بين المباراة التي خاضها باريس سان جيرمان وغريمه مرسيليا مساء الاحد في الدوري الفرنسي، وتلك التي سيخوضها قطبا «ليغ 1» غداً في دور الـ 16 لكأس فرنسا، هناك قاسم مشترك اسمه ديفيد بيكام، الذي اصبح في ظرف 15 دقيقة لعبها «لوغو» فريق العاصمة الفرنسية بدلاً من برج إيفل الشهير، واضاف اسمه الى الشعار الذي يرفعه دائماً المشجعون الباريسيون ليصبح «هنا باريس، هنا بيكام». الحقيقة ان المباراة القمة في الكرة الفرنسية التي احتضنها ملعب «بارك دي برانس» الاحد، لم تكن سوى منصة لتقديم بيكام الى الجماهير الباريسية. ففي الاسبوع الماضي قيل ان اللاعب غير جاهز بدنياً لخوض المباريات، وبالتأكيد هو لم يصبح جاهزاً لخوضها، والدليل ان مدربه الايطالي كارلو أنشيلوتي بدا متردداً لمنحه وقتاً طويلاً على ارض الملعب، اذ ارسله للقيام بعملية الإحماء في مستهل الشوط الثاني ثم استدعاه مجدداً للجلوس على مقاعد البدلاء قبل ان يدفع به في الدقائق الـ 15 الاخيرة.
ربما كان الامر مناورة لشدّ الانتباه الى ما يفعله بيكام، وخصوصاً بعدما بدا ان مخرج اللقاء اهتم بتحمية اللاعب اكثر من الاحداث على المستطيل الاخضر بفعل متابعته للنجم الانكليزي لدقائق عدة، تاركاً ما يحصل من اثارة بين لاعبي الفريقين.
الواقع انه لم يكن بإمكان أنشيلوتي إبقاء بيكام على مقاعد الاحتياط، فعنوان المباراة كان المناسبة الأفضل للظهور الاول لبيكام بقميص باريس سان جيرمان والكل حضر لهذا الغرض، اذ ليس هناك اكبر من مباراة «لو كلاسيك» (اي التقليدية) لاستخدامها منصة من اجل اطلاق الحملة الدعائية لفريق العاصمة. نعم هي حملة اعلامية - اعلانية مئة في المئة، اذ لم يعرف اي لاعب في سن الـ 37 الذي بلغه «بيكس» هذه الضجة او الهالة التي تحيط بالنجم الانكليزي، الذي تخطى سن الاعتزال منذ فترة ليست بقصيرة، اضافة الى انه ليس بمستوى بعض اللاعبين الموجودين في فريقه وخصوصاً اولئك الذين يلعبون في خط الوسط امثال البرازيلي لوكاس مورا او الارجنتيني خافيير باستوري...
لكن في نهاية المطاف هو بيكام الذي سينقل نادياً فرنسياً الى مستوى آخر، وهو الهدف الذي استُقدم من اجله اصلاً، اذ انه منذ انتقال نادي العاصمة الى كنف الرعاية القطرية، كان الهدف وضعه في مرتبة اخرى حيث لا يكون الكلام فيها على النتائج. وهنا الحديث عن تلوين اسم باريس سان جيرمان بشيء من اللمعان لتصبح شعبيته كتلك التي تحظى بها الاندية العالمية الكبرى، امثال برشلونة وريال مدريد الاسبانيين، ومانشستر يونايتد الانكليزي، وبايرن ميونيخ الالماني وغيرها.
وانطلاقاً من كل هذا، كانت الحملة الاعلامية كبيرة لمرافقة الحدث الذي يتمثّل بظهور الـ«سبايس بوي» للمرة الاولى بالقميص الباريسي، فخصّصت «كانال بلوس» كاميرا فقط لمتابعة تحركات بيكام ورصدها أينما ذهب، وصوّرت صحيفة «فرانس فوتبول» بيكام على انه الملاك في وجه شيطان هو مواطنه جوي بارتون الذي يدافع عن الوان مرسيليا...
وبطبيعة الحال، كان الكل حاضرين للتصفيق، وحتى احد عرابي الحضور القطري الى باريس الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي جلس الى جانب رئيس النادي ناصر الخليفي. كذلك، كان لا بدّ من جعل المهرجان كبيراً بالأسماء، فدُعي النجم الكاميروني صامويل إيتو، وافضل لاعب في العالم سابقاً البرازيلي رونالدو الذي استدعي لاستقبال زميله السابق في ريال مدريد الاسباني بدلاً من الذهاب لمتابعة «دربي الغضب» في ميلانو حيث لعب «الظاهرة» لفريقي المدينة ميلان وانتر ميلانو.
وكان لا بدّ ان يكتمل المشهد بوجود فيكتوريا بيكام، التي ظهرت على الشاشة اكثر من أنشيلوتي، وهي تعاني من البرد القارس في باريس بعدما تمتعت بشمس كاليفورنيا حيث قضى زوجها المواسم الاخيرة لاعباً مع لوس أنجلس غالاكسي.
اما الثواني الاخيرة في المباراة، فقد ظهّر فيها بيكام الصورة «الكليشيه» التي يريدها الباريسيون للترويج لناديهم على انه نادي النجوم، وذلك عندما قفز معانقاً النجم الاول في الفريق السويدي زلاتان إبراهيموفيتش اثر تسجيل الاخير الهدف الثاني. وهذه الصورة استخدمتها الصحف الفرنسية صباح أمس، وهي ستكون حاضرة في كل لحظة قبل انطلاق مباراة غدٍ حيث عاد بيكام ليكون حديث الجميع وسط الكلام عن انه قد يكون اساسياً بعدما ظهر بمستوى طيّب بتمريراته الـ 8 الصحيحة من اصل 12 مرة لمس فيها الكرة.
لكن بغض النظر عن مستوى بيكام، فإن الهدف يبقى المهمة الاساسية المتمثلة بزيادة شعبية النادي في آسيا، حيث يحظى اللاعب بعشقٍ كبير من قبل المشجعين، اضافة الى زيادة العائدات التسويقية والاعلانية. وهذا المشروع تسير به الإدارة الباريسية مهما كلّف الأمر، لذا ليس غريباً ما نشرته صحيفة «لو موند» أمس عن ان بيكام يعيش في جناحٍ خاص في فندق بريستول بكلفة 17 الف يورو في الليلة الواحدة.



مكسب للدوري الفرنسي

حتى لاعبو مرسيليا كانوا متأثرين بوجود ديفيد بيكام بينهم؛ إذ لم يتوانَ الدولي الفرنسي ماتيو فالبوينا في وصف النجم الإنكليزي باللاعب الرائع «الذي لم يخسر أي شيء من تقنيته المعروفة»، مضيفاً: «أعتقد أنه سيحمل الكثير من الفائدة إلى باريس سان جيرمان على أرض الملعب وخارجها. هو مهم لفريقه وأيضاً للدوري الفرنسي عموماً».