كان يمكن أن تكون مباراة ريال بيتيس وضيفه أتلتيكو مدريد، الليلة (الساعة 22,30 بتوقيت بيروت)، عادية، لو لم يكن ثمة لاعب في ميدانها هو حالياً غير كل اللاعبين. لاعب بات حديث الكرة الأرضية من أقصاها إلى أقصاها. لاعب بات متعة كرة القدم وفاكهتها. لاعب بات «بعبعاً» لكل حراس المرمى في العالم، حتى أشهرهم. يكفي أن تسألوا التشيكي العملاق بيتر تشيك حارس تشلسي عنه بعد ان تلقى ثلاثية «هاتريك» في شباكه من قدمي هذا اللاعب في كأس السوبر الاوروبية، يوم الجمعة الماضي.
لاعب لا يتقن إلا لغة الأهداف ولا يعرف طريقاً إلا الى الشباك. لاعب أنسى جماهير ملعب «فيسنتي كالديرون» مهاجمين أفذاذاً مروا عليه على غرار الأرجنتيني سيرجيو أغويرو والاوروغوياني دييغو فورلان و«ابن البلد» فرناندو توريس... إنه الكولومبي راداميل فالكاو غارسيا.
لا يمكن تخيل ما يفعله هذا النجم الكولومبي منذ انطلاق الموسم الحالي، إذ بعد ثلاثية أولى في مرمى اتلتيك بلباو في الدوري الإسباني، الاثنين الماضي، فإنه أتبعها بثلاثية ثانية بعد أربعة أيام في مرمى تشلسي، بطل أوروبا، مانحاً فريقه لقب كأس السوبر الأوروبي بعد أن كان السبب الرئيسي في منحه لقب «يوروبا ليغ» بثنائية رائعة في مرمى بلباو أيضاً.
إنه «إل تيغري» أو «النمر»، كما يلقب، الذي يمضي في افتراس منافسيه. ما يميز فالكاو أنه مهاجم من الصعب أن تجد شبيهاً له. حاسته التهديفية لا مثيل لها، لكأن هذا الشاب خلق فقط لتسجيل الأهداف. لا يفرق إن كان في داخل منطقة الجزاء او خارجها، على الميمنة او على الميسرة، مواجهاً للمرمى أو كان ظهره له، في كل هذه الحالات يستطيع دك مرمى الخصوم بالأهداف. بلمحة واحدة ينهي المهمة. لا يمكن ان تقول إن فالكاو اليوم ليس في يومه، إذ بلدغة واحدة يصبح هو الحدث.
أهدافه تتحدث عن نفسها، لا حاجة لوصفها. بكلمة واحدة: خيالية. سرعة بديهته لا يوازيه فيها احد، إذ بجزء من الثانية يتخذ القرار الحاسم مذيلاً بتوقيعه الساحر. اسألوا دفاع اتلتيك بلباو في نهائي «يوروبا ليغ» الموسم الماضي عنه عندما التف بسرعة البرق في هدفه الثاني، ضارباً خط الدفاع بأكمله ومسدداً بقوة في الشباك.
أيضاً وأيضاً، فإن ميزة فالكاو تتمثل ببنيته الجسدية القوية وليونته غير الطبيعية، إذ لا يمكن استخلاص الكرة منه بسهولة او كسب المعركة الجسمانية معه، وهو إلى ذلك قادر على أن يطير عالياً للارتقاء للكرات الرأسية وان يفاجئ الخصوم بلعبة أكروباتية.
ما يميز فالكاو كذلك، هو ثقته العالية بنفسه. إذ إنه لا يهاب أي فريق يواجهه في الميدان مهما علا شأنه. هذا ما كان واضحاً وضوح الشمس في المباراة الاخيرة أمام تشلسي، اذ نجح «النمر» حيث فشل كثيرون في الموسم الماضي في دوري أبطال أوروبا في ضرب الدفاع الحديدي لـ«البلوز». قوة الشخصية والثقة بالنفس لدى فالكاو تتجليان أيضاً في التحدي الذي فاجأ به كثيرين قبل انطلاق الموسم، حين أكد أنه قادر على تخطي أرقام النجمين الارجنتيني ليونيل ميسي، لاعب برشلونة، والبرتغالي كريستيانو رونالدو، لاعب ريال مدريد، والحصول على جائزة الحذاء الذهلبي كأفضل هداف في الدوري الإسباني، حيث تحولت كلماته إلى أفعال سريعاً منذ المباراة أمام بلباو.
هذا هو فالكاو. تركيبة عجيبة في لاعب واحد. غريب كيف لم تبذل الأندية الكبرى الغالي والنفيس من أجل أن يكون لها الشرف في ان يرتدي فالكاو قميصها في سوق الانتقالات الصيفي الذي أقفل أبوابه. نعم، ليست الجملة مبالغاً فيها إطلاقاً، إزاء ما يقدمه هذا «النمر» والإشادات التي تنهال عليه من أسماء كبيرة في عالم الساحرة المستديرة. تيتو فيلانوفا المدرب الجديد لبرشلونة كال المديح لفالكاو، غير أنه اعتبر ان لا مكان لهذا المهاجم في تشكيلته بسبب عدم تناسبه مع خطة «البلاوغرانا». جملة ما كان ليتفوه بها جوسيب غوارديولا لو كان لا يزال على رأس برشلونة وقدمت له إدارة النادي هذه الجوهرة، ففالكاو يستأهل أن تبدل الخطط لتناسب أسلوب لعبه.
هذا هو فالكاو. يكفي فقط التوقف عند ما قاله النجم البرازيلي الشهير باولو روبرتو فالكاو قبل أيام: «أفتخر كثيراً بأن والد فالكاو غارسيا، اللاعب السابق، أطلق اسمي على ابنه. بالطبع، أفتخر بذلك. وتكون السعادة والفخر أكبر عندما يكون لهذا الشخص نفس المهنة أو العمل». فالكاو التاريخي يفتخر لأن فالكاو الحالي يحمل اسمه. نقطة على السطر. لا حاجة للمتابعة!



100 مليون يورو


في الوقت الذي أكد فيه ميغيل انخيل جيل، مالك حصة الاغلبية في أتلتيكو مدريد، تمسكه بفالكاو قائلاً للتلفزيون الإسباني: «لا يوجد سوى فالكاو واحد وهو لنا. إنه لاعب رائع ضمن الفريق. سنقاتل من أجل إبقائه ضمن صفوفنا»، فإن والد النجم الكولومبي لم يتوان عن تحديد سعر فالكاو حالياً وهو يبلغ 100 مليون يورو.
وكانت أندية تشلسي ومانشستر سيتي الإنكليزيان وإنجي ماخاشكالا الروسي أعربت عن اهتمامها بضم اللاعب.