منها، أو التي لا تملك قاعات للرقص.
وترى تلك المصادر أن تحرّك البعض ينطلق من مصالح شخصية «فطالما كان هناك مخالفات وتجاوزات وأندية وهمية، لماذا جرى السكوت عليها طوال 4 سنوات، ولماذا أصبحت بعض الأندية غير شرعية فيما كانت شرعية قبل شهر من خلال دعوتها الى الجمعية العمومية؟».